الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
المؤتمر والمجازفة الخاسرة
الساعة 23:57
أحمد طارش خرصان


للوجع في حياتنا مرويات وحكايات ، ما تلبث أن تتحول إلى ما يشبه وجبةً يوميةً، وبإيقاع رتيبٍ وممل بعض الشيء ، يفتقر لعنصر الإدهاش والجدة الباعثة على الشعور بأن ثمة أشياء - غير اعتيادية - تحدث في حياتنا. 

يمنحك الوجع فرصة حقيقية لإختبار إنسانيتك وإحساسك بمدى إنتمائك لأناس، تحول الوجع رابطاً قوياً بينك وهم ، ويكاد أن يهديك فرصة - قد لاتتكرر- لتهذيب ورعاية ما جف من قيمٍ إنسانيةٍ ، وتضامنٍ إجتماعيٍ ، يشعرك الآن بالمسافة التي أنت عليها ،من كل ما يحيط بك من موجوعين وحزانى. 

أثبت الساسة- في اليمن - براعتهم في إنتاج الأذى ، وخلق مناخات كافية لما من شأنه التأسيس لبلدٍ لا يجد حرجاً في تقبٌّل الهزائم والإنكسارات ، ويكاد الساسة - جميعهم - بممارساتهم يقفون على النقيض من اهتمامات الشارع ومشكلاته وآماله وطموحاته ، ولعل هذا الموقف يفسر بوضوح حالة الكساد المستشرية لحركة الأحزاب وخطواتها البائسة ، حد قول الكثير من الموجوعين من أبناء الشعب اليمني. 

تدفعنا الأحزاب السياسية باتجاه التعويل على الرئيس هادي ، وبأن ثمة أمل في تجاوز ما نحن فيه ، وأنه ( هادي ) بوضعيته الجديدة يمكن أن يمثل فرصة للنجاة ومغادرة هذا الوضع الموبوء ، متناسين عواقب ما كنا اعتقدناه خلال أربع سنوات ، لم يكن هادي خلالها سوى أداة سيئة - وسيئة جدا- قضتْ على كلّ لحظة احترام ، كنَّا نشعرها تجاه منصب الرئيس وكرسي السلطة الأول. 

ثمة تفسيرات سيئة لتراجع موقف المؤتمر الشعبي العام إزاء ما يمر به البلد ، قياساً على حضوره القوي والفاعل - إيجاباً أو سلباً - منذُ ١١ فبراير ٢٠١١م وحتى ما قبل إعلان الحوثيين الأخير ، إذْ بدا أن المؤتمر- عقب الإعلان الحوثي - يؤدي دوراً هزيلاً - بحسب رأي الكثيرين - لا يتناسب وتواجد قاعدته الشعبية في الخارطة السياسية اليمنية ، ناهيك عن حالة الإرباك التي تعانيها تشكيلات المؤتمر وبنيته التنظيمية في المحافظات ، بناءاً على حالة الضّديّة في مواقف وتصريحات وممارسات قياداته العليا، ومواقف قياداته في المحافظات ، وكأن قياداته العليا تعمل بمعزل تام - ودون تنسيق - عن قياداته في المحافظات ، وذلك فيما يخص الإنتهاكات ومصادرة الحريات التي يقوم بها الحوثيون في صنعاء وبعض المحافظات ومنها إب مثلاً. 

مواقف المؤتمر الأخيرة تؤكد حالة الإستلاب التي وصل إليها ، وبما يترك لدى منتسبيه وضعيةً مختلةً ، يمكن استخدامها كمدخل للإقتراب من المحنة التي يعيشها المؤتمر الشعبي العام ، والبحث عن إجابةٍ - يبدو أنها ما تزال بعيدةً - لسؤال ... ما الذي يفعله المؤتمر اليوم..؟ 
إذْ يدرك المؤتمريون ما هم عليه اليوم ، في ظل تنامي واتساع قوة الحوثيين العسكرية 
، وأنه من الصعب اليوم تجاهل هذه القوة ، بالتعويل على أكذوبة ( أن المؤتمر وراء تفوق الحوثيين وغلبتهم) وبما يجعل الحوثيين أشبه بعامل أجرة ، ينتهي دوره بإنتهاء ما وجد من أجله. 

لا أدري هل يشعر المؤتمريون خطورة ما هم عليه اليوم .. وخطورة الإرتهان للحظوظ الواهنة ، ومعجزة الخروج من الورطة التأريخية ، كنتيجة طبيعية لديكتاتورية القرار داخل قيادة المؤتمر..؟
لقد نجح المؤتمر عقب ٢٠١١/٢/١١م في البقاء كحزب قويٍ في دائرة الحدث ، بنصف حكومة وقبضة حديدية ظلتْ ممسكةً بهيكل الدولة ومؤسساتها ، لكنه - بحسب المعطيات عقب انقلاب الحوثيين - فشل في التمسك بتلك الحالة ، ويبدو أنه سيخرج (خالي الوفاض) كأطلال حزب ، وبقبضة أفلتت أجهزة ومؤسسات الدولة لضربة حظ ومجازفةٍ - بدتْ اليوم - خاسرة.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص