الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
تكنيك الكتابة والعدة التقنية لكاتب القصة القصيرة جدا - إعداد مصطفى لغتيري
الساعة 15:57 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)


"كلما تقلص حجم القصة ، أضحت كتابتها أكثر صعوبة، وهي تشبه في ذلك -إلى حد بعيد- مسابقات الركض، فالمسافات القصيرة،في هذا المجال، تعد الأصعب، إذ يلزمها كثير من الدقة والتركيز،وعضلات مرنة وقوية، وتداريب خاصة...
 

القصة القصيرة جدا،نظرا لصغر حجمها،تتطلب تكنيكا خاصا في كتابتها : قوة تكثيف ، ودقة عبارة ، ونباهة تلميح ، وتلغيز وشاعرية قصصية ، وذكاء وحساسية مفرطين في التعامل مع بداية القصة ونهايتها."
 

هذا مقطع من التقديم الذي كتبته قبل خمس سنوات للمجموعة القصصية "وقع امتداده ورحل" للقاصة السعدية باحدة، وتذكرته اليوم وأنا أفكر في الاستطلاع الذي طرحناه في "غاليري القضايا الأدبية" المتعلق بتكنيك الكتابة الخاص بالقصة القصيرة جدا، والذي اختصرناه في السؤال التالي:
لكي ينجح كاتب القصة القصة القصيرة جدا في كتابة قصصه، ماذا يلزمه؟

 

وقد كان أول من خاض في هذا الموضوع بكثير من الجرأة الأستاذ أيمن منصف، الذي اعتاد مصاحبة النصوص القصصية القصيرة جدا بلوحاته الفنية الجميلة، وقد أكد على أن كاتب القصة القصيرة ملزم بداية بالتخلص من وهم سهولة هذا الجنس، مشيرا إلى أن عمالقة هذا الجنس الأدبي الراقي في أمريكا اللاثينية أطلقوا عليه اسم "البعوضة ذات الألوان القزحية في أحسن حالاتها" كدليل على أن مبدعها يلزمه أن يكون ملما بتقنية عالية في السرد..ويكون قد مر بتجربة الكتابة في باقي الأجناس الأدبية الأخرى..كالشعر والقصة القصيرة والرواية...ويلزمه أن يكون مثقفا موسوعيا ينهل من منابع المعرفة المتنوعة، وخلال كتابته لها يتعين عليه أن لا يهمل العلاقة العضوية للعنوان بالنص، هذا الأمر الذي يتجاهله كثير من المبدعين، وأهم شيء بالنسبة للفنان منصف أن يمتلك كاتب القصة القصيرة جدا حسا مرهفا وذكاء لامعا يؤهله ليقول كل شيء ولا شيء في نفس الآن.
 

اما القاص عبد الرحيم أحيزون فقال محاولا مقاربة هذا الموضوع إنه لكتابة قصة قصيرة جدا يجب أن تحضر الفكرة أولا وتطرق باب الكاتب بإلحاح، ثم يوظف بعد ذلك كاتبها زاده من أسلوب وخيال وديباجة مع الابتعاد عن الوصف الزائد، وكلما كان الكاتب مرنا في التخلص من الأحداث بسرعة مع توظيف التناص والقفلة المفاجئة والبنية المتماسكة للنص تألقت قصته.
 

وقد تحدثت القاصة رشيدة خزيوة بكثير من العفوية عن تجربتها الخاصة مع هذا الجنس الأدبي المخاتل، فقالت بأنها أرادت مرارا كتابة القصص القصيرة جدا، ولكن القلم دائما كان يعاكسها و يتيه وراء الحروف و الكلمات و المرادفات والمجازات. وأضافت بلغة البوح".مشاكس هو قلمي..سألته يوما لماذا تعاندني ..؟ قال أمهليني بعض الوقت ،أريد أن أتعلم أولا السباحة قبل أن أغوص في الأعماق".
 

على عكس الأستاذة رشيدة كان القاص حسن قري أكثر دقة وصرامة في تناوله للموضوع فأكد بأن القصة القصيرة جدا هي ومضة تبرق في الذهن في لحظة غير متوقعة، قد تقتنصها، وتمسك بها متلبسة باجتياحك، فتطرزها في لحظة، وتهذب حواشيها، ثم ترسلها لقارئها، فيحتفي بها أو يستهجنها أو يلاحظ عليها، وهذا حقه، أما أن تنفلت منك، أو لا تكون فكرتها حاضرة في ذهنك، فتريد أن تملأ فراغك الإبداعي، فيكون منتوجك في أحسن الأحوال صناعة بدون طعم، أو مسخا يسيء للجنس الأدبي، فتكثر من الساخطين النافرين من هذا اللون الجميل. ويقدم الأستاذ حسن تعاليمه قائلا: اِملك لغتك، واهضم تقنياتك، واترك للتجربة حياكة نصك، فلن يكون إلا متعة لغيرك.
 

وقد سارت القاصة سعدية بلكارح على نفس المنوال محاولة تقديم وصفة منصفة لكتاب هذا الجنس الأدبي الجميل، فأصرت على أن على كاتب القصة القصيرة جدا أن يستحضر كل إحساسه لترصيص أفكار المتن التي تتوالد عند تخصيب الفكرة الأم أثناء الاستعداد للكتابة...كما لايتعين عليه أن يمتلك أدوات السرد في البناء لغةً وبلاغةً وتوظيفا فنيا ملِمًّا بمقومات الميتاقص كتابة وقراءة..دون أن يفوته الاطلاع على المستجدات التي تتعلق بالقصة القصيرة والقصيرة جدا وينهل من خبرات المُجيدين لهذا الفن..
 

فيما ألحت القاصة اليمنية انتصار السري على ضرورة التقاط كاتب القصة القصيرة جدا للفكرة الجيدة واختزالها ..وتكثيف السرد وتصاعد الاحداث حتى تصل إلى نهاية قوية تصدم القارئ، وتكون غير متوقعة منه حاملة لمفارقة تدهش القارئ ..وأن لا تكون مباشرة ، بل عميقة في المعنى ..,وأضافت السري مسترسلة بأن أجمل النصوص هي تلك التي تشتمل على قدر غير يسير من الرمزية في أحداثه،ا وتنأى -بالتالي-بنفسها عن التقريرية والمباشرة، التي لا تستهجنها القارئ وينفر منها ..ولا تجعله يستشعر ما تريد القصة قوله من أول جملة، ملحة كذلك على أن تكون لغة القاص سلسة غير متكلفة ..وتشد المتلقي إلى أعماق النص ...
 

وقد اختزل القاص عبدالمجيد النقري عدة القاص التقنية فيما يلي:الخلفية الثقافية، وجودة الأسلوب ، والتكثيف ، ووجاهة الموضوع ، والقفلة الجيدة.

فيما اختار القاص توفيق البوشاري ان يعبر عن وجهة نظره في الموضوع بتعبير مجازي، يعبر ربما عن صعوبة الخروج بخلاصة شافية ووافية، بالنسبة لتكنيك الكتابة القصصية وأنم الأمر متروك لكل قاص على حدة ليناضل من أجل خلق عدته الخاصة التي تولدها التجربة وليس التأمل النقدي، حين قال إن القصة القصيرة جدا مزيج مزاجي يرج حليب السرد باستمرار!!

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً