الأحد 02 فبراير 2025 آخر تحديث: السبت 1 فبراير 2025
القصة الجديدة والتجريب القصصي - علي السباعي
الساعة 14:56 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

القصة الحديثة ، هذا العالم الجديد ( شعرنة السرد ، العجائبي والغرائبي ، تعويم المكان ، ومحو الزمان ، تشظية الحدث ، تفتيت نظم السر ، استثمار الأيهام والتخيل السردي أي التجريب على مستويات متعددة من القص ) ، كلها تعتبر المادة الجديدة للمبدع ، وهي اضافات جديدة لعوالم الخيال والرؤيا الفكرية ، القصة الحديثة تعيش داخل المجتمع وهي انعكاس لهذا المجتمع بكل ما فيه ، فالأدب ليس ترفاً ، وكتابة القصة القصيرة بالذات ليست ترفاً . أنها الحياة ذاتها بكل ما فيها من فنتازيا ، والقصة الحديثة أكدت وجودها بعمق اليوم أكثر من السابق كجزء من حياتنا : تنمو وتتعقد وتتشابك مع حياتنا ، والقصة الجديدة تحاول تذويب الطريقة الحكواتية الى صيغة سردية متماهية مع البنيه الحديثة لها , كما تعتمد على تداخل الأزمنة والأمكنة والأحداث وتنوع الشخصيات , وتعتمد اعتماداً كبيراً على تيار الوعي ، بهذا تنظر القصة الجديدة إلى ذاتها كقصة لها حساسيتها الفنية من خلال استخدامها التجريب الذي يضفي عليها تفرداً وتمايزاً عن القصة الكلاسيكية ، التقليدية ، فالقصة الجديدة استخدمت العجائبي والغرائبي واستثمرت مخزون التراث الشسعبي وحكاياته ، واستثمرت المناقلة السردية والوصفية بين الزمان والمكان . إذ أن راوي القصة الحداثوية لا يلتزم بالزمن الأعتيادي : في الماضي والحاضر والمستقبل ، بل أنه ينتقل بحرية بين الأزمان الثلاثة بحسب مقتضيات الأحداث ، ويشظي الراوي الحدث فيجعله متناثراً في المتن القصصي ولا يسرده من البداية إلى النهاية ، بل يسرد منه نتفاً يبثها في المتن ويستطيع القاريء أن يجمع هذا الزمان المتشظي ويرتب شظاياه على وفق صيغ جديدة . 
 

 

كما أن الراوي للقصة الجديدة يفتت نظام السرد واعني بها نظم السرد الكلاسي ، فلا يسرد الأحداث حسب وقوعها في الزمن الأعتيادي ، بل ، ربما يبدأ الراوي من النهاية ويتجه صوب البداية ويتنقل بين الأحداث من دون أن يراعي تسلسلها الزمني ، وقد أستثمر القاص الأيهام بحيث يلتبس الأمر على القاريء ، فلا يعرف الحقيقة من الوهم ، وقد يعطل القاص شخصية ما في المتن القصصي ثم تعود حية مرة أخرى . وقد أستخدم القاص التخيل السردي في متونه القصصية ، وفيه يتخيل القاص أحداثاً ويضفي عليها لوناً من الوان الغرائبية ، وذلك من خلال استثمار الذاكرة ، الجمعية والتراث الشعبي حيث يكتظان بأخيلة عجيبة قد تبدو غير واقعية ولكن الناس البسطاء يصدقون تلك الأحداث ، وما كرامات الأولياء إلا أحدى تلك الخوارق والأحداث العجيبة . لكن ! بسطاء الناس يؤمنون بإن الأولياء قادرون على اجتراح المعجزات .
 

 

• نعم ، أن القصة الجديدة صاغة حداثتها الخاصة بها من خلال حياتنا العراقية التي كلها ( جدل ، صراع ، اضداد ، حوار ) بين قديم يريد أن يتمسك بتقاليدة وجديد يريد ان يفلت من كل نظمه التقليدية السائدة ، ليصنع بدورة تقاليده ونظمه الجديدة في المستقبل ، أي انه ، لم يكن هناك صراع فبالتأكيد أدرك قاصنا العراقي مبكراً ، بحسه الفني العالي اطراف هذا الصراع فصاغ قصصه الجديدة من خلال هاجس التجريب وذلك بتشظيته للاحدث وتنويعه للازمنة ، وتوظيف الغرائبي واستخدام العجائبي ، وسعيه إلى استخدام الأصوات المتعددة . 
 

 

فلو راجعنا الأدب القصصي في الستينيات لوجدنا هوساً في التجريب لدى قصاصي تلك المرحلة ، ولاحظنا الشخصيات القصصية مصابة بالكآبة والحزن والفشل والقنوط وفي انعكاس للواقع السياسي المحتدم إبان تلك الحقبة ، وقد انعكست الصراعات السياسية بين احزاب تلك المرحلة في الأدب القصصي فولدت شخصيات سلبية مشلولة .
 

• أنني أؤمن بحق القصصي في اكتشاف مناطق جديدة ، وهذا الأمر لايتحقق إلا في حال واحدة : تحرر الوعي ، وعي المبدع وايمانه بروح المغامرة والرغبة المستمرة في البحث عن فضاءآت جديدة للقص . 
 

وهذا لا يعني بالضرورة أنني مع المبدع الذي يبحث عن شكل غريب ونمط لفظي جديد دون مضمون هادف ، فالمتلقي يريد دائماً عملاً صادماً صادقاً حقيقياً اياً كان مصدره واياً كان شكله ، شرط أن يمتلك عناصر قوة اقناعه . 
 

سبب تمرد القاص الحديث على واقعية السرد هو ان تطابق السرد مع الواقع يقضي إلى الرتابة والنمطية ، من ثم الوقوع في فخ النقل الفوتوغرافي الذي لايضيف شيئاً إلى الواقع .

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص