- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- تقرير بحثي يحصر الأضرار الاقتصادية للسيول في اليمن
- المبعوث الأممي يتهم الحوثي بتهديد الملاحة وإعاقة جهود السلام
- مقتل طالبتين وإصابة 14 أخريات في انفجار قاعدة عسكرية حوثية في تعز
- فساد الحوثي.. تغريم مواطن مبلغ باهض والسبب!
- طبيب الأسنان مأمون الدلالي ينال درجة الماجستير من جامعة العلوم والتكنولوجيا
- قرية "الوعل" مسلسل درامي يعرض في رمضان
- الجالية اليمنية في مصر ترفض تعيينات السفير بحاح هيئة إدارية ورقابية دون إجراء انتخابات
- سفير اليمن لدى اليابان يبحث مع مسئولي شركة ميتسوبيشي سبل تعزيز الشراكة التجارية
- مبادرة استعادة ترحب بقرارات محكمة الأموال العامة بإدانة عدد من البنوك اليمنية
- مبادرة استعادة تكشف عن عدد من شركات الصرافة الحوثية ضمن الشبكة المالية الإيرانية
- «سلّم لي عليها، وبوّس لي عينيها» قالت لي فيروز، شقيقتي الصغرى من صنعاء حين أخبرتها باقتراب موعد لقائي بفيروز. كان لا بد من القيام بذلك الاتصال الهاتفي في محاولة لقتل الوقت المتبقي على تمام لحظة اللقاء تلك. اللحظة التي قضيت عُمراً على أمل تحققها، وقد صارت الآن بين يديّ.
- و«قَرّب الموعد، والشوق اكتمل». أتى النهار الذي في نهايته سأرى فيروز. كان عليّ التوقف عن عدّ الدقائق لأني لو فعلت، فلن تنتهي. قلت: سأقف على رصيف أحبّه أمام بحر بيروت وأتأمل حركة القوارب الآتية والذاهبة وهي طريقة جيدة لتمرير الوقت الذي يرفض أن يذهب. مع ذلك، سيذهب، لا بد من أن يذهب مثل كل الوقت الذي مضى منذ لحظة إعلان السيّدة عن حفلاتها وصولاً إلى هذه اللحظات التي تفصلني عنها. كما هناك حيلة لقتل الوقت أفعلها عادة من أجل تقريب موعد مُشتهى وسحبه إلى مقربة منيّ، أن أفعل دندنة بيني وبين حالي لـ «كرم العلالي»، أنشدها بصوت خفيض لا يسمعه غيري و«ع الدرب الطويلي ودّاني الهوى، بإيدو وميلّي تانمشي سوا». لكن هنا لم أقدر على إبقاء صوتي خافتاً ورفعته، لا يليق بهذا المساء كل تلك الخفة لتي أفعلها وقد قطعت مشواراً طويلاً من صنعاء إلى هنا بهدف تحقيقه. ورفعت صوتي «ع النهر التقينا وماقلنا لحدا، وتركنا عينينا تحكي ع الهدا». انتبهت هنا لفكرة الـ «هدا» الذي تحكي عنه فيروز. للمرة الأولى أنتبه له وقد مرّ عُمر على هذه الأغنية معي. كأنها رسالة سريّة منها أن أبقى على ذلك الـ «هدا» وأن لا أفعل شيئاً له أن يجرح قلب اللحظات القادمة.
- ونحن في الطريق إلى فيروز، قالت رفيقتي «رح تشتيّ»، يعني أنها ستُمطر في الطريق، السماء ستُمطر، فخاطبتها أن لا مطر لدينا في صنعاء في الشتاء، فأمطارنا صيفية ومع ذلك لا نقول إنها «ستُصيّف». لهجتنا اليمنية وديعة أيضاً وأنيقة ويُعجبني الحديث بها، لكن الفارق بين لهجتكم ولهجتنا أنه لديكم فيروز التي استطاعت تطرية هذه اللهجة وتليينها كما تليين كل شيء وجعله قريباً من القلب. ونضحك، رفيقتي وأنا، كل هذا في محاولة لتليين ذلك الطريق الذي ظهر طويلاً للغاية على غير عادته.
- «لن يكون هناك بكاء» قلت لنفسي متقمصاً شكل رجل تافه يخجل من البكاء أمام الآخرين خشية خدش رجولته المُفترضة. كان ذلك قبل لحظات من ظهور «السيّدة» على المسرح. ونسيت وعدي. ما أن ظهرت وقالت «مسيتكم بالخير يا جيران» حتى أصابني صمت الدنيا، بلا حركة بقيت ولا حتى رمشة عين. لكن بكيت ونزلت دموع كثيرة على خدي. لقد سمعتُ كأن فيروز تقول «مسيتكم بالخير يا جبران». لقد أتت خصيصاً لي إذاً وتغني لي وحدي. «مسيتك بالخير يا أيها اليمني الذي أتى من بعيد لسماعي». هكذا سمعها قلبي وآمنت بما سمعت كما بقيت أحكي بعد ذلك للناس كيف أنها غنّت لي وحدي احتراماً وتقديراً من جهتها لذلك السفر الطويل الذي فعلته أنا من أجل عينيها.
- واستمّرت السيّدة في غنائها وطارت كأنها انتهت من كل مواعيد الدنيا وتفرغت لنا، أو لي وحدي بالطريقة التي آمنت بها. كنت بحاجة لذلك الإيمان وفي ذلك الوقت على وجه التحديد حيث كنت حينها ضائعاً وبلا أمل. كأن صوتها هو تلك اليد التي هبطت لتنقذ عاشقاً من غرقه. كأن صوتها، في تلك اللحظة، مثل راية انقاذ وضعت على قمة جبل، مهمتها إرشاد الناس المكسورة قلوبهم وقد أضاعوا طريقهم ولم يعودوا قادرين على الرجوع إلى منازلهم.
لكن على العكس من ذلك، من يومها بقيت في بيروت ولم أعد إلى البيت.
منقول من صحيفة الأخبار...
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر