السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
معركة تحرير يافع... اتفاقات هشة وحرب طويلة
الساعة 19:05 (الرأي برس - عربي )

اكتنفت حالة من الغموض سير الحملة العسكرية التي وجهها "التحالف العربي"، الأحد الماضي، باتجاه بلدات مديرية يافع التابعة لمحافظة لحج (جنوب اليمن) لتطهيرها من عناصر مسلحة تقول قيادة "الحزام الأمني" بأنها تنتمي لتنظيمي "الدولة الإسلامية" و"قاعدة الجهاد في جزيرة العرب".
وبدأ "التحالف العربي"، أمس، استخدام الضربات الجوية مستهدفاً مواقع يعتقد بأن مسلحين مفترضين من "القاعدة" يتمترسون فيها في محيط جبل العر الاستراتيجي.


إلا أن الخسائر الكبيرة التي منيّت بها الكتيبة العسكرية التابعة لـ"لواء الحزم" والتي أرسلت من محافظة عدن حيث مقر قيادة قوات "الحزام الأمني" المدعوم من دول "التحالف"، أضفت المزيد من الضبابية والتعقيد على مسار الحملة العسكرية وأولوياتها، وشككت من القدرة على تحقيق نصر حاسم على الأرض، وبدأ البعض يطرح تساؤلات مشروعة حول علاقة الحملة بالحرب الدولية لمكافحة الإرهاب، ومدى التنسيق المسبق مع الشخصيات القبلية والسياسية المنضوية في إطار الحراك الجنوبي بشأن توقيت الحملة ومناطق تواجد تلك القوات التي تعرضت لضربات موجعة من "القاعدة"، أو جراء القصف الجوي من طيران "التحالف" بالخطأ.


مرفد لا تدعم "القاعدة"
أولى الانتكاسات التي تعرضت لها الحملة، نجم عنها مصرع 7 جنود وإصابة 15 آخرين بجروح من كتيبة" سلمان الحزم"، أمس الأول، في انفجار سيارة مفخخة يقودها انتحاري استهدفت تجمعاً للجنود أسفل جبل حبة القريب من منطقة مرفد والتي تقول جهات أمنية وعسكرية جنوبية بأنها تأوي عناصر مفترضة من "القاعدة و"داعش"، وهم أيضاَ من نصب الكمين الذي طال رتلاً عسكرياً كان في طريقه إلى المنطقة وأسفر عن إصابة عدد من الجنود في صفوف الكتيبة نفسها.


وجاهات قبلية من أبناء مرفد نفوا تواجد عناصر من "القاعدة" في قراهم وأبدوا تحفظاً بشأن شخص قائد الحملة العميد، قاسم الجهوري، مطالبين باستبداله لانتمائه إلى قبيلة "الحيد" وهي القبيلة التي بينها وبين أهالي مرفد ثارات قديمة سقط فيها قتلى وجرحى.


ولأجل فض التنازع والإشكال بين الطرفين تدخل عدد من قيادات الحراك الجنوبي من أبناء يافع وشخصيات قبلية لكن ذلك الجهد توقف عقب استهداف أفراد الكتيبة العسكرية بالسيارة المفخخة.
توقيت استهداف الكتيبة بعملية انتحارية قرأه كثيرون ضمن محاولة جهات تسعى لخلط الأوراق وإفشال أي اتفاق قد يكون في غير صالحها "بحسب شخصيات في لجنة الوساطة".المعركة مع "القاعدة" و"داعش" ستأخذ طرقاً وأساليب جديدة شبيهة بحرب العصابات


مشاركون في الحملة قالوا إن رفض قيادات قبلية في مرفد تولي الجهوري قيادة الحملة حُجّة يرفعها متعاطفون أيضاًَ مع الجماعات المنتمية لـ"القاعدة"، غرضها منع قوات "الحزام الأمني" من السيطرة على جبل العر الاستراتيجي باعتباره مطل على مواقع حدودية ومراكز تدريب تديرها "القاعدة" في منطقة الزاهر وآل حميقان التابعتين لمحافظة البيضاء شمالاً.


أخطاء استراتيجية 
الخبير العسكري، فيصل حلبوب يرى بأن أخطاء عسكرية صاحبت بداية سير الحملة باتجاه بلدات يافع الوعرة ذات الطبيعة الجغرافية الصعبة.


وأضاف حلبوب، من أبناء يافع أن ما حصل "هو نتيجة لعدم التخطيط السليم لسير القوة العسكرية بالاستفادة من المعطيات الصديقة"، وشدد على أنه "لم يتم العمل بنظام الخدمة والمعركة فوقعت قوات الحزام الأمني في أخطاء كان يمكن تجاوزها".


أولويات
القيادي في "المقاومة الجنوبية"، صلاح المفلحي، قال إن تصوراً قدمه عدد من الشخصيات الاعتبارية من أبناء يافع فيما يخص مشكلة تواجد عناصر "القاعدة" و"داعش" في أكثر من منطقة في المديرية المتاخمة لمحافظة البيضاء التي يتواجد فيها التنظيم بقوة منذ سنوات سبق الحرب الأخيرة.
ولفت المفلحي في حديث لـ"العربي" إلى أن من بين النقاط التي حوتها الرؤية "أن يتم التعاطي مع المشكلة باعتبارها واقعاً لا يجب إنكاره أو التقليل من شأن خطورته على أن يبدأ الحل، بروزنامة متكاملة من الإجراءات"، مؤكداً على ضرورة أن "تبدأ بالحوار مع قيادات التنظيم ومناصحة المسلحين من أبناء المنطقة المنتمين للتنظيمين، ومن ثم التشاور مع ذويهم والشخصيات القبلية ذات الثقل في تلك المناطق قبل الشروع في أي عمل عسكري وإعطاء الفرصة لمن يريد من عناصر التنظيمين التخلي عن السلاح بعفو عام وشامل يراعى فيه ترتيب أوضاعهم المعيشية والاجتماعية لاحقاً".
وأشار إلى أن الخطر الكبير الذي شكله تنظيم "الدولة الإسلامية" فرع "يافع" وتورط كثير من عناصره في عمليات تبناها التنظيم في كل من عدن وحضرموت ولحج هو ما سرع بالإجراءات العسكرية التي "نرى بأنها ربما تكون قد تأخرت كثيراً. 


وأكّد المفلحي أن الحملة العسكرية ستحقق أهدافها لاعتبارات عديدة بينها "أن غالبية السكان في يافع لا يؤيدون وجود هذه الجماعات في مناطقهم فلا حاضن شعبي يمكن أن يستندوا إليه حال تم تطويق المنطقة وتمشيطها"، مقرّاً بوجود أعداد لا بأس بها من أبناء يافع بين عناصر هذه الجماعات.
وبيّن أن الحملة جاءت "بناء على طلب قيادات من أبناء يافع وبمساندة مباشرة من التحالف العربي ووصول خطر هذه الجماعات إلى عدن واستهدافها القيادات الجنوبية تحديداً" وهو ما يشير إلى أن المحرك الفعلي لهذه الجماعات مرتبط بقيادات عسكرية موالية للرئيس السابق، علي عبدالله صالح والجنرال علي محسن الأحمر، وهناك اعترافات مسجلة لعدد ممن تم القبض عليهم بهذا الشأن.


المواجهات في يافع ستستمر
اندلعت اشتباكات عنيفة بين القوات القادمة من عدن ومسلحين مفترضين من "القاعدة" و"الدولة الإسلامية" في محيط جبل حبة شارك فيها طيران "التحالف العربي" وخلفت قتلى وجرحى.


ومع ذلك فإن كل المؤشرات والمعطيات الأولية تقول بأن الوضع في يافع يختلف كثيراً عما هو عليه في محافظة أبين( 60 كلم شمال شرق عدن)، على اعتبار أن مناطق يافع تعتبر معقلاً رئيسياً وفاعلاً للحراك الجنوبي كما أن وجود غالبية من أبناء يافع ضمن قوات "الحزام الأمني" المُشكّل من قبل "التحالف العربي" دفع بقوة إلى ضرورة مواجهة ما يقول عنه أبناء يافع بأنه سيمثل خطراً داهماً على كل مناطق الجنوب في حال تم السكوت عنه أو تجاهله وبوادره الأولية خروج كثير من السيارات المفخخة التي نفذت عمليات انتحارية في عدن وردفان من مقر التنظيم في يافع وهو ما استوجب التحرك الفوري وبقوة.


ويرى مراقبون أن المواجهات في يافع ستستمر، ولن تتمكن أي وساطات قبلية من إيقافها أو إيجاد مقاربة يمكن من خلالها التوصل إلى صيغة اتفاق بين الطرفين، فالتباعد بين مواقف كل منهما كبير وشاسع ولا يمكن ردمه بحلول جزئية أو اتفاقيات تسير على مبدأ "أن يستفيد الذئب ولا يتضرر الراعي".


وتبدو اعتبارات موازين القوى التي تميل لصالح "المقاومة الجنوبية" و"قوات الحزام" الأمني مسنودة بطيران "التحالف" من وجهة نظر البعض كفيلة بدحر عناصر تنظيمي "الدولة الإسلامية" و"القاعدة" من قرى وبلدات يافع، لكن مصادر في "المقاومة" تؤكد بأن "الحرب معهما ستكون طويلة ومكلفة ولن تتوقف أبداً"، ولفتت المصادر إلى أن المعركة "ستأخذ طرقاً وأساليب جديدة شبيهة بحرب العصابات"، إضافة إلى لجوء التنظيمين إلى استخدام السيارات المفخخة لضرب تجمعات ومواقع وحواجز القوات النظامية أو القبليّة الحليفة معه فيما يشبه حرب الاستنزاف خاصة إذا ما ضلت الطرق الحدودية بين مناطق يافع والبيضا مفتوحة وغير مؤمنة.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص