- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
- يا ألهي . كم هي صغيرة هذه الحياة ؟
سرعان ما تجد نفسك في فلك لا متناه تدور ، تدور ضائعاً ، ضائع فيه رغم كل محاولاتك للخلاص منه . فجأة ! تخطفك مصيدة شباكها من حديد ، تصيدك رغم أنفك ، تقيدك ، كما تقيد خيوط نسيج شباك العنكبوت ، تشعر حينها بأنك لا شيء ، وشيئاً فشيئاً تدنو منيتك منك ، قالها شهريار ، وهو ينظر من شرفة قصره المطل على أحد شوارع بغداد ، تنهد ، وقال كأنه يتنبأ بشيء خرافي :-
- ما أروع أن يكون البشر كائنات خرافية عملاقة . . . لفضلت أن أكون فراشة .
ابتسم ، ونظر إلى أعلى ، وجد السماء ، سماء بغداد صافية ، صافية وهادئة ، هادئة رغم كل الدخان القادم إليها ، والذي يطوف حولها بشكل دائري حتى يرتفع إلى ما فوفقها ، يحجب عنها الشمس ، ويلف سمائها الساكنة بعباءته السوداء ، يلفها بمهارة ، ويظل يتجول في شوارعها الأنيسة ، شارعاً شارع ، أبي نواس ، السعدون ، الجمهورية ، الرشيد من الباب الشرقي حتى باب المعظم ، المتنبي ، غازي ، عشرين المغرب ، حيفا ، محمد القاسم ، وشارع البنات – شارع النهر ، يحوم ، يحوم ملتفاً لافاً كل شيء وكأن هذا الدخان الغريب عن جسدها البغدادي البض الطازج النظر يريد ابتلاعها ، ابتلاع جسد دار السلام كلها ، ابتلاع حياتها ، حياتنا كلها بلقمة واحدة ، أضاف شهريار بصوت مسموع :-
- إما أن أكون فراشة وكل البغداديين من حولي ورود . جاءه صوت من الغرفة المجاورة لشرفته ، صوت نسائي خلاب تكحل بحة بغدادية عذبة ، معقباً " الصوت " بمزاج لاذع على كلام الأمير :-
- شهريار ! أنت فراشة وأنا زهرتك ، زهرتك التي تمتص منها رحيقاً عذباً عسلاً رائقاً . أتسمعني؟
أجابها ، والأمل يمازج نبرة صوته :-
- نعم . أسمعك يا شهرزاد ، فإن ما في ممتلئ بنورك ، ما بي يستمد نوره من رحيق ضياء محبتك الذي يشع من خدودك البيض التي تشبه شمس بغداد . . . شهرزاد . يا حبيبتي . يا بغدادي أنت . كل ما في أنت .
يسمع رقرقة ضحكتها ممزوجة مع صداح فيروز ، يستطرد قائلاً :-
- يا بغدادي . يا دار سلامي . يا شهرزادي . صار كل ما أعيشه مأساة ، مأساة حقيقة ، كابوس ، كابوس أسود ، ك . . .
قاطعته قائلة :-
- ما بك يا سلامي ؟
أبتسم شهريار بأسى ، وسرح محدقاً أمامه في خراب بغداد ، بغداده التي كثر فيها السلب والنهب والاقتتال والازدحام والضجيج والخوف والذبح والمفخخات واللاصقات والكواتم ، والاحتراب والأحزاب . صار يرى بغداد خربة ، بلا سلام ، سلامها الذي يرفرف في قلوب أهلها ، فيجيبها قائلاً بمرارة :-
- غربة . أنه الإحساس بالغربة ، ما أعيشه – الآن – يا شهرزادي . غربتي .
قالها شهريار بلوعة وبكى :-
- نحن غرباء .
- رغم كل هذا المجد ، ومع كل هذه الكبرياء ، أجد نفسي غريباً ، أشعر بالغربة ، وأشد ساعات حياتي غربة تلك التي أكون فيها مع ناسي ، وأهلي ، وداخل بغداد ، بغداد عاصمتي ومدينتي . لذا . تمنيت لو كنت فراشة ، فراشة تطير بأرتعاشات عشوائية راقصة من زهرة إلى زهرة ، ومن حديقة لأخرى ، كفراشة أذهب صوب الضوء ، ضوء الحياة ، حياتنا البغدادية الساحرة .
ينظر شهريار ناحية السماء ، سماء دار السلام ، ليقول :-
- نحن فراشات غريبة تبكي بصمت عندما انطفأت كل شموس بغداد بغتة ، وكأن هذه الشموس شموعاً لأرواحنا . . .
قاطعته شهرزاد بمودة :-
- أنا فراشتك التي عزفت على أوتار قيثارتها أعذب ألحانك الحية . ألحاناً حيةً خالدة . . .
قاطعها معلقاً بأسف :-
- ألحاناً حزينةً دوماً .
عارضته بمرح :-
- بدون حزنك يا شهريار الحياة نموت ، نذبل ، نذوي . . .
قاطعها معقباً بحدة :-
- شهرزاد . ما نعيشه وتعيشه بغداد الآن عزف نشاز لحصاد ما زرعت . نعيش حصاد كل ما زرعناه في حياتنا الماضية .
تصغي شهرزاد بانتباه كبير :-
- حزننا الذي يسكننا منذ زمن بعيد جاء الآن ليحصدنا ، يحصدني ، يحصد كل ما بنيت ، كل أماني وطموحاتي .
تعقب شهرزاد بجدية :-
- حقاً . كأننا فراشات غريبة ترقص على ضوء شمعة القدر ، قدرنا ، قدرنا العراقي ، نرقص غرباء غربتنا فوق لهيب حياتنا الحزينة . نرقص حزانى غربتنا عن بعضنا . . .
يقاطعها شهريار بسؤال قاطع باتر مثل منجل حاد بيد القدر الجادة في حصدنا زراعاً :-
- أتشعرين بالغربة مني يا شهرزاد ؟
أجابته إجابة باترة حازمة صادقة صادمة مثل منجل القدر وقد جمعت كل خساراتها وأحزانها وفقداناتها وغربتها وهي تنظر بعينين بغداديتين حلوتين صوب بغداد بدجلتها ، دجلة الذي يمر من أمام شرفتهما هادراً بالخير :-
- نعم .
لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا
لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر