الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قراءة في المجموعة القصصية (بين حب وحرب) - علي أحمد عبده قاسم
الساعة 14:19 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


عندما نتحدث عن القصة القصيرة جدا فأننا نتحدث عن فن سردي يعتمد على الإشتغال اللغوي والذكاء الذهني والإقتدار الكتابي من القاص والكاتب بإعتبار الفن فن سردي راق فيه التكثيف والإختزال والمباغتة والإدهاش 
 

 ومن خلال مطالعتي للمجموعة المشتركة (بين حب وحرب ) فالعنوان يفضي للتحدي رغم المحن والحروب فالمبدع يحمل الحب دائما بل هو مشعل الحب  فالحب حرب  من نوع آخر
 وسأبدأ بالقاصة إحسان الحداء فهي تقول "سلمت رأسي للحلاق ليحلق أفكاري " وتقول: "واستقرت آخر رصاصة سطر في رأس الكاتب 

 

 ولو تأملنا النصين فهما من ناحية العنونة نلاحظها أنها  مباشرة فالأولى مواطن حين تقول " سلكت رأسي للحلاق ليحلق أفكاري" فالعنوان الصائب هزيمة أو استسلام أو خضوع فالعنوان يختزل نسيج النص الداخلي وهو أداة جذب للمتلقي وفي النص الثاني عنوانه "صحفي " حين تقول "استقرت آخر رصاصة سطر في رأس الكاتب " فالعنوان الصائب مصير أو نضال أو  تضحية
 

 وبذلك كانت النصوص مكتملة سرديا تفتقر للعنونة الصحيحة وأيضا كان من نصوص الكاتبة ومضات تفتقر للمعايير حين قالت:( أوشكت الكتابة ان تبيض. يضيع القلم في كومة قش) فهذه ومضة تفتقر للمعايير الصحيحة والصواب في صياغتها " اوشكت الكتابة " تبيض؛ ضاع القلم في كومة قش".


 واذا انتقلنا الى الخنساء علي ناصر مجلي سآخذ نصها الرائع أولاد والذي يقول "عدد بنات صلاح النجار في تزايد مستمر فإصراره العجيب على الحصول على عمود البيت لن يتوقف " هذا النص قصة قصيرة جدا امتلكت التلميح حيث أنها لم تقل ان الوالد يحتاج الى الولد ولكنها ذكرت البنات وتزايدهن المستمر وخلقت مفارقة بالبحث عن البيت الذي هو الولد ولمحت لذلك تلميحا بأسلوب لغوي عميق ورمزت للولد بعمود البيت وبهذا امتلك النص المفارقة والتلميح والفكرة والهدف من النص.
 

 واذا انتقلنا الى نصها رجولة حيث تقول " يرفض نطق كلمة أحبك لزوجته خوفا من أن تضيع رجولته وتتكسر هيبته. وقالها لامرأة عابرة في حياته تجديدا لشبابه وقوة لهيبته " العنوان جاء ساخرا متهكما من الرجولة التي توزع مشاعرها المزيفة على غير مستحقيها من الأسرة والأهل فكانت الرجولة لا رجولة وبذلك اختزل النص قضية أجتماعية كبرى بالفاظ  قليلة وتمكن أن  يعكس ذلك بسخرية لاذعة والتقاطة ذكية بطريقة ساخرة يرفض ان ينطق( كلمة احبك لزوجته )
 

 اما القاصة إيمان العزي فإنها لم تكتب قصة وإنما كتبت خبرا مطابقا للواقع ولم تضف شيئا ولم تبتكر جديدا " وكأنه سوبرمان أو أحد الأبطال الخياليين حين اقترب بدراجته النارية وبأقصى سرعته في الطريق نحو أولئك النساء لم يكن بطلهن المنقذ بل لص حقائب " أليس هذا الحدث يحدث في الواقع كل يوم فما الذي أضافته وما الذي ابتكرت فالقصة القصيرة جدا ليست خبرا مطابقا للواقع وليست وصفالحادثة بل هي إدهاش ومفارقة والإدهاش هو أن نأتي بما لا يتوقعه القارئ فيهز مشاعرة والعنوان مفضوح ومباشر "محترف " ونصها الذي يلي لا يختلف عن الأول فهو خبر لحادثة وعنوانه مفضوح ومباشر وكاشف غير ملمح "خرف"  " أتكأ على عصاه وعيناه محاطة بالتجاعيد تطاردان الفتيات المارات بالقرب منه " هذ خبر مطابق للواقع يحدث كل يوم ونراه متكررا والعمل الإبداعي إضافة وتجديد 
 

أما الشاعر والقاص زاهر حبيب فإنه أتى  ومضات في بعض  ما كتب ومن ذلك نصه ذات حنين حيث يقول " رسم امه. احتضنته اللوحة "  هذه ومضة مكتملة وليست قصة قصيرة جدا فالومضة عبارة عن طرفين متناقضين متصارعين يفضيان الى إدهاش القارئ وهز مشاعره والومضة تقترب من الحكمة وتتكون من ثمان كلمات وأقلها كلمتين لا غير لذلك نص زاهر حبيب امتلك الادهاش والمباغتة والمفارقة باعتباره ومضة وليس قصة قصيرة جدا فنلاحظ الادهاش الصادم في " احتضنته اللوحة " والعنوان موفق لحد بعيد ذات حنين.

 
 ومن النصوص التي نالت إعجابي نوعا ما هي نصوص شيماء صالح با سيد حيث تقول في نصها خطيئة : " كان الفقر هو الخطأ الوحيد الذي لم ترتكبه عمدا ومن يومها تجمهرت الأخطاء في شرايينها تباعا أدمنت الليل ولم يلح أمل للعودة والبدء من جديد " القصة ترسم تبعات الفقر الذي يفضي إلى بيع الذات والمتاجرة بالجسد إلا أن النص فيه عيبيان:
 

1-العنوان كان كاشفا ومفضوحا (خطيئة) حيث فضحت مضمون النص 2-أشارت بمباشرة وتقريرية حين قالت أصبحت فتاة هوى إلا أنها استطاعت أن تخلق مفارقة وإدهاش ولغتها جذابه وسردها ممتع 
 

ومن النصوص المرمزة نص الأستاذ عبدالله أحمد حسين  " عاش منعما في غرفة المجاري أسفل الشارع ..... حدثته نفسة بالخروج إلى الأعلى حيث النور والحياة فكان ضحية لأول عجلة " النص مرمز فالصرصور هنا رمز لكل حقير يتطاول ولا يقتنع بما هو له وأيضا الصرصور ذلك الكائن القذر الممرض فالنص فيه حالات لتفاوت المستويات والطبقات وفيه رؤية خاصة لكل من لا يقدر نفسة ويضع نفسه في مكانها.
 

أما القاصة غدير الخاوي ففي نصها أجرة تقول: "لأنه أحبني كثيرا خبأني في محفظته أستقل سيارة أجرة وعندما غادرها دفع بي الثمن " هنا القاصة تتحدث عن علاقة الرجل بالمرأة وأنها دائما في مستوى التهميش وسيطرة الذكورة فالرجل لا يأبه ان يدفع بها أجرة تاكسي لا أكثر فالنص مختزل ومكثف يختزل قضية الرجل والمرأة بتكثيف عميق وادهاش ملفت ومفتوح في آفاق التأويل.

 
 أما القاصة سلمى الخيواني ففي قصصها القصيرة جدا غالبا ما تأتي بأخبار وليست قصص قصيرة جدا ففي هذا النص تحكي وتسرد عقدتها من الأكل اما لسبب مرضي او لسبب التخمة أو لعدم مهارة الطبخ  أو لحالة نفسية تعاني منهاويتضح ذلك من خلال العنوان عقدة فالعقدة هنا تحكي حالة نفسية بعلاقتها بالأكل فما دخل المتلقي بخبرها الشخصي فالنص يقول" عندما أصبحت ثلاجة مطبخي تكتظ بالأطعمة , كنت قد اعتدت النوم وبطني خاوية " اليس هذا خبرا " اعتدت النوم وبطني خاوية"
وكأنها تقول أنا نمت اليوم بدون عشاء والثلاجة ممتلأة بالأكل.

 

وفي الأخير
 

-المجموعة هامة جدا بوصفها جمعت كتاب من محافظات الجمهورية 
-المجموعة جاءت بنصوص قصيرة جدا وهذا فن سردي جدبد وجرئ يعبر عن منافسة المبدع لغيره.
مهما كان فيها من قصور.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً