الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
قراءة في مسرحية "الأول"للكاتب وليد أبوبكر - أمين دراوشة
الساعة 14:20 (الرأي برس - أدب وثقافة)


تمهيد
 

قسمت المسرحية إلى عشرة مشاهد، وتبدأ أمكنتها في بغداد ثم تمرّ بالقيروان، وتنتهي في قرطبة، في قصر الملك عبد الرحمن بن الحكم. وتتناول المسرحية حياة زرياب وما واجهه من مؤامرات من الحاسدين وظلم الولاة، خلال صعوده في سلم الغناء حتى اعتلائه قمته عن استحقاق وجدارة.
تعددت شخصيات العمل وتنوّعت، ما أضفى الحيوية والحركة على المسرحية. وأبدع المؤلف في نسج الشخصية المحورية فيها (زرياب)، التي نمت وكبرت وازدادت خبرة في الحياة، نتيجة الظروف الصعبة التي عاشتها وعملها الدءوب من أجل انجاز الأفضل.

 

تتضمن المسرحية مجموعة من الشخصيات مختلفة الأدوار في الحياة، فهناك الخليفة والملك والوالي، وعدد من الجواري، وكان لبعضهن دور رئيسيّ في أحداث المسرحية، مثل "متعة" جارية زرياب وحبيبة قلبه التي لا يستغني عنها، والتي تتصف بالذكاء المتوقد والتضحية، و"طروب" جارية الملك عبد الرحمن، التي تملك من المكر والدهاء ما يجعلها المختارة في قصره، وهي تهيم عشقا به وعلى استعداد لفعل أي شيء لتبقى لها الصدارة في كنفه. 
 

ومن الشخصيات الرئيسة، المغنون الذين وجدوا في صوت زرياب خطرا يتهددهم، وعملوا على إزاحته، وحبك المؤامرات لإبعاده عن قصور الحكام.
موضوع المسرحية، وإن لبس عباءة التاريخ، إلا أنه يصلح في أي زمان ومكان، فموضوع الإبداع والعمل المثابر من أجل التجديد والتطوير دائما ما يقابل بالحسد والنبذ، ويقع صاحبه ضحية الصراعات القادمة من أناس كفوا عن التقدم والابتكار.
إرهاصات الصعود 

بعض النجاح أقسى من الفشل
 

منذ البداية يظهر زرياب إنسانا قويا لا يعرف غير العمل، وهو يثق بنفسه ويؤمن بقدراته الإبداعية، ويملك طموحا لا حدود له، ويتلهف لاقتناص الفرصة حتى يثبت مهاراته وتفوقه. وهو يقول لمتعة: "أن الرجل الحقيقيّ هو الذي يكرّس جهده كله لاستخدام مواهبه البشرية... وأنا أملك هذه المواهب". (ص81)
في المشهد الأول يتقدّم زرياب خطوة إلى الأمام، بعد أن يستطيع إحداث تجديد قائم على إضافة الكورس الذي يردد بعض المقاطع خلف المغني.وفي المشهد الثاني يظهر لنا الخليفة الرشيد وهو يطالب إبراهيم الموصلي بالجديد، لأنها سئم ما يعرض عليه، فيفكر الموصلي ويقرّر تقديم زرياب إلى الخليفة.

 

والموصلي هو المغني الأول في القصر، وهو يتربع على القمة وحده دون منافس، وهو رجل لا يرغب في التخلي عن مكانته، ويدافع عنها بقوة. لذلك يستغرب الرشيد أن يحضر له أحد تلامذته، ويقول مخاطبا من حوله وهو يضحك: "اسحق يقدم تلاميذه.. هذا غريب". (ص 85)، فيجيب الموصلي مادحا زرياب: "له نزعات حسنة، حبيبة على السمع، قريبة إلى القلب... فقلت إنه قد يعجب أمير المؤمنين". (ص86).يبتسم الرشيد قائلا لحاشيته: هل سبق لكم وسمعتم الموصلي يمدح مغنيا قبلا؟
في حضرة الخليفة، تتبدى ثقة زرياب بما يصنع، عندما يسأله الرشيد عن غنائه وما يحسن فيه، فيقول: "أحسن منه ما يحسنه الناس... يا أمير المؤمنين (ينظر إلى إسحق) لكنّ أكثر ما أحسنه لا يحسنونه... مما لا يحسن إلا عندك، ولا يدّخر إلا لك...". (ص88)

 

يطلب الخليفة منه الغناء، وعندها يرفض زرياب عود معلمه، ويقول إنه لا يعرف الغناء إلا على عوده، لأن أوتاره من الحرير، الذي لم يغسل بماء ساخن يكسبها إناثه ورخاوة، واتخذت له وتران من مصران شبل. لأن لها في الصفاء والحدّة أضعاف ما لغيرها، ولها من القوة بحيث تصمد أمام تأثير وقع المضارب.
يبدي الرشيد إعجابه، ويستحسن قوله، ويقول له: هل تحسن الغناء كما تحسن القول؟
يشرع في الغناء بمرافقة الكورس، ومما غناه، قوله:
أجمل  بها  من  ساعة        الحلم   فيـها   يصـدق
عيناك   صفو   حاضر        يرعى هواك وينطق
وينمّ وجهك عن رضى       روح  تهيـم  وتعشـق
ذكرى  تعاودنـي  وقلـــــــبٌ  بالأمــاني  يـخـفــق
   


ومع نهاية الأغنية يكون الرشيد وصل إلى قمة حالات النشوة والطرب. ويقول لزرياب: منذ الآن ستكون أقرب الناس لدينا.
 

في المشهد الثالث الذي يبدأه المؤلف بمقطوعة تمهّد للمشهد، تتحدث عن الحياة، وأنها ليست سوى غابة من الفتن. يتخوّف زرياب رقيق المشاعر أن يكون نجاحه على حساب معلمه، وأنه بالتالي قد يكون خانه، فيقول لمتعة: "ألا تحسين أن بعض النجاح... أقسى من الفشل"؟ (ص95). ويهمس لنفسه: أرغب في التفوّق، فهذا من حقي، ولكن ليس من حقي أن أسيء إلى معلمي. ثمّ يخاطب متعة: "إن حياتنا تبدو مثل غابة... حتى يكون الإنسان كبيرا فيها، عليه أن يزيح الكبير من مكانه... يوجد مكان واحد فقط... وتلك هي المشكلة". (ص95)
 

الرزق هنا مرتبط بشخص واحد وهو الخليفة، وإذا رغبنا في الوصول إليه، علينا أن نقطع الطريق على غيرنا، فما العمل؟
ويضيف: ترى ماذا سيفعل الموصلي، فهو لن يقبل بالمركز الثاني. ويتساءل بحيرة: ماذا أفعل؟ لا أقدر أن أوذي معلمي، ولكن لا أستطيع أن ألقي بمهاراتي وقدراتي في الطريق وأسير.
يزوره الموصلي غاضبا، ويضعه بين خيارين: إما أن يرحل عن بغداد ويختفي نهائيا، أو يقيم، وعليه أن يتصدى لكرهه ومحاربته. يقرر الرحيل إكراما لمعلمه، ويحمل عائلته ويغادر نحو الغرب.
في المشهد الرابع، يصل زرياب إلى القيروان، ويبدأ المشهد وقد حقق نصيبًا من النجاح لدى الوالي زيادة الله الأغلبي، ولكنه يشعر بالقلق والخوف من الحسّاد. تقول له متعة: "تريد أن تكون الأول عند حاكم... وها أنت تأخذ مكانك عند الأغالبة... وفي نفوس أهل القيروان... فماذا تريد أكثر...؟". (ص104) 

 

يبقى في توتر وتوجس على مستقبله وعائلته، خصوصا وأن الوالي رجل مزاجيّ وانفعاليّ ويستمع إلى الحساد، وهو سريع في اتخاذ القرارات. ويقول لمتعة إنه لا يستطيع أن يظل تحت سيطرة مزاج الوالي، ولا بد أن يكون له احترامه، ويجب على الوالي أن لا يسمع كلام الحساد.
في هذا اليوم لا يذهب إلى مجلس الوالي متعلّلًا بالمرض، بينما هو يريد أن يجرّب اختراعه الجديد بإضافة وترٍ خامس إلى العود. تستغرب متعة من ذلك، وتقول: إن ما ورثناه عن أجدادنا أربعة أوتار؛ فيجيبها: "وهل ما نرثه عن أجدادنا هو آخر المطاف؟ أليس من حقنا أن نضيف إليه؟ بل أليس من واجبنا أن نورّث أولادنا شيئا جديدا... بل اكتشفت شيئا أهم... هو أن على الإنسان الذي يريد أن يتقدّم، أن يجدّد في أدواته أيضا". (ص108)

 

في المشهد الخامس، يبدأ الكاتب بمقطوعة صغيرة، تتحدث عن عيون الحساد لكل نجم صاعد. المكان منزل الوالي، حيث ينتظر زرياب وفي مجلسه المغني المنافس ابن خاطر الذي يلعب دور الحاسد والمتآمر، الساعي إلى إزاحة زرياب من مكانته.
في غياب الوالي، يتعرّض ابن خاطر لزرياب بالتهكم والسخرية، وينعته بأنه الزنديق والعبد، ويسمع زرياب ويردّ بقسوة، ثمّ يفخر بنفسه، وبأنه يقدر على ما لا يقدر عليه الآخرون. يحتدم الصراع وترتفع الأصوات، ويدخل الوالي، ويتهم ابن خاطر زرياب أنه يفضل العامة على مجالسة الوالي. ينهي الوالي النقاش، ويطالب زرياب بتبرير تأخّره، فيعلن عن اختراعه الجديد، وهو مضرب مصنوع من قوادم النسر، لأنه أنقى، ويحافظ على سلامة الوتر.
ويغني زرياب مقطوعة، يفخر فيها بنفسه، تقول نهايتها:
وأطمع أن  يهلّ  الغيث   حولي      فلا أحظى  لوصلك من  جواب
سحاب الصيف أبيض لا يرجى      وتمطر خيرها   سود   السحاب
فما   بال السفيه   يعيب   لوني       وكيف يحيد عن درب الصواب

 

يغضب الوالي، ويصف زرياب بالعبد، ويطالب حراسة بجلده وطرده من القيروان. وهكذا ينجح الحساد من جديد في إبعاده ومحاولة فرملة تقدمه، فهل اتعظ زرياب من هذه التجارب المريرة؟  
بداية التغيير 
في المشهد السادس، يظهر زرياب ومتعة في بيته المتواضع جدا والذي يشبه الكوخ، في الجزيرة الخضراء بعد جبل طارق، ومن خلال الحوار، يتكشف ألمه وحنقه على العالم، قائلا: "هذا العالم الذي لا يؤتمن...واحد مثل زيادة الله...في كل يوم حال...يتحكم بمصائر الناس...". (ص118) 
تجيب متعة: لعل الله يعوضنا بخير منه.  يتحدث زرياب عن ضرورة التغيير، فهو يملك عائلة وأفكار مبدعة، ولا يجب أن يربط مصيره بحكام مزاجين إذا غضبوا أبعدوا ونفوا، فإلى متى تبقى الحياة مربوطة بمزاج غير سوي؟
تبدأ من هذا المشهد بوادر تغيير في شخصية زرياب بعد أن مسه ومن يحب الجوع والذل، فهو لم يرد أن يكون على حساب أحد، ولا سعى إلى محاربة أحد، ولكن هم كانوا على حسابه، وحاربوه، ويصمم على التغيير، وأنه لن يتعرض للجوع مرة أخرى. ولن يسمح لأحد بالوقوف في وجه إبداعه وابتكاراته. فلا يوجد أحد يستطيع القيام بدوره، ويقول: "من هو ابن خاطر...ومن هو الوالي...الآف غيرهما يمكن أن يقوموا بأدوار يؤديانها، لكن دوري...من يستطيع أن يقوم به غيري؟". (ص119)
تشعر متعة بالحزن والأسى على سيدها، فتعرض عليه أن يبيعها ليحل مشاكله المالية، ولكنه يرفض بصرامة، قائلا لها: إنها جزء منه، ولو اضطر إلى الغناء في الشوارع لن يفكر بالتفريط فيها.
في الإثناء يأتي رسول من الملك عبد الرحمن ملك قرطبة، حاملا رسالة إليه، تعبر عن الحب والسرور لقدوم زرياب إلى قرطبة، بل أنه بعث له ببعض الغلمان ليقدموا له العون، وأنه ينتظر قدومه بفارغ الصبر.

 

الأصل 
 التأثير في الناس إيجابيا وكسب محبتهم
يستهل وليد أبو بكر المشهد السابع، بمقطوعة تقول:
"وإذا الدهر إليك ابتسما
فاغتنمه لنكون الأعظما
ثم سخّره ليبقى سلما
إنما الدهر كظهر السلم     يسلم الأمر لنجم يعتلي". (ص123)
يظهر في المشهد بيت زرياب الضخم والفخم، وجارية الملك طروب التي حضرت لتطمئن على راحته ثم تغادر ويبقى زرياب ومتعة. يحدثها عن ضرورة عمل شيء يضمن له الحماية من المنافسة غير الشريفة والوشاية والحسد، وتستفسر متعة منه عما يدور في عقله، فيقول: "عليّ أن أكون شيئا أساسيا في هذا المجتمع. أرتبط بالناس، ويرتبطون، فلا يستطيع حاكم أن يخضعني لمزاجه". (ص126) ويضيف: علينا أن نصنع لهذه الأرض هوية ظاهرة، علينا أن نحضر بغداد إلى هنا ولكن بوتر خامس. لذا لا بد أن نغير نظام البيت بل نظام الحياة هنا، ليبدأ الناس بتقليدنا. 
تسأل متعة عن جدوى ذلك، يقول: إن العلاقة مع الحاكم غير مضمونة، ولكن عندما أؤثر في حياة الناس هنا، "وارتبط بهم، أضمن لنفسي البقاء حيث أريد، ولا يفكر صاحب نزوة أن يشردني من جديد. الناس هم الأصل". (ص127)

 

إذن يريد زرياب أن يكسب ودّ الناس وتعاطفهم، لأنهم هم الوحيدون القادرون على حمايته من البطش والحسد والمؤامرات. ويبدأ من تسريحة شعره، حيث شرع كثير من الناس بالإعجاب بها وتقليده.
دسائس الثعلب الماكر
في حضرة الملك عبد الرحمن بن الحكم، يبدأ المشهد الثامن، ويتواجد فيه المغني منصور صديق زرياب وطروب، يتحدثان عن التغيرات الجديدة في قرطبة منذ قدوم زرياب إليها. يقول منصور: إن قرطبة أصبحت تنافس بغداد في كلّ شيء مثل مجالس العلم والفن، بل أن قرطبة أفضل.
يدخل يحيى بن الحكم الملقب ب "الغزال"، وهو شاعر الأندلس وحكيمها، ويريد أن يجلس بالمقعد الفارغ بجانب الملك، غير أنه يمنعه، لأنه مقعد زرياب. يتضايق الغزال ويغضب، ويضمر في نفسه الكراهية.

 

تتحدث طروب عن انجازات زرياب، فيبدي الغزال استهجانه ويدعي عدم سماعه باسمه. هنا يحضر زرياب، ويستفسر الملك عن سبب تأخره، يبتسم ويقول: جئتك بجديد: مزيل للرائحة! ويتهكم الغزال قائلا: ولكننا نستعمله منذ لبسنا ملابسنا. يأخذ زرياب في شرح مواصفاته الجديدة. ينال إعجاب الملك الذي يطلب منه الغناء، فيقول زرياب: وبهذا أيضا جئت بالجديد، لون من الشِّعر، يناسب ما نحن فيه من رغد العيش، ويختلف عن ما قاله شعراؤنا حتى الآن، رقيق وقادر على التعبير.
يتدخل الغزال مستنكرا: هذه بدعة.
يتذكر زرياب الموصلي وابن خاطر، ويقول: ليس خروجا عن لغتنا وإنما تنويع في الإيقاع، تستعذبه الأذن. ويغني:
"كيف أشدو بأدمعي    والهوى منك مطمعي
فارحم الدمع أن جرى     وأمر القلب يسمع". (ص135)

 

يحصل زرياب على الإعجاب والمديح، وغضب الغزال الذي شكك بالقول: هذا ليس شعرا يا مولاي. وترد طروب: وماذا تسميه إذن؟
ويقول زرياب: ربما نحتاج إلى من يفهم الشعر! 
يضحك الجميع. ويكسب زرياب عدوا خطيرا وماكرا كالثعلب، الذي رد على سخرية زرياب بقصيدة هجاه فيها.

وحده على كرسيّ القمة
 

في المشهد التاسع في بيت زرياب، يجتمع مع متعة وطروب ومنصور المغني، ويتشاورون كيف يحمون أنفسهم من مكر الغزال. ويظهر زرياب مترددا من دخوله الصراع، والجميع يشجعه لأنه لا مكان في قصر الملك إلا لواحد. ويعبر زرياب عن انزعاجه: "ما يضايقني هو أن أصعد على حساب غيري". (ص139)
 

إنها القمة التي لا تتسع لاثنين، وعلى زرياب الاختيار من جديد بين الانسحاب أو المواجهة. طروب تتحدث عن إقناع الغزال للملك، أن زرياب أقام علاقات خارج القصر هي أحبّ إليه من مخالطة الملك. وتنهي حديثها باقتراح أن يهدي زرياب متعة إلى الملك لقطع الطريق على دسائس الغزال. زرياب يعبر عن رفضه بقوة، إلا أنه يوافق تحت ضغط متعة وإلحاحها. طروب تقضي جل وقتها في جمع المعلومات عن الغزال وسفرياته وفضائحه في انتظار اللحظة الحاسمة.
في المشهد الأخير الذي يبدأه المؤلف بمقطوعة

 

"وإذا الدهر إليك ابتسما..."؛ يجتمع الكل عند الملك، ويأتي زرياب متأخرا، ويعلل السبب، أنه مر على دار المدنيات، لأنه يفكر في تعليم الجواري كلهن فن الغناء. وبدا على الملك الاستغراب، فأخذ زرياب يشرح له طريقته في فعل ذلك، ولتسهيل الأمر فأنه قرر أن يهديه متعة لتساعد في تعليم الجواري بشكل أسرع.
 

يعجب الملك بالفكرة، ويقرّر بناء "معهد زرياب" ليكون أهم معالم البلاد. ويطلب زرياب أن يساعده تلامذته وأولاده، لأنه لا نجاح دون عمل يشاركه فيه الجميع، فالفرد "في الكل أكثر إنتاجا". (ص149)
ويغني، تصاحبه رقصة أندلسية تعبيرية، ومن ضمن ما يغني:
"يا ليلة السعد     لا تخلفي وعدي
         فأنني مشتاق
لصحبة الورد     يضيء في الخد
        ويسعد العشاق". (ص149)

 

يمدحه الملك بحماسة، وفي الإثناء يدخل الغزال ويظهر عليه التحدي، يخاطبه الملك: كيف تتعرّض للمقربين منا كأبي الحسن زرياب؟ يضحك، ويسأل بخبث: من أبو الحسن زرياب، لا أعرف أحدا بهذا الاسم؟
 

يغضب الملك ويشتمه ويصفه بالوقح. عندها يقول الغزال: "أنا أعلم أن مولاي يستمع إلى الغناء، لكنني لا أعلم أنه يقرب إليه المغنين والعبيد، ويدافع عنهم...". (ص151)
يحسم الملك أمره، ويقول:  لولا ماضيك في هذا القصر وخدماتك لنا لضربت عنقك، ولكن آمرك بأن تغادر البلاد فورا. ويخرج الملك.
يرفع زرياب يديه بيأس إلى الأعلى: "يا الهي...متى يأتي اليوم الذي تتسع فيه القمة لكل من يستحقها؟ متى تتسع القمة، وينتهي الظلم... الظلم؟!". (ص152)
يكاد ينهار ويقع، تندفع إليه متعة وتسنده وتحتضنه.
تنتهي المسرحية، بتساؤل زرياب متى يأتي الوقت، الذي يبيح للجميع الإبداع والفعل والتقدم إلى الأمام دون منغصات ومؤامرات ومحاولات تحطيم النجاح والتفوق. 
المسرحية مليئة بالأحداث النامية، التي وصلت إلى ذروتها بطريقة طبيعية ودون تدخل من الكاتب، وحققت عنصر التشويق والإثارة الذي لا غنى عنه في المسرح.

 

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً