- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
إلى أقصى الشمال من اليمن توجد صعدة، وفي أقصى الجنوب توجد عدن. بين المحافظتين ما يزيد عن 800 ميل. عندما يحلّق طيران التحالف فوق صعدة يشعر السكان بالخوف، بخلاف سكّان عدن. في صعدة يعتقد السكان أن التحالف العربي يشنّ عدواناً ضدّ اليمن. بينما يعتقد أهل عدن أن الأيام التي انحسرت فيها طلعات التحالف كانت هي الأسوأ.
لا يوجد ضمن جيش الحوثي الذي يغزو المحافظات الجنوبية جنوبيّ واحد. الجنوبيون في هذه الحرب مجرّد قاعدة، ولا مصير جيدّ لهم. الحوثي يتحرّك برجلين: مجاهد ومرتزق. أمّن الحوثي كتائب المجاهدين وتعهّد صالح بالمرتزقة. صارت لدينا صورة غرائبية للحرب يلخّصها إعلام محور صالح ـ الحوثي: "الجيش يطهّر أحياء عدن، والقبائل تقصف الأراضي السعودية". كشفت الحرب الدائرة في اليمن إن الجيش اليمني أعِد لخوض معارك ضد من لا يملكون السلاح، وأن خمسين عاماً من بناء القوّات المسلّحة أنتجت عصابة على هيئة جيش، بلا مرجعية أخلاقية ولا قانونية. لا غرابة، إذاً، أن يذهب الجيش للحرب في عدن ويترك شأن الحدود للقبائل.
الأسوأ في اليمن ربما لم يحدُث بعد. وعندما تنقشِع الغمامة سنعثر على يمن لم يكن بالحسبان. ثمّة شمال يتكاتف على أساس ثقافي، مذهبي وعرقي، ووسط يزيح نفسه جنوباً هربَاً من واقع جديد لم يتصوّر حدوثه. وهناك في الجنوب والشرق سكان ومدن يتلقّون آلاف القذائف المدفعية والصاروخية بذريعة أنهم قاعدة وتكفيريون، وأن تلك المدن ليست سوى معامل لصناعة الإرهاب. وقبل أسبوعين وقف أحد الحوثيين أمام جنازة ابنه، وكان قد قتل في عدن، وصرخ "ابني حرّر التواهي". والتواهي هو الحي الأهم في عدن، وقد تعرّض لعملية تدمير شاملة أدت لهجرة كل سكّانه. وقد نشر أحد ناشطي عدن مقطع فيديو لحي التواهي بعد عملية "التحرير الحوثية" ولم يكن ثمّة من أثر للحياة سوى أصوات الغربان، غربان البحر.
قال صالح لقناة الميادين إن اليمنيين لن ينسوا ما فعلته السعودية بهِم. وأصدرت المقاومة في تعِز أكثر من بيان تطالب السعودية بمزيد من ذلك الفعل، وكذلك فعلت مدن الجنوب. تعز مدينة تحدّها الجبال وفي وسطها قلعة تاريخية. ثمّة تسجيل مصوّر للحظة قصف مقاتلات التحالف لتلك القلعة، وقد أصبحت ثكنة حوثية. ما إن يحدث الانفجار ويرتفع الدخان حتى ترتج المدينة بالتصفير من مئات المنازل. يتحدث الحوثي وصالح عن يمنيين لا نعرفهم.
قال الناشطون في تعز، قبل أسبوع، أنهم عدّوا 500 قذيفة مدفعية وصاروخية سقطت على مدينتهم خلال ساعات. كل تلك القذائف نزلت على مدينة مكتظة، ولم تتلاشَ منها قذيفة في الهواء. ومؤخراً رصدت ناشطة حوثية معتدلة، ترأس منظمة حقوقية، ما جرى لمدينة تعِز وخلصت إلى القول إن تلك القذائف انطلقت من مصدر مجهول. الحوثيون المجاهدون يطلقون القذائف ويعمل المعتدلون على تقييد الجرائم ضد مجهول.
تصدّع المجتمع اليمني وتشظّى على نحو غير مسبوق. يعتقد الناس في تعِز أن ما يوصف في صنعاء بالعدوان ليس سوى عمل نبيل يهدف لتخليصهم من عدو بلا أخلاق، جعلت منه المصادفة عدوّاً داخلياً. في حين يتبرّع الناس في صنعاء بالذهب والخبز للمجهود الحربي في عدن وتعِز. لم تعُد لصنعاء من رمزيّة ولا قداسة. فقبل أسبوع من الآن هاجمت مقاتلات التحالف القوات الخاصة في صنعاء وقتلت المئات.
أحدثت العملية فجيعة في صنعاء وعويلاً. ووصف ناشط من عدن تلك الحادثة بقوله "قتل المئات في صنعاء وكانوا في طريقهم ليقتلوا المئات في عدن".
تعلّمنا حرب اليمن الراهنة أن البلد إذا لم يكن لكل الناس فلن يكون لأحد. وأن التاريخ لا يترك رجلاً يئن وآخر يضحك على مرّ الأيام. فالأنين دوّار، والضحك مواسم. وخلال أربعة أعوام، منذ 2011، فجر الحوثيون منازل مئات المواطنين الذين ناهضوهم. واعترف صالح، مؤخّراً، أنه لم يكن يتخيّل قط أن يحدث كل هذا. وكان يقصد: أن يأتي آخرون ويفجرون منازله ومنازل كل قيادات الحوثيين. لقد عاد عبد الملك مرّة أخرى إلى الكهف، وقال صالح عن نفسه "أنا في كل قرية" وليس لذلك من معنى سوى أنه أصبح مشرّداً. لقد انهزم كل الرجال في اليمن وانهارت كل المدن. حدث ذلك عندما حاول بعض اليمنيين أن يقسموا الناس إلى منتصرين ومهزومين.
ملحوظة:
مقالاتي في صحيفة الوطن القطرية ستنشر كل سبت، وليس الأربعاء كما أخبرتكم سابقاً.
نهاركم سعيد.
«من صفحته على الفيس بوك»
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر