الجمعة 29 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 28 نوفمبر 2024
عواطف الماسنجر - وفاء شهاب الدين
الساعة 17:01 (الرأي برس (خاص) - أدب وثقافة)

 

 

 

تطلعت إلي ملامحه في دهشة، رسمت مخيلتها كل علامات الاستفهام، سألته عمن يكون وما الذي دعاه ليقتحم عالمها من خلال شاشة الكمبيوتر، خط هاءات كثيرة متعانقة ليعبر لها عن ابتسامة افتراضية فقدت ملامحها الطبيعية فخرجت لقيطة لا يمكن التنبؤ بطبيعتها، قال: أنا حلمك أتيتك بعد طول معاناة فاقبلي أو ارفضي فالقبول والرفض لدي سيان.

قالت في تعجب"إن كان رفضي لديك يساوي قبولي فاغرب عن حياتي.

قال" سيدتي.. أنا شمس لا تعترف بغروب ان رفضتِ وجودي فلن اكترث برفضك، فلدي مقدرة على تحويل الأشياء إلى أضدادها.

قبرت ابتسامتها حتى لا يشعر بها تترك أرض الغرفة وتحلق هناك بعيداً، رددت شفتاها رجع لحن قديم وأغمضت عينيها تستعيد وقع كلمات الفارس الوسيم ثم نفضت عنها غبار الكلمات وقالت" ولكن حياتي لا تحتمل صواعق جديدة ابحث عن سيدة غيري"

خط بذهبي الكلمات" مزني لا يعشق الصواعق ولم يسبق أن تصادمت سحائبي فأمطاري سلمية"

ذهبت مهارته في اللعب بالكلمات بلبها ولكنها جمعت كل جيوش الدفاع بداخلها حتى لا تسمح لذلك الغريب باختراق دمائها، دعست قلبها بقسوة وجففت شرايينها وتصدت لأوردتها التي تشتاق لفيروس الحب، تنفست مخدر ذكرياتها الماضية فاستنفر بجسدها كل قدراته على المقاومة فقالت في كبرياء" لا اعترف بشمس غيري "

رد وقد تملك الوله من حروفه فخرجت تتلظى"ولا أنا ...انتِ شمس لا تعترف بغيوم ..شمس متمردة لا يمكن التنبؤ بتأثير أشعتها..شمس حرة لا ترتبط بكواكب تحد من حركتها..وتمد الأقمار بالضوء بدون أن تنقص من تأثيرها الطاغي"

على صدر الكلمات أراحت رأسها وعلى ثغر معانيه طبعت قبلة، داعبت روحها نشوة أمان مفقود أمسكت بتلابيبه، قرأت كلماته مرة أخرى حتى تنفض تأثير الانطباعات الأولى، استحضرت تاريخاً مريراً  بدأ بكلمات وانتهى بالموت، آلاف الكلمات المنمقة، آلاف الدقائق قضتها بين سحر الكلمات ونزق المشاعر، عشرات الوعود والأمنيات، وفي النهاية لم تمسك سوى بقلب تخلى عن كونه موطناً للمشاعر واكتفى بوظيفته في ضخ الوجع في شرايينها.

لمست صدرها وربتت على نبضات تقافزت محاولة طمأنتها وخطت أناملها في سرعة" سيدي.. توقفت عن الأحلام وعانقت عالم الواقع"

قال" أنا الواقع..وأنا الفارس الذي يحتضنه خيالك منذ إدراكك..أنا فرصة لن تقصدك سوى مرة..سيدتي ..باختصار ..أنا قدرك فاستسلمي "

شلت مراكز احساسها، توقفت أناملها عن الضرب على أوتار الحروف، ثبتت ضياء عينيها على ملامحه التي تمنحها الشاشة غموضاً آسر، فقدت عددا كبيرا من أنفاسها وهي تحاول فهم ما يجري أمامها، رجل غريب وسيم يهاجم قلاع القلب لديها بشراسة تصدت ميكانزمات الدفاع له ولكن في النهاية أرغمتها لوحة المفاتيح على إتباع سياسة اللين.

ابتسمت مسامات جلدها على وقع أنفاسه، تخلت عن وجع قديم استوطن منها القلب وبدد فيها المشاعر، تلهفت الشاشات للمشاركة في تلك المعارك السلمية، انتشرت في الهواء من حولها رائحة عطره النفاذ وكانت من قبل لا تأمن لعطر رجل، جذبها من يدها ليعتلى معها أرقى قمم الحب، وبعد أن تبددت غيوم الحب رحل عنها كما تتخلى الشمس عن السماء لحظة الغروب، نظرت إلى يدها التي عانقها فافتقدت بها جمر البصمات، وتلك القبلة على جبينها اكتشفت أنها لم تحصل عليها أبداً، قاومت دمعة كادت تسقط عندما أظلم العالم من حولها وتحولت نشوة  الحب إلى رماد كلمات، همت بإغلاق الشاشة لتلعق جراح جديدة أضافتها لتاريخها الدامي لولا أن ظهر بسمائها ثانية كقمر يغار منه بدر اعتاد الدوران حول الأرض قائلاً:ــ اعتذر ...انقطع الاتصال فجأة.

 

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص