- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
قبل ذهاب المواطنين إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس لهم، ٢٠٠٦، بحوالي ٤٨ ساعة حدث تفجيران رهيبان، وكان الوقت فجراً. التفجيران حدثا بالقرب من منشأتين نفطيتين، وأعلنت القاعدة مسؤوليتها عن الحادث. وبالرغم من أن الحادث وقع قبل الفجر إلا إن إعلام صالح قال إن القوات الأمنية استطاعت إصابة سيارتي الإرهابيين قبل أن تصلا إلى الهدف!
كان صالح بحاجة إلى حالة من الطوارئ تمكنه من حسم نتيجة الانتخابات ضد خصم قوي، بن شملان. وشخصياً ذهبت صباح يوم الاقتراع إلى لجنة انتخابية في شارع الزراعة وأنا أتمنى فوز صالح. فقد بدا واضحاً أن الرجل على قد حضّر كل الوسائل لإحراق المدن فيما لو جرت الانتخابات على عكس ما يُريد. وليلة الاقتراع نصحني ضابط رفيع بعدم الذهاب، وقال إنه وزملاؤه استلم "خطّة انتشار" في قطاع من العاصمة في حال جرت الأمور على غير ما يُرام.
صالح اخترق القاعدة، كما اخترق الأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية. وثمّة قاعدة تقول "الرجال المحتاجون مرتزقة جيّدون". واليمن بلد كبير للحاجة الماسة، أي منجم للمرتزقة.
إذا كان بمقدورنا التذّكر فمن الأفضل أن نعود إلى ما كان يكتبه مسدوس في صحيفة الوسط اليمنيّة. فقد كتب عن أشرطة حصل عليها الحزب الاشتراكي اليمني مطلع التسعينات وفيها يظهر قادة أمنيون يوزعون خرائط ومهاماً على مجموعة من الإرهابيين. وكان مسدوس يتذكر صدمته النفسية "كيف يمكن لرئيس دولة أن يصنع في بلده كل ذلك الخراب" ذهب يتساءل.
شخص أخر، طارق الفضلي، روى لصحيفة حديث المدينة كيف وزّع عليهم الضابط "علي الآنسي" رئيس جهاز الأمن القومي خطّة لاغتيال قيادات في الحراك الجنوبي. اعترض الفضلي على المشروع، طبقاً لروايته، قائلاً إن الأمر تغيّر عن حقبة التسعينات ولم يعُد ممكناً القول إنهم شيوعيون كفرة. لكن الآنسي نهره قائلاً "فيما يخص الإرهاب فالأميركيون لا يستمعون سوى لروايتنا".
الآنسي ذاته تحدث في العام ٢٠٠٩ إلى صحيفة السياسة، الصادرة عن وكالة سبأ، ولصحيفة الرياض في العام نفسه قائلاً "هناك أكثر من قناة وطريقة أكدت لنا ارتباط الحوثيين بالقاعدة". وكان الحوثيون قاعدة. أما الحوثيون فذهبوا حتى آخر طلقة يلصقون القاعدة بصالح. وعندما صار الخصمان حليفين رفع موضوع القاعدة على الطاولة وصارت كلمة واسعة تعني "الآخر". الآخر السياسي والمذهبي والثقافي والجغرافي .. إلخ. وخبأ الحلف تلك المادة المشتعلة لوقت الحاجة.
أعطى مسؤول رفيع في السي آي إيه رواية مواطن يمني لقناة الجزيرة عن ارتباط أسرة صالح بتنظيم القاعدة ٧٠٪ من حيث المصداقية، وترك الـ ٣٠٪ للاندهاش قائلاً: إذا صحّت الرواية فستكون تلك العلاقة شديدة الغرابة.
صالح لم يكن يحكم، كان يهيمن ويبني شبكاته. وعندما تشكلت حكومة الكفاءات بقيادة بحّاح أمسك صالح بالتلفون وهاتف عدوّه اللدود باسندوه، وقال له "شفت من جابو يا أستاذ؟ جابو بحاح السارق حقّي. والله لا يوجد رجل دولة قادر على أن يدير اليمن مثلك يا أستاذ". وكان قد حرض كل الشعب اليمني ضد الأستاذ حد السخرية من أصوله والتشكيك في جنسيته.
يستخدم صالح كل شيء، وكل النّاس، وكل الوسائل، ويستخدم كل ذلك في الأوقات المناسبة. ليس للأمر علاقة بالعبقرية بل بالنمط الإجرامي الذي يتحكم في نفسية صالح ووعيه.
في وثائق ويكيليكس قرأنا تأكيداً من السفارة الأميركية في صنعاء يقول "لدينا اعتقاد عميق بعلاقة نظام صالح بتنظيم القاعدة رغم افتقارنا لأدلة مادية حتى الآن". وهذا الاعتقاد العميق موجود لدى الشعب اليمني في الداخل والشتات. وما إن طرحت سؤالاً حول "من تعتقد أنه يقف خلف تفجيرات صنعاء" حتى كانت الإجابة بنسبة ٩٨٪ تقول: صالح.
ذهبت الباحثة الأميركية فايسباخ إلى القول إن صالح شخصية مشطورة الذهن، وإن لعبه بالجزرة والعصا، أي النقيضين معاً، يعكس الانشطار والشتات الذي يسبح فيه ذهنه. وراحت تربط بينه وبين الملك لير، والملك ريتشارد الثالث، في أعمال شكسبير. وإن كنتُ شخصياً أعتقد أنه أقرب إلى ماكبث منه إلى لير. الرجل المحبوس داخل بارونويا مدمّرة، تملي عليه "الجميع يتآمر عليك" فيقضي على كل من حوله ويبدّلهم على الدوام حتى يقع ضحية شكه وارتيابه ومغامراته ويموت مقتولاً.
قبل يومين أصدرت القاعدة خطاباً مسجّلاً، وكذلك الحوثي. قال الخطابان الجزء الأهم بالطريقة ذاتها. فالقاعدة قالت إنها تواجه الحوثيين في ١١ جبهة، أي في :البيضاء، تعز، الضالع، أبين، عدن، لحج، شبوة، مأرب، الجوف، إب، الحديدة. وقال الحوثي إن المقاومة الشعبية هي الاسم الآخر للقاعدة. الرجل الذي ألقى خطاب القاعدة خرج مؤخراً من سجن في المكلا، وقال شهود عيان عديدون إن عملية الإفراج جرت تحت ملاحظة الجيش والأمن، طبقاً لأكثر من موقع إخباري يدار من حضرموت.
من جنيف يحتاج الحوثيون وصالح لهذا الخطاب:
نحن نواجه إرهاباً بشعاً، وهو الإرهاب ذاته الذي يواجهه العالم الحُر. وعلى كل حال فنحن ندفع ثمن اصطفافنا مع العالم الحُر، ونمثّل جبهة متقدمة لحمايتكم من غول تعرفونه جيّداً.
القاعدة مادة سيئة السمعة، وهي أيضاً بضاعة يصعب بيعها، وبوستر لا يمكن إلصاقه بالآخرين بسهولة.
أنا كاتب رواية وأعيش في أوروبا، وقد كتب على الأقل خمسة إعلاميون حوثيون عن علاقتي بتنظيم القاعدة وتنظيم داعش. هم على استعداد لإلصاق تهمة القاعدة بكل الآخر، لمجرّد أنه كذلك.
وفي العام الماضي قتلت القاعدة حوالي ٢٣٠ يمنياً، بينما رصد مركز أبعاد عدد "٧ آلاف قتيل" في حروب الحوثيين خلال عام واحد. ومنذ مطلع العام الجاري حتى الآن تجاوز قتلى عملية "الفتح المؤزر" التي دشنها الحوثيّون الثمانية آلاف، طبقاً لعمليات رصد محلية غير رسميّة. وهو عدد يزيد على جرائم القاعدة، التي لم تسجل منذ مطلع العام أكثر من ستين قتيلٍ، بحوالي ١٣٣ مرّة.
كانت الأوبزرفر قد نقلت عن عراقي من مواطني الفلّوجة قوله إنهم لا يجدون مشكلة في التحالف مع تنظيم داعش لأن حكومة بغداد الطائفية كانت تسميهم قاعدة وإرهابيين حتى قبل ظهور تنظيم الدولة "داعش" إلى العلن. "فنحن في كل الأحوال، بالنسبة لهم، داعش". وهذه هي اللعبة التي لم يفهمها بعد الحوثي وصالح، ولا الدول الأوروبية المهتمة بالمسألة اليمنية.
لاحظ البروفيسور أحمد الدبعي، بريطانيا، أن التفجيرات التي تستهدف الحوثيين لا تحدث سوى في فترات حرجة تكون فيها الحركة في مسيس الحاجة لتلك التفجيرات، حد إمكانية القول إن تلك التفجيرات تصير جزءاً أصيلاً من خططها. وهذه الملاحظة ليست بلا دليل. أما إذا ما وضعنا في الصورة نفسها إيران وصالح والحوثي، معاً، بخبرة كل الأطراف مع الاغتيالات والتفجيرات والفوضى فستكون الصورة كافية للإشارة إلى من يقف خلف التفجيرات الأخيرة التي ضربت صنعاء.
وفي ٢٠١٢ نشر صحافيان أميركيان كتاباً مهمّاً عن العراق الأسود وعن أدوار إيران في سلسلة التفجيرات التي ضربت ذلك البلد خلال سنوات عديدة وأدت في الأخير إلى انهياره بالكامل. فبحسب معلومات الكتاب فقد طلب الأميركان من قاسم سليماني التوقف عن استخدام السيارات المفخخة في العراق مقابل الإفراج عن عملاء إيرانيين ألقي القبض عليهم في كردستان العراق. وقد حدث ذلك بالفعل، وسادت العراق حالة من الأمن استمرت لشهرين كاملين بحسب الاتفاق. نشر الكتاب رسائل مرّة للقيادة الوسطى والسفارة الأميركية عن حالة جحيمية من الفوضى المدمرة التي نشرتها إيران و"البروكسي" الخاص بها في العراق.
ثمة إحصائية أميريكية يستند إليها الجمهوريون تقول إن واحداً من كل ثلاثة أميركان قتلوا في العراق كانت إيران مسؤولة عن قتلهم.
لدى إيران خبرة شاملة في الفوضى والخراب والتفجيرات. ويعتبر الحوثيون أسياد شبه الجزيرة العربية في هذا اللون من الخراب. أما صالح فهو المعلم صاحب أوسع شبكة في اليمن، وهي الشبكة التي وصلت مع الأيام إلى قناعة صارمة تقول إن بقاءها مرتبط ببقاء زعيمها. وهو ما يفسر استبسالها في كل المدن والنجوع.
الرحمة للشهداء، والسكينة لأهاليهم. والشفاء للجرحى. والخزي واللعنة على صالح وحليفه عبد الملك الحوثي.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر
اذا صالح شخصية مشطورة الذهن، وإنه يلعب بالجزرة والعصا، أي النقيضين معاً، ما حكم البلاد 33 سنة وما انجز الانجازات المشهودة للعيان. فغلطة صالح كانت الاحمر ولمثالك يا....................