الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
تقديم بلا تصدّر! - عماد زيد
الساعة 14:50 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


مسؤولية كبيرة أن تُختار لكتابة مقدمة عن الشاعر الشهيد خليل المهنأ.. في كتاب قدمَّ فيه زملاؤه حزنهم كلٌ في طبق أشد طراوة.
أن تستحيل إلى وعاء يحوي أحزان الآخرين فلا شك أنك ستكون كملامح أم تستقبل خبر وفاة وليدها الأوحد.

 

بين يديَّ:
مقالات وقصائد، أصدقاء وفجائع، مراوح تثير الوجع من أقاصيه، وتقدمك كمنحدر وحيد لشلالات من الدمع.. ما أن تشرِع في الكتابة حتى ترتويك ملوحة ذلك الشلال.. وتحاصرك أصوات النائحات كمنعطف جبلي كُلف أمانة الصوت كصدى قسري لا يجيد امتصاص الفاجعة وأصواتها.. ستلتمس في صدرك مجالس من العزاء وأنت تقدم كتاب يتوزع في فصول ليس فيها ربيع.. كتاب فصوله ليست لرواية كتبها أحدهم أنما لراوٍ وحيد هو الحزن.. ولكُتّاب كُثرُ هم الفقد.

 

يبكون عزيزاً وينعون خليلاً ويوقدون مساءاتهم بالجراح.. بين قصيدة ومقالة ونعيٍ وغربة وجمرٍ وصقيع أتَّحدت جميعها كبرودة صريحة في مفاصل رجلٌ مسن .
أن تجعل منك شاشة تتجمع الأوجاع فيها بغية عرضها للآخرين أمرٌ يجعلك عرضة للأعين وأنت تكابد أنفاسك لإيصال ملاحم المأساة وتراجيديا البعد.. ستنزف ضياء روحك حتى تصل إلى منتهى القرب من مشهد الوصول.

 

أن تكون مسئولاً عن تقديم كتاب لم تقرأ صفحاته تجنباً للألم.. كمن يحرث أرضاً بلا حب.. ويعبد رباً لا دين له.. وينسى أمر الله.
هو العجز يا صديقي.. لا أستطيع في هذه المساحة الصغيرة استيضاح دهراً من البلاء لفقدان صديق أخذته فاصلة زمنية إلى عالم آخر هو فيه النعماء ونحن البلواء.
ليس كفراً بقضاء الله.. أنما كفراً بالتقاطع الزمني لأجل لم يحن اكتماله.. قتلوك يا صديقي وأنت تؤدي صلوات الله على رسوله. 

 

وأشعلوني كشعلة صغيرة تتلمس ليلٍ عظيم السواد.. شعلة صغيره يتآكلها الوقت ولا زالت في مبتدأ الطريق.. شعلة سيطفئها الدخان عما أسطر قريبة.. ستنطفئ كما انطفأت روحك المضيئة عن عالمنا الصغير.. لتضيء مساحة شاغرة تنتظرك في سماء الله.
سأعلن في هذه الورقة الغريبة عن مداد القهر عجزي عن التقديم لهذا الكتاب..
غريب أن يكون هناك كتاب بلا مقدمة.. كغياب بلا توديع.. ذلك الغياب هو حالنا معك.. حيث أخفيت علينا معراجك إلى السماء منتظراً منا: ما ستنبت الأرض من دموع باسقة الوميض وفارعة التأوه لأصدقاء تجمعوا في هذا الوادي الضيق كفقراء يلاحقهم جنود سلطان بغية خراج عامٍ لم يزرعوا فيه سوى الجوع ولم تمطرهم سمائهُ سوى أولئك الجند الذين يوشكون على إلقاء القبض على مجموعة فقراء في نهاية كتاب ملتف على بعضه كذلك الوادي الضيق ال يشبه ما تتلمسه اللحظة أيديكم من ورق بيضاء تساقطت من سياط الحاكم قبل سلخها عن أشجارها.. كما سلخنا غيابك عن سلوتنا.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً