الأحد 22 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مؤسسة السجين الوطنية وبرنامج إنسان يمزقان أوراقي اليائسة..
الساعة 22:09 (الرأي برس ـ أدب وثقافة ـ رأي)

في ذروة الوجع الناتئ الملبد بغبار اليأس الطويل..وذرات أمل قيد متوالية استفهامات تُمَتِْمتْ مداها في دهاليزٍ مجدبة تنتظر المطر.

ظل نزيل الإصلاحية المركزية بمحافظة المحويت، وكل نزيل في السجون اليمنية، يتأبط العتمة في عرصات متساوية..ومازال واقفاً في المعترك-بصفته سجين-يكابدُ حياةً متبَّلة بالملوحة والرثاء والأسف الشديد يصارعُ أوجاعه، ويرددُ آهاته في صمتٍ كئيب، حتى أتون نسمة تباشير-لازالت في رحم الغيب-تغمرُ أنفاسه المختنقة بأكسجين حياة.

وتتوالى صرخاته المفعمة باليأس وبقايا الأمل..لعل صرخة يأس منه ستثقب صمم الأفق في يومٍ ما..وثمة صوت ملتهباً في داخله:
"هنا إنسان..
هنا تفاصيل مأساوية..
هنا مشاهد مبكية لايمحوها النسيان..
هنا أوضاع مخيفة..لهولها عجز الناظر عن تصوير أحداثها ولملمة شتاتها المتناثر بين جنبات المكان..
هنا سجين..يُخلد خلف القضبان منذ سنوات، قد كلَّتْ موارده وشحَّتْ مصادره..وأصبحتْ حياتهُ وحياة أسرته حِمماً يتجرعون ضراوتها..
هنا صورٌ كثيرة كلها تتأوه وتنادي وتساءل:
هل أحدٌ يراني..؟
هل أحدٌ يسمعني..؟ 
هل أحدٌ...؟
أم انتزعت الرحمة من قلوب البشر وأعمى الشح عيون الناس فعجزوا عن الرؤية..؟

أو أن السجون أماكن لايحدق إليها إلا بشزراتٍ ماكرة ويقولون عن نزلائها شريحه غير صالحة في المجتمع ونطويهم في زوايا النسيان..؟".

من يحس بآدمية هذا السجين، ومتى سيبلغ هذا الصوت مداه..؟.
توالت الأيام..الشهور..السنون..وصوته حبيس أسوار السجن، حتى بلغ يأسه ذروته، لكنه ينادي ويتمنى حتى لفته كريمة تشيد بإنسانيته.

وفي طور الأنين والتساؤل اليومي..يتفاجئ -مؤخرا- بزخات مطر تسقي أرضه، وأيدٌ حانية تلملم بقايا الأرواح الممزقة محافظة على إنسانيتها.. يسوس ويقود هذه المبادرة الطيبة مؤسسة السجين الوطنية وبرنامج إنسان، وكل إنسان..بادئين بتمزيق أوراق السجين اليائسة والذي ظل محترقاً بها منذ أعوام، لتمنحهُ صك حياة بعد موتٍ لم يأت أخيراً.

فأليس حريٌ بنا -معشر الأثرياء..وأدعياء حقوق الإنسان، و...- أن نتأمل حال هؤلاء وأمثالهم ممن يقاسون كَبَدَ الحياة..نتفقد أوضاعهم، نراعي ظروفهم، نقضي حاجاتهم، نتلمس همومهم..نكون بلسماً على جراحاتهم..نجعل بدل الدموع ابتسامات، وبدل الأنّات ابتهاجات..نفتح مضخاتنا النقدية للقضاء على شحة أولئك البُوساء..نواسي كل مصابٍ ومنكوب..نقف صفاً بجوار من وأدت قلة المادة طموحاته وإبداعاته؛ فأعيتهُ عن عبور طريقه وتحقيق هدفه المنشود...، نكون علاماتٌ يهتدي إليها المسافرين في تيه صحراء الفقر والعوز والحاجة، أن نجيب دعوة من نادانا..وانتظر قدومنا إليه بشوقٍ ولهفةٍ واستبشار..؟! لنردد بصوتٍ واحد: بل آن..بل آن.

ولاضير..فالسجين أخونا وابننا ومن جلدتنا..إلّا أنهُ نزلتْ بساحته الأقدار، فأُودعَ خلف القضبان.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً