- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
سجل الاسبوع الماضي حدثين سيتمخض عنهما تحولات جديدة في منطقة باتت عصية على الاستقرار، وسيعيدان تشكيل التوازنات الاقليمية في الفترة القادمة. والامر يتعلق اولا بالتدخل العسكري السعودي، بمشاركة عربية، في اليمن. وثانيهما القمة العربية بشرم الشيخ التي سجلت، من ناحية، غياب رئيس الامارات وولي عهده، وكلمة ملك السعودية، التي تحمل بين سطورها الكثير من التغيرات في السياسة الخارجية السعودية. ومن ناحية اخرى، التوافق حول تشكيل قوة عربية مشتركة.
وبين الضربة العسكرية لجماعة الحوثي، التي من الواضح انه تم اتخاذها بقرار احادي من السعودية، واستباق الرياض لقيادة قوة عسكرية عربية، وما تلاها من كلمة الملك سلمان ومغادرته المبكرة للقمة. وبين غياب رئيس الامارات عن هذه الاخيرة. فبالتأكيد ان السعودية، التي لم تنتظر كثيرا من تغيير استراتيجيتها، تبحث عن اثبات نفسها كقوة قائدة وربما منفردة في المنطقة، والواضح ان هذا التوجه السعودي الجديد لا يروق لدولة الامارات، التي كل الامور في الرياض تسير عكس ما خططت له، بدءا بتعيين محمد بن نايف وليا لولي عهد المملكة، على حساب الأمير متعب بن عبدالله المحبوب والمدعوم من الامارات، وصولا الى التقارب السعودي القطري – التركي الذي يتضارب مع مصلحة الامارات في أية حال.
ومن هنا نسجل، اولا، عودة الفتور، الذي لا يكاد ينقشع الا ليعود مرة اخرى، في العلاقات بين الرياض وابوظبي. ولفهم الحاضر يجب العودة الى الماضي حيث كانت البداية مع الخلاف (السعودي – الاماراتي) عندما حاول الشيخ زايد آل نهيان ضم إمارتي قطر والبحرين للاتحاد الإماراتي عند تأسيس دولة الامارات. ثم الخلافات الحدودية بين الامارات والسعودية والتي انتهت بتوقيع اتفاقية جدة سنة 1974، والتي نصت على امتلاك السعودية الساحل الذي يفصل بين قطر والإمارات، لتضمن بذلك عدم قيام أي تحالف قوي بين البلدين قد ينافس سيطرة المملكة على منطقة الخليج. وقد ظلت الاوضاع مستقرة بين الامارات والسعودية الى حدود تولي الشيخ خليفة بن زايد السلطة حيث عاد الحديث عن هذه الاتفاقية في أول زيارة للرياض في ديسمبر2004 والتي تعتبرها الإمارات ظالمة لها بينما تعتبرها السعودية جارية وأن من حقها منطقة العيديد، لتدخل العلاقات بين البلدين مرحلة اخرى من الفتور الذي لا يمنع التعاون في بعض الاحيان.
لكن مع هبوب رياح التغيير في المنطقة، اجتمعت السعودية والامارات على نفس الهدف، وهو وأد الثورات لمنع وصولها الى ممالك الخليج، لكن اختلاف التعاطي مع الازمات المتلاحقة التي شهدتها المنطقة، بل ومساهمة التدخل السعودي في تأزيم الاوضاع في سوريا خصوصا، في الوقت الذي كانت تطمح فيه الامارات الى حل مغاير للازمة، وسع الهوة بين الشقيقتين الخليجيتين، ودفع الإمارات إلى التقارب مع إيران، ودعم الرئيس المعزول علي عبدالله صالح، القريب والداعم لجماعة الحوثي، في اليمن، لتدخل العلاقات بين الدولتين مرحلة فتور جديدة. قبل ان تجتمع مرة اخرى الرياض وابوظبي حول هدف مشترك وهو الاطاحة بنظام الاخوان لما يشكله من خطر على امنهما القومي، ثم اتفاقهما على دعم الجيش في مصر، في الوقت الذي اتجهت فيه قطر الى دعم التيارات الاسلامية، بل وتورطها بعد سقوطها في تمويل جماعة الاخوان وما يدور في فلكها في مصر ودول اخرى.
هكذا ظهرت بوادر تحالف سعودي – مصري – اماراتي الذي ما فتئ يرى النور حتى بدأ بريقه ينطفئ بعد وفاة الملك عبدالله، لتعاود سعودية الملك سلمان حساباتها واستراتيجيتها في المنطقة والتي تعتمد فيها هذه المرة على التقارب مع قطر (المعروف علاقتها الوطيدة بالاخوان) وتركيا (التي تتفق مع السعودية في ضرورة الاطاحة بنظام الاسد والتي ابدت دعمها لـ “عاصفة الحزم”)، وربما لاحقا جماعة الاخوان، مما اعاد الفتور الى علاقة الرياض بالامارات التي غاب شيخها خليفة بن زايد ومحمد بن زايد عن القمة العربية، كما غابا عن تشييع جثمان الملك عبدالله، ربما كرد فعل على انقلابات وتقلبات السياسة السعودية، على الرغم من مشاركة الامارات التحالف السعودي، ورغم ما يشاع من ان تنظيم داعش وجماعة الحوثيين قد وحدا مواقف الدول الخليجية.
اما الملاحظة الثانية، فتتعلق بالتحالف العسكري العربي في اليمن، والذي يمكن اعتباره خطوة سعودية استباقية نحو تفعيل القوة العربية المشتركة، المقترحة من طرف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وقبل الحديث عن توقيت ونوايا هذه الخطوة الاستباقية، اود في البداية الحديث عن اسباب هذا التدخل العسكري السعودي والذي فيه جانب يلامس الطائفية في المنطقة، كما اشرت الى ذلك في مقال سابق، حيث تريد المملكة مواجهة التهديدات الإيرانية والتمدد الإيراني في اليمن، عن طريق جماعة الحوثي، باعتباره خطر استراتيجي يضعف قوتها ومكانتها بالمنطقة، مقابل تصاعد نفوذ طهران التي تقترب من التوصل لاتفاق بشأن برنامجها النووي وتعميق علاقاتها مع الولايات المتحدة، هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى، فالسعودية التي لايزال بيتها الداخلي يعيش على ارتدادات القرارات المفاجئة والانقلابية التي تلت وصول الملك سلمان الى الحكم، فهي تريد من خلال هذه الضربة حسم نتيجة هذا الصراع، الذي افضى الى تنحية أبناء الملك الراحل وحلفائهم في العائلة، لصالح الحكام الجدد وان كان عن طريق تحالفات جديدة او حرب لا اعلم اذا كان عرابها هيئ لها استراتيجية بداية ونهاية، ويعلم تبعاتها وتداعياتها، ام انها تبقى مجرد مغامرة عسكرية لوزير متحمس؟
أضف الى ذلك رغبة السعودية من خلال هذه العملية العسكرية الى قيادة مجلس التعاون الخليجي وفرض نفسها كقوة سياسية وعسكرية قادرة على قيادة المنطقة بشكل منفرد واحادي. وهنا اعود الى توقيت الضربة والتحالف السعودي / العربي الذي سبق القمة العربية. فالسعودية تطمح، ربما، الى قيادة القوة العربية المشتركة المزمع تشكيلها، اذا لم تمنع الخلافات أو الحساسيات العربية ذلك، او على الاقل، ان تكون لها اليد الطولى فيها.
وهنا لابد من طرح تساؤل: ماذا سيكون الموقف المصري اذا ما فرض هذا الواقع؟ هل سيرضخ لمطامح الشقيقة الكبرى واحلامها بالتفرد في قيادة المنطقة، لضمان استمرار الدعم المالي السعودي لمصر؟ ام سيتجه الى تشكيل تحالف مصري – اماراتي يجنب مصر التبعية المطلقة للسعودية؟، خصوصا ان الخلافات والتباينات في الرؤى ستجعل الامارات ترفض الانجرار خلف السعودية، كما حدث سابقا لما اعلنت ان المرجعية الدينية للامة هي “الازهر الشريف” وليس هيئة “كبار العلماء” التي تحاول الرياض تكريسها كمرجعية عليا لأهل السنة في العالم، لكن سيضع في المقابل القاهرة تحت رحمة ما تعرفه العلاقات الاماراتية السعودية من مد وجزر. ام ستختار مصر بناء علاقاتها مع الجميع على اساس المصالح والتوازنات؟، وخصوصا ان ما يجمع القاهرة بالرياض او ابوظبي هي علاقات استراتيجية يحتاج فيها البعض الى الاخر في ظل تغير موازين القوى في المنطقة، وتنامي خطر داعش والارهاب، وبزوغ واقع عربي تغلب على ملامحه الحروب ويهدده التقسيم مما يستلزم على الجميع الاقتناع بأن لا خروج من هذا المستنقع بدون رؤية موحدة وتعاون مشترك ومصر قوية قادرة على لعب دورها الاستراتيجي في المنطقة.
وهذا ما اتمنى ان تختاره مصر حقا.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر