الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عبد الرحمن دغار
اليمن.. من قمة الحضارة إلى قاع الكهوف
الساعة 17:13
عبد الرحمن دغار

حين يختصر الوطن في كلمة ونغمة وشعار ومجاملات لغوية تسقط القيمة الحقيقية للمواطنة وحب الوطن وتعلو شعارات الزيف والمحاباه ، من أعماق التاريخ وعمق الأصاله ومن لب الحضارات جاءت اليمن كما قيل ويقال،جاءت برائحة اللبان والبخور وبلقيس وسبأ والسد ومعين وحمير والشورى والسياسة والدين، جاءت بالشعر والادب والتاريخ والحضارة بيزيد ابن المفرغ الحميري ونشوان ووضاح اليمن بتبع وامرئ القيس وعمرو بن كلثوم والانصار وحسان بن ثابت وسعد بن عبادة وابو موسى الاشعري وعمار بن ياسر، جاءت بالجيوش والفتوحات ونشر الاسلام وعبور البحار وبناء الارض،حيث عبرت اليمن الجزيرة العربية نحو الشرق والغرب وأقامت الممالك والقصور وأرست الدول والحكام وساهمت في تشكل الدولة الاسلامية منذ بدء الرسالة وفي الحفاظ عليها بعد موت الرسول ،ساهمت في قيام الدولة الاموية والعباسية ودولة بني أمية في الأندلس، اليمن الانسان والحضارة والتاريخ، الارض السعيدة وبلاد الجنتين بلد البردوني والزبيري والثلايا والنعمان وبلد إبراهيم الحمدي وعبدالرقيب عبدالوهاب.

اليمن مصحف الشجاعة والعروبة والكرم والتضحيات والنضال، بلد الحكمة والايمان.

لكن اليمن اليوم لم يعد كما كان فقد أصبح: الوطن الذي تم إفراغه من كل تلك القيم وذلك التاريخ والنضال والجمال والعزة والكرم والرموز التاريخية الكبيرة، كل ذلك البهاء سقط عمدا فسقطت معه حضارة أمة وتاريخ شعب وسقطت قيمة الإنسان اليمني ومكانته. 

لم يكن سبتمبر 2014 هو بداية الإنحدار وإنما من قبل، ففي الستينيات قامت ثورة سبتمبر كخيار وقناعة لإخراج البلد من ظلم الملكية إلى عدل الجمهورية لكن ما حصل بعد الثورة لم يكن بقدر طموحات الشعب حيث ظهر الظلم والفساد والمحاباه واختفت اهداف الثورة من واقع الثوار ومن الواقع العملي، ومرت الثورة بإنتكاسات خطيرة كان أخطرها هو رجوع الإماميين كشريك في السلطة مناصفة مع الجمهوريين طبقا لمؤتمر حرض وعادت الملكية من جديد لتصبح اليمن بين تقاسمات وحصص .

استطاع الملكيون أن يخترقوا كل مؤسسات الدولة الوليدة فدمروها وافسدوا فيها منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا،حيث سيطروا على التعليم والقضاء والصحة ووو...
ومن خلال مواقعهم استطاعوا أن يشوهوا وجه الجمهورية التي لم تمنح الناس ما كان يحلموا به بسبب أولئك الذين عادوا للحكم ،وهاهم اليوم يعودون من جديد تحت لافتة الثورة والشعب والأمة والدين متناسين لقبحهم وفسادهم وتدميرهم لليمن طوال تلك القرون.

لقد خان اليمنيون الجمهورية التي ذهب ضحيتها سنوات من القهر والحرمان والجوع والظلم والتشريد والسجون والكثير من الشهداء حين تركوا هذه العصابات تسقط الدولة وتسرقها أمام أعينهم .

الرئيس والجيش والحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني شاركت في ضياع اليمن وسقوطه بيد المليشيات فلا أحد ينفي عن نفسه مشاركته في هذه الجريمة الكارثية، ولاتزال الاحزاب حتى اللحظة تمارس سمسرة بيع الدولة ومنح المليشيات الغطاء السياسي لممارساتهم البشعة ضد الدولة والشعب فإذا كانت النخب السياسية تتعامل بهكذا عقلية وتفكير فمن أين سيأتي الامل بأن القادم أجمل وبأن هناك من سيستطيع النضال لاستعادة الدولة من العصابات. 

لك الله يا يمن لقد خذلك أبناءك أكثر من أي وقت مضى.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص