الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
نُهى البدوي
الاختطاف خنجر مسموم في يد القاعدة
الساعة 15:22
نُهى البدوي


رغم أن جرائم الاختطاف مثلت إحدى الأدوات لمصادر التمويل "لتنظيم القاعدة" في اليمن محققاً من خلالها مكاسب كبيرة في الأعوام الماضية حيث شبهها - ناصر الوحيشي زعيم "تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية" أن "اختطاف الرهائن يعتبر غنيمة سهلة وهي تجارة مربحة وكنز ثمين"، إلا أن انخفاض هذه الجرائم وتلاشي ارتكابه لها في الآونة الأخيرة ، يضع هذا التراجع محل تفسيرات مختلفة من قبل المهتمين بشؤن "تنظيم القاعدة" في اليمن، وعدم استبعادهم وجود دوافع موضوعية تتصل بنتائج وتداعيات ارتكابه لهذا النوع من الجرائم التي أدت إلى هذا التراجع، فضلاً عن التفسيرات التي ذهبت لتصوير التنظيم وكأنه بدأ يتخلى عن هذه الأداة تدريجياً كاستراتيجية أصبحت غير فعالة بعد أن تبّين له أنها تجلب له مزيداً من المخاطر وتفقده التأييد الشعبي في مناطق القبائل بسبب النتائج العكسية وآثارها السلبية الاقتصادية والاجتماعية التي تطال مناطقهم.

مؤخراً أفرج "تنظيم القاعدة" في اليمن عن الدبلوماسي السعودي عبدالله الخالدي المختطف منذُ 18مارس 2012، ليليه بعد أيام الإفراج عن الدبلوماسي الإيراني أحمد نور المختطف نيكبخت
منذُ 21 يوليو 2013، في عمليتين يلفهما الغموض والشك، ولا تزال الروايات متناقضة حول كيفية الإفراج عنهما وتتحدث بعضها أنه تم الإفراج عن الدبلوماسي السعودي مقابل دفع الفدية المالية والإفراج عن الدبلوماسي الإيراني بالمقايضة بالإفراج عن عناصر لتنظيم القاعدة بسجون إيران، فيما تتحدث روايات أخرى أن تحريرهما جاء بعمليتين منفصلتين من قبل جهازي المخابرات السعودية والإيرانية.

في ظل هذا التناقض علينا ألا نستبق ما ستكشفه الأيام القادمة من خفايا حول هاتين العمليتين، والنظر في الوقت الراهن بتفحص إلى نتائجها على الأرض وتلاشي حدة المواقف المتشددة المألوفه سابقاً من "تنظيم القاعدة" وفرضه الشروط التعجيزية قبل الإفراج عن أية رهينة، الذي يؤكد اختفاؤها صحة ما وصفها البعض بأنه توجه جديد للتنظيم، يمكن احتسابه مؤشراً أيجابياً للتخلص من مخاطر بقائهما والإسراع بالإفراج عنهما تجنباً لأية آثاراً سلبية قد تطاله من أطراف محلية أو خارجية لاستمراره اختطافهما.

وبالنظر إلى المكاسب التي جناها "تنظيم القاعدة في شبة جزيرة العرب" لاختطافه الأجانب في اليمن، ووفقًاً لتقرير أصدرته الأمم المتحدة، الذي يقدر أن التنظيم قد حصل بين عامي 2011 و2013 على 20 مليون دولار من الفديات، فلا عجب إذن أن قائد التنظيم، ناصر الوحيشي، كتب عام 2012 : " اختطاف الرهائن غنيمة سهلة، إنها تجارة مربحة وكنز ثمين". كذلك دعا أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة، في عدة رسائل مسجلة داعمي تنظيم القاعدة حول العالم إلى اختطاف الغربيين.

مما قاد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2001 إلى حظر تمويل الإرهابيين، ودعا الدول الأعضاء عام 2014 إلى " منع الإرهابيين من الانتفاع بطريق مباشر أو غير مباشر من الفديات". لكن الأدلة تشير إلى أن بعض الدول لاتزال تدفع الفدية مقابل إطلاق سراح مواطنيها، وإذا صحت الروايات حول الإفراج عن الرهينتين الدبلوماسيين السعودي والإيراني مقابل الفدية، والمقايضة بالإفراج عن عناصر التنظيم في سجون إيران فإن الدولتين بذلك قد خضعتا لشروط التنظيم ومساومته، والتحقتا ببقية الدول المخالفة لقرارات مجلس الأمن الدولي.

في حين تُصر بعض الدول العظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على الالتزام بهذه القرارات وعدم الرضوخ لمساومات وشروط "تنظيم القاعدة" مقابل الإفراج عن مخطوفين من مواطنيها، وهو ما يعتبرها اليمنيون خطوة جادة لقطع الطريق أمامه كي لا يستفيد من أية مكاسب أو فديات مالية قد يحصل عليها مقابل إفراجه عن الرهائن. وقد لقيت هذه الطريقة الرافضة لخضوع تلك الدول لضغوط التنظيمات الإرهابية ترحيباً شعبياً في مختلف البلدان بإعتبار تنفيذ عمليات " تحرير الرهائن" هي الوسيلة المناسبة لمواجهة هذا الخطر لتخليص شعوب العالم من آثار جرائم الاختطاف، حيث كشف خلال الصيف الماضي أن قوات الجيش الأمريكي نفذت مداهمة ليلية في سوريا، في محاولة للعثور علي الصحفي جيمس فولي وتحريره.

ومع ما حدث من إخفاق في عملية تحرير المواطن الأمريكي لوك سومرز والمواطن جنوب أفريقي وبيير كوركي في ديسمبر 2014، في اليمن وقتل أعداد من عناصر التنظيم، إلا أن ذلك لا يخفي رضاء اليمنيين بنجاحها لاسيما بعد بروز المؤشرات الإيجابية بتراجع (تنظيم القاعدة) من ارتكاب جرائم الاختطاف ومحاولاته الجدية بعدم الاعتماد عليها كاستراتيجية فعالة.

بعد أن أدرك "تنظيم القاعدة" الآثار المباشرة وغير المباشرة للاختطاف بأنه سلاح ذو حدّين، يمكن أن يحقق له المكاسب المصحوبة بالأضرار وأحياناً تفوق هذه المخاطر والخسائر البشرية مقارنة بما يبحث عن تحقيقه من مقايضات ومكاسب مالية مقابل الإفراج عن الرهائن ، كما نتج من عملية محاولة تحرير الرهينتين المواطن الأمريكي لوك سومرز والمواطن جنوب أفريقي وبيير كوركي في ديسمبر 2014، ويمكن القول: إن هذا السلاح الذي اعتمد عليه تنظيم القاعدة في الأعوام السابقة كإحدى الأدوات للحصول على الفدية المالية قد تحول مؤخراً إلى سلاح أشبة بالخنجر المسموم في جراب القاعدة، يفسد تحقيق أي نجاح مكتمل، ووضعه في المحك لتغيير نظرته السابقة حول الاختطاف، بعد أن أصبحت استراتيجية ليست فعالة أدت إلى مزيد من التدقيق والمخاطر المتعددة، وبررت للقيام بعمليات عسكرية ضده.
[email protected]

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص