- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
السيد سامح مواطن لبناني. عاش مغترباً يحلم بوطن يحاكي طموحه. ربّى ابنته بطريقة تشبه حلمه المتفائل. قبل أيام أفاق على استعداد ابنته الكبرى للذهاب إلى الجامعة في بيروت. ورغم فرحته بهذا الخبر إلا انه أحس بخيبة أمل، أفسدت عليه تلك السعادة. قال محدثاً نفسه، «ترى ماذا ستقول لي ابنتي حين تسافر إلى لبنان، وتجد أنني خيبت ظنها، ورسمت لها صورة مزيفة عن حلمنا».
قرر سامح أن يعتذر لابنته، وهو أرسل لي هذه الرسالة التي يبحث فيها عن طريقة للاعتذار منها، جاء في الرسالة: «أبحث عن وسيلة اعتذر فيها لابنتي. هي تتأهب للدخول إلى الجامعة، والوقوف في صفوف الباحثين عن أمل، غير آبهة، حتى الساعة، بالعالم الذي نعيش فيه. كيف اعتذر عما أورثتها إياه؟ جواز سفرها بات تهمة. سحنة وجهها موضع شك. أسماء الأب والأم والجد والجدة باتت دليلاً كافياً للحكم على ماضيها ومستقبلها وطموحاتها وما تفكر فيه.
اعتذر عن منحها جنسية باتت كمرض معدٍ يُشتم في السر والعلن. كيف أقنعها أنها مختلفة فيما العالم كله يعتبرها جزءاً من قطيع. هل ستسامحني أن أفصحت أن كل الحرية والتفرد الذي زرعته فيها لن يخدمها في وجه الشاملين الشاتمين».
ويضيف سامح: «ربما يتوجب عليّ أن أشرح لها أن كل الخرائط التي درستها في كتب الجغرافيا تتغير كل يوم. الأناشيد الوطنية التي حفظتها تستبدل بهتافات مجموعات متفرقة. والتاريخ لم يعد مفيداً لرسم المستقبل. وأعلام الدول استبدلت برايات رديئة التصميم نسجت على عجل. سأخبر ابنتي أن ما أورثتها إياه سيجعلها جالسة على حافة الكرسي متأهبة طوال الوقت للمغادرة. فظيع هذا الشعور. سأحاول جاهداً، ولن أنجح في أن أشرح لها أنها مدانة في شكل مسبق لشيء لا تفقهه، ولا تعرف ارتكابه أصلاً.
سأقول لها إنه بدلاً من انتظار أغنية جديدة لمطربها المفضل، عليها أن تنتظر خطاباً مزبداً قد يقرر مصيرها حتى وإن لم تدرك ماهية الكلام». ويزيد بحرقة: «لكنني لن اعتذر. فابنتي غير مقبولة حتى في الجانب الآخر. ومتهمة بالخروج عن طاعة القطيع. لن اعتذر عن إخباري إياها أن خياراتهم سيئة وهداياهم مسمومة وان الحياة التي تخيلتها لها لا وجود لها في معاجمهم.
سذاجة حين نرسم لأولادنا حياة تشبه مدن الملاهي تفوح منها رائحة الفوشار لا رائحة الدم. سأقول لها أن اختيارها لأصدقائها، بعد اليوم، يجب أن يكون دقيقاً يشمل كشفاً مفصلاً عن تاريخهم وانتماءاتهم، وطعامهم المفضل، وطائفة مسحوق غسيلهم. سأقول لها: الأصدقاء تهمة في الملفات. أحياناً كثيرة يجب علينا أن نكسر شيئاً ما كي ننقذه. نحن مدانون بما نكره».
لا شك في أن حالنا اليوم مع أطفالنا ينطبق عليه المثل العربي «الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون». أصبح أولادنا ضحايا أوضاعنا السياسية، وصراعاتنا التاريخية، وباتوا يدفعون ثمن خلافات لا ذنب لهم فيها.
الأكيد أننا أمام مسؤولية مرهقة. نعدُ أولادنا بشمس أمل مشرق، ونورثهم دخان الحروب وأحقاد الصراعات. نُلقنهم قيماً توارى حتى ظلُّها. من ينقذ أطفالنا منا ومن حالنا؟ هل نتركهم نهباً لظروفنا الموحشة؟ لا بد أن نحلم بأولاد لا يشبهون أوطاننا، لا يشبهوننا.
نقلاً عن صحيفة "الحياة"
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر