الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
اليمن بين البناء الكويتي والهدم السعودي!! - زيد الفقيه
الساعة 11:23 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 


حين تجوب ذاكرة المواطن اليماني في سنوات عمره متأملاً مواقف دول الجوار نحوه ، تجد أن ثمَّة دولتين عربيتين تقفان على طرفي نقيض من اليمن ، والذاكرة اليمنية تحمل الذكرى العطرة والفضل الجميل لدولة الكويت الشقيقة ، إذ يسير المواطن في اليمن على شوارع المدن والقرى فيجد مآثر ومعالم الشقيقة الكويت على نواصيها وضفافها من : مدارس ، ومستشفيات ، ومعاهد ، وجامعات ، فمنذ أواخر ستينيات القرن الماضي والكويت تمد يد العون والمساعدة لليمن بكل سخاء ودون منِّة منها ، استشعاراً منها للأخوة العربية والإسلامية ، فكل ما أنجزته الكويت للشعب اليمني بكامله يحمل عبارة صغيرة واحدة تقول :(هدية الكويت للشعب اليمني الشقيق) هذه العبارة تحفر حب  دولة الكويت وحكامها في وجدان كل مواطن يماني ، وهي دلالة على أن الكويت كانت توجِّه دعمها لكل فرد في اليمن دون انتقاء ، من خلال إيجاد أعمال تنموية تلامس النهوض باليمن .على نقيض ذلك تقف ذاكرة اليماني تجاه السعودية ، فهذه السنوات تحمل ذاكرة مثقلة بالهدم والتخريب وشراء ذمم العملاء في سبيل تجنيدهم لتخريب اليمن عند الحاجة ، فمنذ قيام دولة آل سعود في شبه الجزيرة العربية وهي تحارب اليمن بكل وسائل الحرب القذرة ، فقد دعمت الأدريسي في المخلاف السليماني لمحاربة حاكم اليمن آن ذاك واشترت المرتزق (مبخوت الأحمر) لمحاربة الإمام يحيى مع الإدريسي ، ولا تزال الذاكرة اليمنية تحتفظ بمقولته الشهيرة الدالة على الارتزاق حين أُسر واقتاد إلى الإمام فعاتبه قائلاً :" الله المستعان عليك يا شيخ مبخوت تحارب بلدك وإمامك مع الإدريسي ! فقال : يا مولاي أنت إمام المذهب والإدريسي إمام الذهب" وفرك أصبعه الكبيرة بالسبابة أمام الإمام ، ثم في حربها ضد اليمن عام 1934م ، وشراء المرتزقة لمساعدتها للوصول إلى الحديدة ، وكذلك قتل الحجاج اليمنيين بالجملة وهم في طريقهم إلى بيت الله الحرام ، وحين جاءت ثورة الشعب اليمني وقيام الجمهورية عام 1962م وقفت السعودية ضد مصالح الشعب اليمني ، بدءاً من دعم الحكم الإمامي بعد الثورة وحصار صنعاء في السبعين يوماً ، وقتل الزعيم (إبراهيم الحمدي ) ووقوفها ضد انضمام اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي عام 1988م حين كانت قاب قوسين من هذا الانضمام بدعم دولة الكويت وبقية دول المجلس،وفي عام 1990م عقب غزو العراق للكويت كان الشعب اليمني رافضاً لذلك الغزو غير مؤيد له ، وخرجت في نفس اليوم واليوم التالي مظاهرات ضد هذا الغزو ، اتجهت هذه المظاهرة إلى السفارة العراقية وهي تندد وترفض ذلك الغزو ، لكن السعودية عملت على دفع اليمنيين للوقوف مع العراق من خلال طردها للمغتربين اليمنيين وحملهم من شوارع المدن والقرى السعودية بثيابهم فقط إلى مطار صنعاء ، مما دفعهم للتظاهر ضد السعودية ودخول الأساطيل الغربية إلى المنطقة ، ومن هنا فإن السعودية اتخذت من طردها لليمنيين المغتربين وسيلة للتنكيل بالشعب ، لتظهر أن هذا الشعب العظيم والحضاري شعب جاحد للجميل وأنها هي البلد الوحيد المدافع عن دول الخليج  ـ والأمر والله ليس كذلك ـ وإن كان فيه من المرتزقة الذين لا يرون الوطن إلا بقرةً حلوباً ، وحتى اليوم وهي تشتري ذمم ضعفاء النفوس من المشايخ والمرتزقة لتضيِّق الخناق على المواطن في اليمن ، ليستسلم لها ويركع ، لكنه أبى أن يطأطئ رأسه لغير خالقه ورازقه . والغريب أن هذا التاريخ في ذاكرة اليمنيين لا يذكر سوى شيئاً واحدا هو أن السعودية تعتقد أنها بالمال وحدة تستطيع أن تحقق كل شي ! ولم تتعلَّم من أخطائها السابقة في حصار السبعين ، وعام 90م فقد عمدت في الفترة الأخيرة قبل حربها الظالمة على اليمن إلى طرد اليمنيين العاملين هناك على شاحنات إلى الحدود عبر محافظة صعدة  بنفس طريقة عام 90م ولأنهم لم يجدوا سُبلاً للعيش فقد تلقفهم الحوثي ـ مشكورا ـ بكل ترحاب واستوعبهم ، ووجدوا عنده ما يتطلعون إليه ، نتيجة لفعل الطرد السعودي المشين ، فكان من الطبيعي أن يكونوا في صفوف مقاتليه ، فهل أن الأوان بعد هذا العدوان السافر الذي ما فتئ أن يجعل المملكة أضحوكة للعالم أن تغير من سياستها ، فتمد يد الخير إليه وأن تعامله معاملة الند ، وأن تعي أن تكون مع الشعب لا مع حفنة من المرتزقة الذين لا يهمهم سوى حَلْبِ خزينة المملكة ، فلوا كانت تلك المملكة قد عملت بِنْية تحتية وفتحت المجال للاستثمارات المالية السعودية في اليمن ، وعملت كما عملت الكويت، فلن تجد في صفوف أهل اليمن ، من يبحث عن البندقية لتكون وسيلة للترزُّق لأنه شعب حضاري يتكأ على إرث حضاري يمنعه عن التوسل بضرائر الأمور ، وتوافهها . وأن تتخذ من الكويت بدعمها لليمن أنموذجاً يحتذى به ؟ تحية عطرة لدولة الكويت التي تعلمنا في مدارسها وجامعتها منذ المرحلة الابتدائية حتى الدكتوراه  ـ إن شاء الله ـ . اللهَّم بلَّغنا اللهَّم فأشهد .         

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً