الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عصام الأكحلي
لقطات متفرقة لما قبل المشهد الأخير
الساعة 16:13
عصام الأكحلي


مع تسارع الأحداث وإختلاف مضمونها وإتساع نطاقها وخطورة في هذا الوطن المبتلى بالماضي الرافض للإكتفاء بما إستفاد و أيضا ما أصاب به الوطن من معضلات مزمنة خلال ألف ومائتين عام , تعذر علي الكتابة هذه المرة حول موضوع معين , فأردت تدوين السطور التالية من خلال نقاط متتالية ومتفرقة المضمون لكنها بمجملها تصب في بوتقة واحدة وتتعلق بموضوع وحيد , وكل نقطة هي بحد ذاتها موضوعاً مستقلاّ وجزءاً هاماً في المشهد الراهن , ولكنها مرتبطة بطبيعة الحال ببقية أجزاء واقع الحال , إنها مايمكن تسميته باللقطات المتفرقة التي تتعلق بمضمون ما قبل المشهد الأخير في صراع الماضي من جهة والحاضر والمستقبل من جهة أخرى , أو صراع طرفين نجد في أحدهما الشعب ومايحمله من حلم الغد وملف مخرجات الحوار والدستور ومشروع الأقاليم والعدالة والمساواة والتوزيع العادل للثرو ة والسلطة , وفي الطرف الاّخر تكتل الفيد التاريخي للمركز المدنس ومايحمله من سلاح القوة وفرض الأمر الواقع و طموح إستمرار الماضي والإستئثار بالسلطة والثروة والنفوذ .

ـ عدد الجنود الذين قتلوا ظلماً وعدوانا في لحج , مساوٍ تقريباً لعدد الجنود الذين قتلوا ظلماً وعدواناً ,أمام منزل الرئيس هادي في أواخر يناير "حرس الرئيس" في عيبٍ أسود ,وبالقرب من الخوخة "حرس وزير الدفاع " في كمينٍ غادر , والجريمة واحدة وبدون أي مبرر .

الفارق فقط , الكيل بمكيالين لدى تحالف الشر , وعدم النظرة الواحدة للدم اليمني , وإستغلال حدث لأهداف سياسية دون مراعاة اللحمة الوطنية , وتغييب حدث اّخر كأنه لم يكن , وهذا دليل إضافي لتبيان الحقيقة وإسقاط الحجة على الجميع . 

ـ إلى الجنود المنتمين للجيش اليمني في المعسكرات المتواجدة في المدن المحتلة , إلى كل جندي حر وشريف , يناديك وطنك ويقول لك يجب عليك مغادرة وحدتك والتوجه إلى قاعدة العند العسكرية ,للإنضمام إلى جيش الوطن, والإلتفاف تحت راية علم الجمهورية اليمنية .

ـ تنبه الجميع للتاريخ المصادف لمغادرة الرئيس هادي إلى عدن , وإستكماله مشوار الدفاع عن المستقبل , ولكن لم ينتبه الجميع تقريباً إلى أن تاريخ خطاب هادي كان مصادفاً لتاريخ 21 مارس , الموافق للتاريخ ذاته عام 2011 ,وطبعاً لم يختار هادي موعد الخطاب ,لأنه لم يختار موعد حسم تمرد السقاف وتسارع الأحداث بعدها , ولكن السقاف هو من إختار يوم إجتياح المطار و محاولة تنفيذ الإنقلاب في عدن , وعموماً ماحدث إشارتين هامتين من السماء كما أعتقد ذلك ,ورسائل طمأنة وبعث روح السكينة والأمل , تفيد في المجمل أن عجلة التاريخ لن تعود إلى الوراء , وأن إرادة الشعوب هي بالتأكيد من إرادة العلي الحكيم .

ـ بعد فرار المتمرد عبدالحافظ السقاف لجأ لمشائخ شبوة وقال لهم " أنا في وجيهكم , ففزعوا للطلب وتناسوا كل شيء والدم المسال في المعركة في حدث يدل على تميز فريد لأخلاق وعادة اليمانيين , وقاموا بتأمين نجاته حتى وصوله سالماً معافى إلى منزله بتعز ,وهو موقف تاريخي يفترض كتابته بحروف من الذهب .

ولكن التساؤل هنا , لماذا تم تعمد تغييب هذا الحدث الذي يساعد على تعزيز اللحمة الوطنية , وتعمد إظهار ونشر أخبار أخرى تهدد النسيج الإجتماعي لأسباب سياسية زائلة لاتراعي المصلحة الوطنية .

ـ قبل عدة أشهر , كانت الأنباء التي ترد حول نية ميليشيا الحوثي السيطرة على العاصمة صنعاء وطموحه بالوصول إلى القصر الجمهوري تقابل بالكثير من السخرية , وتعتبر ذلك ضرباً من الخيال المبالغ فيه , وهذا ما حدث أيضاً لدى البعض تعليقاً على عزم الرئيس هادي رفع العلم الجمهوري فوق أعلى جبل مران , وتحديد هدف شئ رائع إنتبه إليه هادي أخيراً , وسيبقى الهدف نور درب لنا رغم كل شئ يبدو في الأفق , وحول المقارنة بين الحالتين فيفترض أن يصنع الجيش الوطني الفارق , والجيش الذي إتضح انه ليس وطنياً كان له المساهمة الكبرى في إيصال الميليشيا إلى دار الرئاسة , وهو مايحتم تأكيد تصحيح وضعه بشكل كامل لتقريب مسافة الوصول إلى جبال مران .

ـ خلال الفترة السابقة ورغم أن ميليشيا الإنقلاب تمثل إطار مذهبي ومناطقي ضيق , ورغم مسارها الكارثي للمغيبين من عناصرها والإنقلابي الظلامي لقادتها , إلا أن سيادة الخير والحق والجمال في نفوس اليمنيين منعت الجميع من مجرد التفكير في تسميتها مثلا بـ" لجان صعدة الشعبية " , لأن وصم محافظة أو حتى مديرية بشيْ معين له اّثار خطيرة على المدى القريب والبعيد على المجتمع والوطن , و حين قامت اللجان في الجنوب في الإنحياز للوطن لا لجهوية مناطقية , قام إعلام تحالف الشر بإطلاق مصطلح " لجان أبين الشعبية" , في إستهتار واضح , وبعد كبير عن الوطنية التي يتشدقون بها , ودون مراعاة لاّثارها الخطيرة على السلم الإجتماعي والوحدة الوطنية , وهذا هو الفارق بينهم وبيننا , في دلالة أخرى للجميع تبين الحق والحقيقة لإسقاط الحجة على من تحبسه حسابات ضيقة دون النظر للمشهد بكل موضوعية ووضوح .

ـ أول خطاب للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي , أصاب تحالف الشر الإنقلابي بالجنون , وظهر ذلك في الحملة الإعلامية المضادة ,وتنبيه قناة المسيرة بعد خطاب هادي مباشرة ببث خطاب مرتقب لعبدالملك في اليوم التالي , وإعلان التعبئة العامة , وهلم جراً , ورغم القوة العسكرية للإنقلابيين مقارنة بالدولة والشرعية الدستورية ,إلا أن أي صوت للشرعية أو الناشطين يفزعهم , أتعرفون لماذا ؟ , السبب ببساطة أن الباطل مهما تزين للجميع يعرف أنه باطل ويسكنه دوماً الخوف والرعب , وأكثر مايفزعه صوت الحق الداحض لزيفه , ولهذا وعبر فصول التاريخ لم يسمح الباطل بحرية التعبير ,ولهذا مثلاً تحمس الإنقلاب لإغلاق قناة عدن وفعلوا ذلك , ولم يتحمس هادي لإغلاق قناة اليمن الرسمية رغم إستطاعته ذلك ,لأن الحق دوماً واثق الخطوة يمشي ملكاُ سواء كان قوياً أو ضعيفاُ في قمة السلطة أو في غياهب الجب .

ـ لتأمين تعز لا بد من تحرير إب , ولتأمين مأرب وشبوة لا بد من تحرير البيضاء , وأيضاً لتأمين الجنوب لا بد من تحرير مساحة مائة كيلومتر على الأقل بإتجاه الشمال , فالدفاع لم يكن يوماً أفضل من الهجوم , وإنتظار الموت لم يكن يوماً أفضل من تمني حدوثه ,لأنه ببساطة منبع الحياة والنصر .

ـ رغم حياد شوقي أحمد هائل , إلا أنه لم ولن ينل رضا تحالف الإنقلاب , ولم ولن يكسب ثناء الشعب وأبناء تعز , والسبب يعود إلى أن اللحظات الفارقة في تاريخ الأوطان لا تقبل الحياد ومن ينحازوا إليه وتحت أي عذرٍ أو سبب , ولذا يعاقبهم القدر أكثر بكثير من غيرهم , لأنهم كان بإستطاعتهم ترجيح كفة الحق والوطن , وحال تقاعسهم وضياعهم في حساباتٍ ضيقة دون تسجيل الفارق , ولذا يكون العقاب قدراً محتوماً , كما تلتصق بهم لعنة التاريخ إلى يوم القيامة .

ـ لأول مرة في التاريخ , ميليشيا لا تمثل دولة أوحكومة أو شعب أوجيش ,تعلن التعبئة العامة ,وهي ضمن سلسلة من العجائب السابقة والمتوقعة لاحقاً لميليشيا جماعة الحوثي المسلحة , إنها فانتازيا صارخة لم نكن يحلم بها أشد المتشائمين بعد ثورة التغيير التي جاءت لتغيير المشهد تصاعدياً , لكن المسار التنازلي المتسارع إلى منحدر بالغ العمق هو الذي ساد المشهد , فقط لنحتاج الكثير للوصول إلى ماكنا عليه فقط , وعدم المبالغة في الحلم للسير بإتجاه أعلى الجبل .

ـ قيام الطيران الحربي المختطف لدى تحالف الإنقلاب بالإعتداء على القصر الجمهوري بعدن , وكذلك قيام تحالف الشر بتسليم معدات وأصول معسكر القوات الخاصة بمحافظة لحج للإرهابيين والبلطجية , مؤشران اّخران على مدى قبح وبشاعة قوى تكتل الفيد التاريخي للمركز المدنس , ودليل إضافي لتبيان الحقيقة وإسقاط الحجة على الجميع .

ـ الحزب الإشتراكي , ورغم كل مهادناته وغض طرفه عن الميليشيا , ومجاراتها أحياناً لأهداف بعضها معلوم وأخرى مجهولة , إلا أنه إنتفض عند سماعه بخبر إقرار الميليشيا للتعبئة العامة , وإعتبر ذلك إعلان حرب على الجنوب وأدان القرار بشكل كبير , وكان الحزب أول من يصدر بياناً حول قرار التعبئة العامة , وهو مؤشر هام يفترض أن يصل للميليشيا , ليدله على أن إستنساخ حرب 94 , ليس أمراً صعباً فقط , بل هو مستحيل تماماً , ولن يجد من يسايره في ذلك من الحلفاء أو الأعداء , بإستثناء الساحر الذي جاء بهم من أقصى مران إلى مشارف الجنوب وفقاً لقاعدة "نحن أو الطوفان" .

ـ حذاري حذاري حذاري , أن يقف الإصلاح على الحياد في المعركة الفاصلة بين الماضي والمستقبل , بين الشعب وتكتل الفيد التاريخي للمركز المدنس , فالحاضر والمستقبل والوطن والتاريخ والشعب , وقبل ذلك كله العدل الصمد لن يرحم أو يمهل من ظلم نفسه ووطنه وتقاعس عن الواجب الوطني والتاريخي في لحظة فاصلة نكون بعدها أو لانكون , لست إصلاحياً ولكنني أدرك تأثيره وحجمه ومدى دوره المفترض في ترجيح الكفة لمصلحة الوطن والمستقبل , ولذا لا مجال لديه كما أعتقد سوى الإنضمام للشعب في معركته الحاسمة وفي التوقيت المناسب .

ـ الرئيس السابق المخلوع علي صالح والذي يعتبر الوطن مزرعة خاصة , لديه ميزات عديدة رغم كل شئ ,لا بد من الإعتراف بها ,وإحداها أنه سياسي محنك وداهية في مجال الإعلام وتلميع الذات , ولذا مثلاُ قام صالح في العام 1994 بتعيين رئيس للوزراء من حضرموت , ووزير دفاع من أبين ,للتمويه والترويج الإعلامي والإجتماعي أن الحرب وطنية وحدوية , وخدعنا جميعا يومها بحقيقة دوافع الحرب التي لم تكن سوى لإقصاء الاّخر وإستمرار إحتكار السلطة والثروة , والمهم هنا حالياً ,قيام الرئيس هادي بتعيين رئيس وزراء ينتمي إلى تعز , ووزير دفاع من عمران , وليكن الصبيحي قائداً للجيش , وهذا إن كان ذا أثر محدود على الواقع ظاهرياً فإنه إعلامياً وإجتماعياً مهم جداً وذا أثر كبير ,والمعركة كما يعلم الجميع إعلامية في المقام الأول .

ـ كانت حرب صيف 94 الأسوأ في مسار الإقتصاد الوطني , وكانت كارثة بكل المقاييس , مازلنا نعاني اّثارها الإقتصادية حتى اللحظة , ناهيك عن الاّثار الأخرى سياسياً وإجتماعياً وثقافياً وغير ذلك , و لم تؤثر أزمة أو حرب على العملة الوطنية كما فعلت حرب 94 , واليوم وفي ظل وطن مثقل بهموم الفقر والبطالة والجوع والمرض لا يحتمل حرباً تهدد بكارثة إنسانية لاتبقي ولا تذر , فهل وضع مراهقو ومغامروا تحالف الإنقلاب الشعب ولقمة عيشه في حساباتهم , ام الشعب هنا كما كان دوماً اّخر ما يفكر به تكتل الفيد التاريخي للمركز المدنس . 

ـ لا يمثل أبناء شمال الشمال مراكز قوى تكتل الفيد التاريخي للمركز المدنس , وهم أول ضحاياه ,وأيضاً في الصراع غالبيتهم مع ملف المستقبل والعدالة والمساواة ,ورأى الجميع مسيرات ذمار وصنعاء , ولو أمكن لهم التعبير أيضاً في صعدة وعمران لفعلوا لكن الإستبداد هناك أشد وطأة وكارثية , و كذلك بقية أبناء الشعب شمالاً وجنوبا مع المستقبل , ولذا فتكتل الفيد يعرف الخطر المحدق به , ويتصرف إزاءه بما يناسب خطورة الواقع عليه , ومازال ينظر للوطن كملكية خاصة به ,فمثلاً فزع كثيراً لخسارة معسكر القوات الخاصة بعدن , وعتاد كتيبتين بمأرب ,في حين مضى الأمر كأنه طبيعياً في معسكر القوات الجوية بصنعاء , بعد إقالة راشد الجند , ولم ينبري الشعب للدفاع عنه , وهنا الفارق في سر اللعبة , التي لن تتغير نتائجها مالم تتبدل قواعدها ومسار أحداثها .

ـ إحتفل الرئيس السابق المخلوع علي صالح بعيد ميلاده في 21 مارس 2015 , بعد أربع سنوات خلت من البهجة في عيد ميلاد الزعيم, فهذه المرة كان الإحتفال بلون الفرح وطعم الإنتصار , فرموز ثورة التغيير رحلوا , ومن رفع الشعب في وجهه شعار "ارحل " , بقي معززاً مكرماً في صنعاء , وحين كان الشعب يصنع ملف مخرجات الحوار ومسودة الدستور ويتطلع لدولته المنشودة , كان المخلوع يمنع إحتفال عيد الميلاد , ويخطط للإنتقام والعودة من النافذة , و نجح بالفعل في ذلك , بل وإحتفل في الوقت ذاته التي كانت جحافله تتوجه لإجتياح تعز والجنوب ومأرب , ليؤكد الواقع فرضية لا جدال فيها تنص على أن " تعافي الوطن مرهون بزوال عفاش , وتعافي عفاش مرهون بزوال الوطن ".

ـ قبل 21 سبتمبر , لم تعرف صنعاء قديماً وحديثاً إستهدافاً للمصلليين في مساجدها كما حدث في مسجدي بدر والحشوش , إن الجريمة إحدى إنجازات ثورة الحوثي وميليشياته الكارثية , وبطبيعة الحال , فإن إيران تنشر أوبئتها في صنعاء والوطن ,كما فعلت سابقاً في العراق وسوريا ولبنان , والجميع سيدفع الثمن وضمنهم الحوثيون الذين كانوا كما البقية أكثر أمنا وأماناً قبل 21 سبتمبر ,وهذا يعني أنه بالتأكيد لن ننعم بالأمن قبل رحيل المشروع الإيراني وبشكل كامل عن الوطن , أي ليس قبل رفع العلم اليمني في قمة جبال مران وضحيان .

ـ هزيمة الإنقلاب في عدن , أرعبت تحالف الشر كثيراً , فكان لا بد من البحث عن نصرٍ عاجل يمحو عار الخسارة الفادحة , حتى إن كان نصراً هزيلاً وبعيد عن الواقعية والحقيقة , فكان الطريق إلى تعز , تعز التي دفنت حلم عفاش , وستدفن أيضاً حلم سليل الإمامة , وكما قالت الحائزة على جائزة نوبل توكل كرمان " سيرفع العلم الجمهوري في جبل مران طفل من تعز " , وستبقين يا تعز عاصمة الثورة ورمز المدنية وحلم المستقبل رغم أنف الإنقلاب الظلامي ,وصمود أبناء تعز وحشودها العارمة بقيت وستبقى أملاً وحافزاً ومصدر فخرٍ للجميع وللوطن .

والقصة مستمرة , وأيضاً الثورة مستمرة , وسيبقى الوطن.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص