الاربعاء 27 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
كيف ستستقبل السعودية الرئيس أوباما اليوم في الرياض؟
اوباما والملك سلمان
الساعة 08:26 (الرأي برس - هافينغتون بوست عربي)

أثارت صور العام الماضي قلقاً شديداً لدى السعوديين الذين اعتادوا على مدار حقبة طويلة من الزمن على الرخاء والنفوذ الإقليمي؛ فالمتقاتلون يصوّبون نيرانهم إلى بعضهم البعض داخل الحدود الجنوبية المتاخمة للمملكة، ومتظاهرون اقتحموا السفارة السعودية في طهران، والحرب الأهلية تدور رحاها في 3 بلدان مجاورة.

المشهد أصبح قاتماً بعدما أدى انخفاض أسعار النفط إلى الحد من قدرة الحكومة السعودية على الاستجابة للأزمات، بينما تحركت إيران، المزاحم الإقليمي للرياض، بعدوانية لتوسيع نطاق نفوذها على حساب المملكة.

وفي ظل هذه الضغوط الهائلة، تعدّدت ردود الأفعال السعودية غير المعهودة والتي غالباً تتعارض مع المصالح الأميركية، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الثلاثاء 19 أبريل/نيسان 2016. فقد بدأت السعودية حرباً في اليمن بتكاليف باهظة، ولم تستطع حتى الآن تحقيق هزيمة قاطعة بحق الحوثيين؛ بينما اشتدّ ساعد تنظيم "القاعدة" هناك.

كما أن السعودية نفذت أحكام الإعدام بحق عشرات المتهمين بأعمال إرهابية بمن فيهم رجل الدين الشيعي نمر النمر. وابتعدت المملكة أيضاً عن لبنان إلى حد كبير وأوقفت المساعدات البالغة مليارات الدولارات مع تنامي النفوذ الإيراني هناك.

بهذه الظروف سوف تستقبل السعودية الرئيس الأميركي باراك أوباما في الرياض  اليوم الأربعاء 20 أبريل/نيسان 2016، وهو نفسه يعدّ مصدراً ليس بهيّنٍ لقلق هذا الشعب.

وكثيراً ما كان صانعو القرار السياسي يشيرون إلى أن أوباما لا يتشاطر مع المملكة مصالحها الإقليمية. وبعد أن وجه انتقادات فظة للسعوديين الشهر الماضي، تحولت تلك الشكوك إلى مخاوف من كونه يساهم في إضعاف المملكة.

قد يحاول أوباما استغلال زيارته هذه لإصلاح العلاقات؛ ومع ذلك، يظل مدى تدهور العلاقات التي تربط بين البلدين غير واضح وما إذا كان من الممكن رأب ذلك الصدع.

الأمير تركي الفيصل، رئيس جهاز الاستخبارات السابق وسفير السعودية السابق في واشنطن، قال لنيويورك تايمز "من المهم بالنسبة لنا أن تتراجع أميركا عما قالته. أميركا تغيرت ونحن تغيرنا، ومن المؤكد أن كل طرف بحاجة إلى إعادة ضبط لمعرفة مفاهيم الطرف الآخر".

تحدياتٌ سعودية

فالظرف الحالي محفوف بالمخاطر حيث يواجه السعوديون تحديات اقتصادية وديموغرافية هذا فضلاً عن المخاوف الاستراتيجية والأمنية.

فعلى المستوى المحلي، تتزايد أعداد الشباب السعودي الذي يلتحق بسوق العمل فيما انخفاض أسعار النفط يحد من الفرص الاقتصادية وقد يقوض نظام الرعاية الاجتماعية. وعلى المستوى الإقليمي، استطاعت إيران أن تلتفّ على المملكة وأن تضاهيها في دول أساسية، حيث أدى الربيع العربي والحرب في سوريا إلى اختلال النظام المحلي.

وعلى المستوى العالمي، أدى ابتعاد الولايات المتحدة عن الصف السعودي إلى إدراك المملكة لمدى خطورة اعتمادها البالغ على الدولة الأكثر قوة ونفوذاً في العالم.

وقالت لوري بلوتكن بوغارت، زميلة معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أنه "اجتمعت العديد من العوامل معاً على المستويين المحلي والإقليمي لخلق تحديات خطيرة تواجه المملكة. ويشعر السعوديون حالياً بأنهم تحت الحصار".

فعلى مدار عقود، استثمر ملوك السعودية ثروة البلاد النفطية في إدارة الأماكن المقدسة وبناء حلفاء في مختلف أنحاء العالم العربي وخارجه.

ونظراً لأن المملكة لم يكن لديها قوة عسكرية جبارة لحماية البلاد، كان التحالف مع الولايات المتحدة ضرورياً ومفيداً لكلا الجانبين. وكانت المملكة تعلم أنه لتأمين تدفق آمن للنفط، سوف تهرع الولايات المتحدة للتدخل في حالة تعرضها لأي مخاطر خارجية.

الربيع العربي والتراجع الأميركي

إلا أن هذه العلاقة اختلت جراء الثورات العربية التي نشبت عام 2011، عندما اختارت الولايات المتحدة أن تتخلى عن حليفها الرئيس المصري السابق حسني مبارك وسط احتجاجات شعبية واسعة النطاق. ومنذ ذلك الحين، تزايدت حالة الإحباط لدى السعوديين، حيث قام أوباما بالحد من المشاركة الأميركية في الأزمات اللاحقة في ليبيا وسوريا وغيرهما وأبرم اتفاقاً مع إيران لرفع العقوبات مقابل وقف برنامجها النووي.

ففي سوريا، رأى مسؤولو المملكة الثورة ضد الرئيس بشار الأسد بمثابة فرصة لتحل محل الحليف الإيراني الذي يقتل شعبه.

وكان الأمل في أن تأتي حكومة قريبة من الرياض بصورة أكبر من موالاتها لإيران. ومع ذلك، تضاءل هذا الأمل حينما تراجعت الولايات المتحدة عن اتخاذ أي إجراء عسكري حينما تجاوز الأسد الخط الأحمر الذي حدده أوباما ولجأ إلى استخدام الأسلحة الكيماوية.

وبمرور الوقت، اتضح أن أوباما فضّل قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على الإطاحة بالأسد.

وأدى ذلك إلى إثارة حفيظة الرياض التي أرادت أن تربط بين القضيتين. وألقى المسؤولون السعوديون اللوم على أوباما في إطالة أمد الحرب من خلال منع السعودية وغيرها من البلدان من توفير السلاح للمعارضة السورية، مثل القذائف المضادة للطائرات التي خشي أوباما أن يستغلها الإرهابيون خارج حدود سوريا.

وأدى تفاقم الإحباطات إلى تخلي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عن سياسته الدبلوماسية الهادئة وتوجيه الانتقادات. ففي يناير/كانون الثاني، قامت المملكة بإعدام 47 شخصاً بتهمة الإرهاب، ومن بينهم مقاتلون من تنظيم القاعدة ورجل دين شيعي نمر النمر– حيث أرسل رسالة تستهدف ردع الجهاديين وإيران ومنعهم من محاولة زعزعة استقرار المملكة.

"مبدأ سلمان"

بدأ المحللون يتحدثون عن "مبدأ سلمان". ويدعو ذلك المبدأ إلى تزايد الاعتماد على الذات فيما يتعلق بالشؤون الإقليمية.

وفي الشهر الماضي، أوقفت المملكة المساعدات التي تقدمها إلى الجيش اللبناني وقوات الأمن اللبنانية والبالغة 4 مليارات دولار على خلفية أن مليشيات حزب الله الشيعية الموالية لإيران قد أصبحت بالغة القوة. وأصدرت السعودية ودول الخليج تحذيرات من السفر إلى لبنان مما أدى إلى حرمان لبنان من أحد أهم مصادر العملة الأجنبية المتمثل في السياحة الخليجية.

وكانت تلك الخطوات بمثابة مفاجأة للمسؤولين الأميركيين الذين لم يذكروا وجود أي تغيرات في الموقف الأمني في لبنان وواصلوا دعم الجيش اللبناني لتحقيق التوازن مع حزب الله.

وأبدت المملكة أيضاً رغبتها في استخدام القوة المباشرة. ففي العام الماضي، ارتفع إنفاقها العسكري إلى 87.2 مليار دولار، حيث تجاوزت روسيا لتصبح ثالث أكبر دولة على المستوى العالمي من حيث الإنفاق العسكري. وفي الشهر الماضي، قامت بافتتاح مصنع جديد للسلاح واقترحت إقامة قاعدة عسكرية في جيبوتي في القرن الأفريقي لاستعراض قوتها خارجياً. وقد بادر الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد وزير الدفاع، بإقامة تحالف للدول الإسلامية لمكافحة الإرهاب، رغم أنه ليس واضحاً متى سيبدأ تنفيذ عملياته.

ويتساءل الدبلوماسيون عما إذا كان لدى المملكة قدرات استراتيجية تمكنها من تحقيق طموحاتها. ويتمثل أحد الاختبارات في اليمن، حيث قامت المملكة وحلفاؤها بتنفيذ حملة عسكرية على مدار أكثر من عام في محاولة لطرد المقاتلين الشيعة الحوثيين في العاصمة واستعادة الحكومة في اليمن.

وتدافع المملكة عن تلك الحرب نظراً لأهميتها لأمنها القومي. وذكر عبد العزيز ساجر، السياسي السعودي ورئيس مركز البحوث الخليجية قائلاً "إنها حربٌ ضرورية. لا يمكن السماح بسقوط دولة وإقامة طرف غير دولي متطرّف على الحدود".

انخفاض أسعار النفط

وعلى المستوى المحلي، انعكس انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد السعودي، مما أدى بالحكومة إلى مواجهة العجز وفرض قيود على الإنفاق واتخاذ خطوات لم يسبق لها مثيل، على غرار فرض الضرائب وخصخصة أجزاء من شركة أرامكو النفطية السعودية.

قامت مؤسستا فيتش ريتنج وستاندرد أند بوزز بتخفيض التصنيف الائتماني للمملكة وناضلت الشركات التي تعتمد على التعاقدات الحكومية من أجل سداد أجور العاملين، مما أدى إلى تفاقم المشكلات لدى السعوديين والعديد من العاملين الأجانب.

ومع ذلك، لا تزال المملكة تحظى بأكبر احتياطي نفطي في العالم، مما يجعلها ضمن أسس الاقتصاد العالمي. وينخفض حجم الدين أيضاً لدى المملكة بينما تتوفر احتياطيات نقدية هائلة.

ورغم تزايد نفوذ إيران في لبنان وسوريا والعراق، إلا أن تكلفة ذلك كانت باهظة مادياً وعسكرياً. وقالت رندة سليم، المحللة بمعهد الشرق الأوسط، "اعتبر السعوديون أن نفوذهم بالإقليم أمرٌ مسلّم به، بينما وضعت إيران استراتيجية خلال الثمانينيات وتضطلع بتنفيذها عاماً بعد عام".

ومع ذلك، تحتفظ المملكة بعلاقات قوية مع العديد من البلدان الأخرى – بما في ذلك مصر وبريطانيا وباكستان – وتحظى باليد العليا أمام إيران الشيعية. وأضافت سليم قائلة "لا تزال الكرة في ملعبهم لأنه إقليم عربي ذو أغلبية سنية".

ويقر المسؤولون المضطلعون بالعلاقات السعودية الأميركية بذلك الفتور، ولكنهم يرون أن الأمر لم يصل إلى حد الجمود؛ فما زال التعاون قائماً حول قضايا مثل الأمن ومكافحة الإرهاب والتجارة. ويدرك العديد من السعوديين أن أيام أوباما بالبيت الأبيض توشك على الانتهاء وأن خليفته قد يتعاون مع السعودية بصورة مختلفة.

وقال روبرت جوردان، سفير الولايات المتحدة السابق بالمملكة "قرأت العديد من الروايات على مدار السنين التي تتنبأ بسقوط الدولة"؛ وفي كل مرة تخرج السعودية بسلام، لأن لديها غريزة هائلة للبقاء".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص