الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عبد الحافظ الصمدي
لأجل عينيك بلقيس..
الساعة 17:15
عبد الحافظ الصمدي

 

تراني أستعذب الصمت مع غابة من الحنين المشاكس، فانتفض بلسعة الضمير أخيراً، ينتزعني مصيرك والخشية على مستقبلك من وحل السكوت العميق حين أرى عاصفة تثير أمزان الغبار من الساحات إلى حيث يبدو وميض قدومك ورياح الإصرار عاتية تصرصر في غابة الحنين إليك والعزيمة على استعادة المجد زلازل لا ترحم من يدعون امتلاكك ولطموحي فيك زخم عنيد يوقضني من سبات الصمت بقوة استفزازية..

 منذ صرت مدهشة كالغابة يوحشني مسائك والصباح، ماضيك وحاضرك والمستقبل وأنت التي لا تزال رهيبة بهيبة الرعد شامخة كأنف الكبرياء تزدان مدنك بمآذن تأبى الانكسار تتربعين بثقة العظماء كقبة سليمان النبي، حين يسبح التاريخ بأمجادك.. أستحضر الوقار لعلي أملك الاتزان في الوقوف على بساطك  وغابات الحنين كل ما فيها وما يلفها لا يحبذ الرضوخ لقوانين الظلام والتحاور الروحي معك وهدوء التائهين فيك مثلي..

 انسابت الألحان ليلة استحضار حبك في انتظارك المقدس وانساقت معها نحوك الأشجان وما كان لأبنائك أن يؤثرون الصمت حد إغراقك بالخذلان.. هنا حيث كانت الأحداث تستفزها.. توحشها الكلمات كلمات تحاكي مشروع تم اغتياله في المهد قبل ان يتفهم طقوس المدنية ومستقبلها المنتظر منذ أحلام طويلة تجالد الضياع.. لحظة مخاض لم تكتمل طقوسها إنها كلمات لا تنجبها الأفكار؛  كأن الشرود ساقها في لحظة  يضع الوجوم وجه المشوق كزجاجة نبيذ ملقاة بعشوائية على كف التيه في لحظة ليس فيها للشارد حضور سوى كومة جسد ملقاة بغجرية، مكومة في القعود فيما الروح والقلب والتفكير سفرهم الوجد قسرا نحو استحضار الوجه السعيد منك بجدارة تشبه جرأة الفدائيين، تراهم يمتطون صهوة الفداء يتحاشون التهور الممقوت لأجل عينيك بلقيس..

غني لي أيتها العظيمة من تاريخ آياتك فأني أشعر بالضياع ودوار التقيؤ بما فيني من تراث ماضيك.. رددي: " أنا رتق لا ينفتق، بانسجام تاريخي على فطرة التاريخ كما أراد الإله كان الالتئام.. ذويزن يحيا في كل جيل ما دامت الأوطان تحيا بالشعوب ومادام أبطالك الشباب يفرشون على انتظار قدومك دماءهم والأشلاء.

ردديها.. أيتها الشامخة كأصل فروعه في السماء تسري فيه سرمدية الاخضرار والحياة.. ردديها أغنية لأجيال لم ولن تخذلك، حتى يتردد صدى لحن ماضيك ليتلو علينا حين يأخذنا الخشوع:" ولادة حدث لازال عظيماً منذ الوهلة الأولى معمد بإرادة شعب تذيله بصمات جماهير أجيالك توقيعاً بحلم وطن وبحجم مدائن لا تعرف الانحناء نخيلها، متى ما عشقت الأجيال ترابها وردد النشيد الفداء صاخباً كأنهار أرض كريمة تأبى الانتحار على شفرات التمزق.. يا بلاد الشموخ أتطلع فيك طمعاً في السمو البعيد المنال وهذا التردد يلوح في وجهي بورقة الانهيار، وبدا الترنح يرعش بسذاجة اتزاني، يهددني بالسقوط..

أتخذ من عرشك مصلى أقف على حافة الشموخ أستجدي عبثاً الكبرياء فيخذلني الحاضر الضحية، يعتصرني الحنين، وعويل صرحك يدمر العزيمة ويموت إصراري خوف المكابرة والعناد.. وقبل ضياعي في متاهات التخاذل، دعيني ألتمس من جنباتك الضياء وأبادل الدامر والمعمور فيك نشيد الولاء:
بلقيس يا وجعي ويا وجع المسافات البعيدة..
ياشوقاً تضمخ بالفداء..
ويا حباً يسري بنفسي كلحن في قصيدة..
ياسراً يتوقني كخارطة تفترش السعيدة..
بلقيس في آخر السكرات تشعلنا دماً
وتزرع فينا الحياة بذوراً جديدة..
 

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص