الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
الدكتور المتوكل دمٌُ بين قاتلين
الساعة 13:10
أحمد طارش خرصان


مَنْ  بمَقْدُوره أن يتجرد من إنسانيته، ليتحول إلى قاتلٍ مستترٍ ، لا يأبه لأرواح الآخرين..؟
وهل يمكن للجراح الغائرة  ولغة الإنتقام أن تكون  ساحةً ومنطلقاً شريفاً لتصفية الحسابات؟
توشك أحلامنا أن تستحيل كابوساً ، يأبى إلّا أن يكون رفيقاً سيئاً لنا في وطنٍ   لطالما أعددنا أجيالنا لاحتضانه، والظفر بفرصة قادرةٍ على محْو أوجاعنا المتراكمة، وغسْل ما علق بأيامنا من لانهاياتٍ مرعبةٍ، أفقدتنا القدرة على التفكير في الذي بدا عليه الوضع الآن وهو يعتمر قبعة  العنف، وتحديد اللحظة التي سعتْ الأيادي إلى تحسس زناد مسدساتها قبل إطلاق رصاصة الحقد الأولى.  

 

يبدو أننا نُمضي حياتنا بطريقةٍ سيئةٍ ، ممسكين بلحظة وهنٍ ، تكاد تتفشّى  - كبقعة زيتٍ -  في حياتنا المشرعة لفتوة  العنف والعنف المضاد، كحتميةٍ لم تجدْ سوى أرواح الضحايا ، لتكون جسوراً وممرات ، لعبور هذه الجماعات  الهشة إلى الأسوأ الذي لم ينقضِ بعدُ حدّ قول ماركيز في ( الحب في زمن الكوليرا). 
 كنت كتبتُ وعقب  دخول الحوثيين إب ، ما يشبه نداءاً إنسانياً صرفاً ، بضرورة الإبتعاد عن حملات التحريض- ومخاطرها - ضد بعض قيادات السلطة المحلية والوجاهات، والتي اتُّهمت صراحةً بتقديم تسهيلات للحوثيين، نشر البعض قائمة بأسماء مقدمي هذه التسهيلات....  علي الزنم، محمد الرصاص، عقيل فاضل و جبران باشا....والذي حظي - كما يبدو - إلى جانب تهمته السابقة  ،تهمة التنسيق والتعاون مع القاعدة أثناء سيطرتها على العدين. 

 

كنتُ  أدرك - وكثيرون - تماماً الأسباب الحقيقية لمثل هكذا تحريض ،قد يقود بالضرورة  إلى مصادرة أرواح هؤلاء ، وبأيدي من يعتقد أن الله- سبحانه - بانتظاره ،  متى فرغ وبنجاح من القيام بواجبه المقدس، ما دفعني إلى إرسال ندائي السابق لمن يقودون حملات التحريض تلك ، بالكفّ والعمل على خلْق نقاط اتفاقٍ ، وبما يعيد لأرواحنا الحياة بعيداً عن لغة القتل والدماء. 

 

بين الرصاصة الأولى التي سكنتْ روح الشهيد عبدالكريم جدبان، مروراً بالرصاصة التي صادرتْ روح الدكتور أحمد شرف الدين ، وحتى الرصاصة -ما قبل الأخيرة -والتي أحدثتْ شرخاً في جدار الوطن ، والذي كان حصل  على بصيص أملٍ واتفاقٍ  ،سرعان ما أجهزتْ عليه  رصاصة الحقد التي اغتالت الدكتور/ محمد عبدالملك المتوكل في صنعاء.

لم أتشرف بلقاء الدكتور المتوكل ، غير أني كنتُ - ربما- متابعاً جيداً لشخصية سويةٍ ، نقشت ودون عناء السلوك الحقيقي للعقلانية والإعتدال في بلدٍ أفلتَتْ من يده كل فرص التحول ، ليعيش ما يشبه هدنةً بين نقيضين ، يدعي كل منهما امتلاكه للمقدس. 

 

هاهو الشهيد المتوكل يغادر الحياة ، كأي إنسان بسيطٍ ، أدرك مبكراً عواقب التطرف ، فعاشه إعتدالاً  ووسطيةً وعقلانية، سنفتقدها في قادم أيامنا الموحشة. 
هل يمكن للأسئلة والتي تأتي على النحو:
لماذا يوغل الموت في محاصرة واصطياد كل صوتٍ ، نشعر كيمنيين بمدى حاجتنا إليه في هذا التوقيت.....؟ ومن المستفيد من كل  ما يحدث..؟ وهل من المفيد الآن تذكر محطات حياة الراحل العظيم، كمرثاة حزينة يشعر كل محبي الراحل الشهيد محمد عبدالملك المتوكل ، أن عليهم سردها كنوعٍ من الرثاء الإنساني المحض إزاء حالة فَقْد بالغة الألم .....؟

 

كيف يمكن لوطننا أن ينهض من عثراته ، وهو يرى أمامه الطريق مكتضاً بالجثامين والأحقاد والحماقات والسلوك المستند ل ( اللا أخلاق) ، والذي بدا- اليوم - وكأنه الحاكم الوحيد في أسواق النخاسة الجديدة.
هل لهذه الأسئلة أن تخفف من ألمنا  كقتلةٍ
لن يكفّوا عن البحث عن
... ( مَنْ قتل الدكتور ؟)

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص