- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
رسائل اردنية "ملغومة" الى السعودية و"الدولة الاسلامية" والسلطتين السورية والعراقية.. تسليح العشائر السنية ابرزها.. والتلويح بالراية الهاشمية اخطرها.. الى اين يسير الاردن؟ ولماذا هذا الحراك المزدوج؟ وما هي دوافعه؟
فاجأ العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني مواطنيه، ودول الجوار على حد سواء، باعلانه رسميا عن دعم العشائر السنية في شرق العراق وجنوب وسورية، ويعتقد معظم المراقبين السياسيين ان حديث الملك عبد الله، الذي جاء اثناء لقائه مع شيوخ ووجهاء منطقة البادية الاردنية المحاذية لسورية، هو تمهيد لتسليح هذه العشائر، واعادة التذكير بما طرحه قبل سنوات حول خطر الهلال الشيعي، وللانتقال الى مرحلة اخطر في الحرب على “الدولة الاسلامية”.
زيارات العاهل الاردني وخطاباته تأتي دائما مرتبة لتحقيق اهداف سياسية، داخلية او خارجية والتمهيد لخطوات قادمة، خاصة اذا كانت موجهة للعشائر البدوية التي ما زالت تشكل العمود الفقري للحكم الاردني، وتعتبر مؤسسة سياسية لها كلمة قوية في تركيبة الحكم، وضمان امنه واستقراره واستمراره.
واللافت ان الحديث، وبكل هذا الوضوح، عن دعم العشائر السنية في العراق وسورية، التي لها امتدادات قوية في الاردن يتزامن مع خطوة اخرى لها معاني سياسية عميقة، وهي تسليم الراية الهاشمية من قبل العاهل الاردني الى قيادة الجيش، ورئيس هيئة اركانه الفريق اول مشعل الزبن، وسط احتفال كبير حضرته العائلة الحاكمة، وعدد كبير من كبار المسؤولين والوزراء ورجال الدولة.
هذه الراية ذات اللون القرمزي المكتوب عليها “لا اله الا الله محمد رسول الله” مع عبارتي البسملة والحمد والنجمة السباعية، هي الراية نفسها التي حملها الشريف حسين بن علي اثناء الثورة العربية الكبرى، وتجسد المرجعية الهاشمية، مرجعية آل البيت.
***
انهما رسالتان على درجة كبيرة من الاهمية، اختار العاهل الاردني توجيههما لاكثر من طرف مثل النظامين في سورية والعراق، و”الدولة الاسلامية” التي تسيطر على نصفيهما، وتهدد بالتمدد الى الاردن، كما هي رسالة قوية ايضا الى المملكة العربية السعودية التي تمر علاقاتها بالاردن بمرحلة يمكن وصفها بأنها اكثر من “الفتور” واقل من “التوتر”، خليط من الاثنين معا.
فما الذي يريد ان يقوله العاهل الاردني بالضبط؟ ولماذا اختار هذا التوقيت؟ وكيف تقبل الشعب الاردني وقادة المنطقة هذه الرسائل؟
بداية لا بد من الاشارة الى ان الاردن الرسمي، قبل الشعبي، يعيش حالة من القلق من تفاقم سوء الاوضاع الاقتصادية وزيادة العجز في الميزانية العامة (مليارا دولار)، وتصاعد الدين العام للدولة (30 مليار دولار)، وحالة الغلاء الكبيرة التي تسود البلاد، جراء اقدام الحكومة على رفع الدعم عن المواد الاساسية مثل المحروقات، وقريبا الخبز، وفرض ضرائب عالية على سلع اخرى، في محاولة يائسة لسد هذا العجز، ووقف تصاعد ارقام الدين العام.
وما زاد من حالة القلق هذه ان الدول الخليجية الحليفة الرئيسية للاردن لم تتجاوب مع نداءات الاستغاثة التي اطلقها العاهل الاردني، الا بقدر محدود، بينما انهالت المليارات الخليجية على مصر اثناء مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الاستثماري في شهر آذار (مارس) الماضي، ومن المفارقة ان هذا التجاهل ادى الى تقارب كبير بين مصر والاردن في مواجهة التحالف الثلاثي السعودي التركي القطري.
التطورات الخارجية، وفي الجوار الاردني مصدر قلق من نوع آخر، وربما اكثر خطورة، فقوات “الدولة الاسلامية” التي تسيطر على نصف العراق باتت على مرمى حجر من الاراضي الاردنية، وتفجيرها قبل بضعة اشهر لمعبر طريبيل الحدودي مع العراق في عملية انتحارية، كان انذار فهمته الحكومة الاردنية بشكل جيد، وعلى الجبهة السورية الجنوبية سيطرت “جبهة النصرة” التابعة لتنظيم “القاعدة” على جميع المعابر الحدودية السورية الاردنية، وباتت تشكل قوة مسيطرة على الارض في محافظة درعا المقابلة للاراضي الاردنية، وجبهة “النصرة” هي الواجهة الرئيسية لجيش “الفتح” المدعوم من المثلث القطري السعودي التركي الذي لا يكن للاردن الكثير من الود.
في ظل الشح المالي الخليجي، وتفاقم الاخطار على الجبهتين الشرقية والشمالية، وجد الاردن نفسه في موقف حرج للغاية اجبره على التحرك وبسرعة، وكان عنوان هذا التحرك تسليح العشائر لمواجهة خطر الاسلام السياسي المتشدد، وخلق درع لحماية حدوده، او خط دفاع اول بالاحرى، وتطوير عقيدة الجيش الاردني القتالية من خلال اعادة احياء الموروث الهاشمي بقوة من خلال التلويح بالراية الهاشمية.
الاردن مقدم على دور اكثر قوة وفعالية وخطورة، في الحرب على “الدولة الاسلامية” على وجه الخصوص، بعد ان فاجأت “اي الدولة” الجميع بالاستيلاء على مدينتي الرمادي (في العراق) وتدمر (في سورية) رغم اكثر من ثلاثة آلاف غارة جوية امريكية استهدفت مواقعها، باعتبار الاردن يشكل رأس حربة في التحالف الستيني الذي تتزعمه امريكا، فان المطلوب منه ان يكون اكثر تدخلا في الحرب، او بالاحرى، الانتقال الى الحرب البرية بعد انهيار الجيش العراقي، وتأكيد اشتون كارتر وزير الدفاع الامريكي انه جيش لا يملك الرغبة او الارادة في مواجهة “الدولة الاسلامية”.
تسليح الاردن للعشائر السنية يتزامن مع ارسال الولايات المتحدة لاكثر من 450 خبيرا عسكريا الى منطقة الانبار لتأسيس “ميليشيا سنية” لمحاربة “الدولة” واخراجها من الرمادي، ومن بعدها الموصل، اي اننا نقف امام سيناريو قوات “الصحوات” الذي تعود حقوق الملكية فيها للجنرال ديفيد بترايوس، قائد القوات الامريكية في العراق عام 2006 و2007، لمواجهة تمدد تنظيم “القاعدة” في حينها.
نحن الآن امام مرحلة احياء مرجعيات وايديولوجيات اسلامية جديدة لتوفير غطاء ديني للحروب الحالية التي تسود المنطقة، الاردن يعود الى المرجعية الهاشمية، ومصر تعمل بجد ونشاط لاعادة الزخم الى مرجعية الازهر السنية، وتركيا اردوغان تعيد بعث المرجعية العثمانية، من خلال بناء القصر العثماني الجديد (1150 غرفة)، و”الدولة الاسلامية” تتنبى الفكر الوهابي في نسخته الاصلية، التي وضعها الامام محمد عبد الوهاب مطلع القرن الثامن عشر، بعد ان تخلت القيادة السعودية عنها تدريجيا، اما الشيعة في العراق، وايران، وباقي مناطق العالم الاسلامي فقد عادوا بقوة الى رفع شعار “لبيك يا حسين” وعززوا الالتفاف حول شرعية “آل البيت”.
***
الاردن يقف على اعتاب “مغامرة” كبيرة بشقيها الطائفي والعسكري، وينجر بسرعة الى حرب برية، يريد قادته التأكيد لشعبهم بأنها حربهم ايضا، قبل ان تكون حروب الآخرين لحماية كيانهم والحفاظ على امنه واستقراره، ويبدو انه لا توجد اي معارضة حقيقية لهذا التوجه.
لا شيء يأتي بالصدفة في الاردن، او اي دولة عربية اخرى، في ظل الاستقطاب الطائفي المتصاعد، والتدخلات الخارجية العسكرية الامريكية، ومشروع تفتيت “الدولة القطرية” لاستكمال مسلسل التجزئة الذي بدأته اتفاقات سايكس بيكو الاولى قبل مئة عام تقريبا، وتشهد حاليا عملية “تحديث” عنوانها الرئيسي، الاجهاز على ما تبقى من هذه الدولة وهذه الامة معا.
المغامرة الاردنية الجديدة محفوفة بالمخاطر، دون ادنى شك، مثل اي مغامرة عسكرية اخرى، وتضع الاردن في خط المواجهة، بعد ان حاول طوال السنوات الخمس الماضية ان يمسك العصا من منتصفها، وان يلعب على حبال عدة، وحقق بعض النجاح الذي يحسد عليه في هذا الصدد، ولكن يبدو ان المعادلة الجديدة مختلفة.
لا مكان هذه الايام للمواقف الوسط، ومساحات المناورة يضيق بشكل متسارع، ومسك العصا من احد طرفيها بات امرا حتميا لا مناص منه، وهذه ربما هي الجملة الابرز التي تلخص كل تحركات العاهل الاردني، ومضمون رسائله، سواء بتسليح العشائر او بالتلويح بالراية الهاشمية.
ايام الاردن القادمة مختلفة، وصعبة في الوقت نفسه، عزاؤه ان ايام الآخرين لا تقل صعوبة.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر