الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
البحث عن الذات من خلال الواحد - سامي الشاطبي
الساعة 19:03 (الرأي برس - أدب وثقافة)

الوجود..الخلق..المسائل التقليدية في المجتمع..ثلاث ركائز أقام عليها طلال أعمدة روايته، منطلقاً من خلالها إِلَى لبّ القضية الأساسية والمتمثّلة في كسر كل ما تقليدي ومدمّر للبشرية بلغة خيالية..في سؤال يتنطع مباشرة..هل يمكن للغة الخيال أن تطرح قضايا واقعية كالوجود والخلق وكل ما هو تقليد في وسط مجتمع كثير من أفراده يتباهون بكل ما هو تقليدي ولو على قطع رؤوسهم؟! 
 

في رواية الواحد ..الإجابة ممكنة ..وممكنة جدا!
 

الفلسفة تعالج الرواية:
 

اكتسب طلال في روايته القضية وعلى ضوءها شرع في التحضير لتقديمها للقارئ وعند التحضير أضاف اهتمامه بعلوم النفس مسحة إبداعية عليها..ولإضافة عنصري الإبهار والدهشة عاكس تيار الراويات الجارف، والذي تتسم لغته بالشعرية اعتنى بجانبي الحبكة والصورة ..لندخل إِلَى صلب الرواية!
 

الأسطورة تعود من جديد:
 

في الواحد..قراءة مغايرة وربما مختلفة لأسطورة الخلق..الذكاء في اختيار اللغة يعبر عن حذق..فهو يكسر السائد والمألوف والمحرم إن جاز التعبير عن الخلق بلغة خيالية تعجز التقليدين!
وموجز الرواية تتمثل في نهوض البطل الذي يعيش في بريطانيا وتحديداً لندن في بلد غير بلده بريطانيا ووسط عائلة غير عائلته..يصدم البطل لتلك المتغيرات ..يبحث عن ذاته..عنه..عن بلده..عن عائلته..تزيد اللغة الخيالية من حدة الصراع القائم بين البطل وذاته الباحثة عنه!..تتطور العملية لدى البطل فيصير قضية البحث عن ذاته مجرد فعل هامشي في قضية كبرى تتمثل في البحث عن حقيقة الوجود! 

 

(هو شخص يدعى "جاك", من عائلة بريطانية , تفاجأت عائلته في صباح يوم الاثنين بأنه تحول إِلَى شخص آخر تماماً , ويدعي أنه شخص عربي من اليمن , ويطلق على نفسه اسم إبراهيم , ويدّعي أشياء كثيرة لا تنتمي بشيء إِلَى عائلته البريطانية، أو حَتَّى إِلَى بريطانيا, وقد عاينته اليوم في الصباح وكَانَ يبدو غريباً فعلاً)
 

حقائق عجيبة:
مفارقات عجيبة تحدث منذ بدء بحث البطل عن ذاته وتتواصل مروراً بالبحث عن حقيقة الوجود..خلال صفحات البحث تلك تقذف بك الرواية إِلَى عوالم أخرى تحدث فيها أفعال وسلوكيات ومعتقدات ليست -وفقا للمنطق الإنساني تقليدية كعالمنا التقليدي هذا-، بل حقائق منطقية وطبيعية، ولَكنَّ دعاة الجهل والقوى المتخلفة جعلته طيلة الألف والخمس مائة العام الماضية عملا إجراميا يستحق النفي!
الزمن في رواية الواحد غير ثابت..لَكنَّ لا الثبات هَذِه ليست سوى مؤشر إِلَى أننا نعيش حقاً في عالم مهزوز ومتناقض وصادم إِلَى حد لا يطاق!

 

عالم جسدته الرواية في المقطع التالي بكثير من الحزن والألم (شَيْءُ مَا يشعرني بالخواء وكأنّي أكثر فراغاً حَتَّى من بالونة, أحياناً أشعر بوجودي..أسحب خيطاً خفياً، حَتَّى يستحيل العالم إِلَى عدم أو يصبح له وجهاً آخرا)
 

إعادة بناء الكون:
تعتبر رواية (الواحد) رواية مغمّسة بالفلسفة الانسانية ومطعّمة بالحكمة التي تتخلل الكثير من سطورها، والتي هي نتاج تأثّر الكاتب كما هو بادي بعلوم النفس ..تبني وسط هَذَا الخراب رؤية مبتكرة لإعادة بناء الكون! 
لكنّ ..هل ثمة أحد في عالمنا المتخلّف هذا من يستمع لنداء الرواية..هل في الجوار من يقدر على السير إلى عالم طلال قاسم والعيش كإنسان إنسان وليس إنسان مؤنسن وفق تلك الرؤى المزيّفة ولو للحظات..حاليا ..لا إجابة واضحة..لكنّ الرواية وان لم يُستجاب لندائها الآن، فقد يستجاب لندائها غداً، وهذا ربما ما سيحدث مستقبلاَ!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً