الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أسامة الذاري.. حاكمية النص الأجمل - إبراهيم طلحة
الساعة 13:08 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


أتذكر أنّ صديقي الجميل أسامة الذاري كان من أوائل الناس الذين عرفت من خلالهم معنى أن تكون البديل الوحيد لنفسك والقرار الأنسب لها، في زمن ازدحام البدائل والقرارات وتبدلها.
 

أسامة بنقائه وذكائه وبديهته استطاع التأثير كثيرًا على أقرانه الذين يكبرونه سنًّا فضلاً عن الذين يصغرونه، لدرجة أنه جعل الكثير منهم يكره الحاكمية السياسية وملحقاتها من أنواع الحاكمية الدينية والاجتماعية والتعليمية... النمطية؛ بمقابل أن نتبادل الحب الصادق مع النص الأدبي الجميل، الصادق أو الكاذب!! 
 

لأسامة كاريزما خاصة؛ فهو يشاركك النكتة والفكرة والضحكة والدمعة ووجهة النظر ووجهة النظر من زاوية ثانية.. باختصار هو لا يأبه لما بين الزملاء من تقاطعات ولا تقاطعات، وعثرات أو "نثرات" بقدر ما يهمه الارتهان لكيان الإنسان الكامن فيه. هو "رهن مخاوفه" منذ مسافاته "المتقاطعة" الكلمات في ديوانه الأول وإلى ما بعده من متواليات الحزن والفرح، غير سائر إلى ما سوى عتبات صدمة النص الجميل؛ فلا حاكمية عنده في العمل الأدبي لما سوى النص الأجمل.
 

ولو تتبعنا نصوصه النثرية - في الغالب - أو ذات التفعيلة الشطرية أحيانًا، لرأينا أنه لا يكتب الكلام الشاعري المجرد من الكلام الشاعري.. ليست الكتابة الأدبية عنده النظم الخامل أو الكلام الفارغ.. لا، أبدًا.. هو يكتب أجمل الكتابات نثرًا ويشعرك بأنك تستمع إلى أجمل موسيقى وأعذبها.. كلمات ليست كالكلمات، وشعر ليس رصف جُمَل وعبارات.. أنا شخصيًّا أشعر مع كتاباته النثرية بما لا أشعر به وأنا أقرأ لكُتَّاب قصيدة النثر الكبار الذين ضخمناهم بفعل آلات الاشتغال الإعلامي وعوامل الدعاية الجماهيرية.
 

قصيدة النثر التي يكتبها أسامة الذاري هي أغنية وهي مجموعة قصصية وديوان شِعر في وقت واحد.
ربما التدليل على كلامي هذا حول الشاعر وتجربته المسؤولة منذ أول عهده بتراتيب وتدابير الكتابة المسؤولة والتي ابتدأها في مرحلة مبكرة من عمره الإبداعي لن يوصل إلى القارئ الكريم مضمون كل ما أنا بصدده من التفاتات إلى روائع الدُّر "المنثور" بين يدينا مما خطته يد صديقنا الشاعر أسامة الذاري، ليبقى فينا حاضرًا رغم مسافات الغياب والغربة التي أخذت الشاعر عنا في السنوات الأخيرة؛ فلكأنه يقول لنا بطريقته: يمكن أن يغيب أحدهم عن العين ولا يغيب عن القلب.. وهو ما يحصل بالفعل حينما يخطر بباله أنه خطر على بالنا ونحن على أهبة الاشتياق لأجمل لحظاتنا التي كانت أو التي يحق لنا أن نتخيل أنها سوف تكون.

 

هذه واحدة من روائعه:
"""

 

منذ أن وعيت وأنا أحاول رسم مستقبلي
مرةً بأغنية مسلسل كرتوني
مرةً بطبشور مدرِّسي العصبي
حاولت أن أرسم مستقبلي مرّةً
بضفائر جارتي التي علمتني كيف أبلغ الرشد
منذ أن كنت في العاشرة بقبلاتها الحارة
فلم أفلح إلا في البلوغ....!!
حاولت كثيرًا رسم المستقبل
استخدمت الكثير من الطباشير
الكثير من تنانير بنات المدرسة المجاورة..
استخدمت ضحكة هادئة، حكاية مروعة..
استخدمت الزيت، الماء، الرمل...
فلم أستطع رسم مستقبل ما يخصّني..
كنت أرسم عرائس هشّة،
وقصصًا بدون خصيّ!
وفراديس معطلة...
وأخيرًا نجحت
بمسدس!!!

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً