- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- تقرير بحثي يحصر الأضرار الاقتصادية للسيول في اليمن
- المبعوث الأممي يتهم الحوثي بتهديد الملاحة وإعاقة جهود السلام
- مقتل طالبتين وإصابة 14 أخريات في انفجار قاعدة عسكرية حوثية في تعز
- فساد الحوثي.. تغريم مواطن مبلغ باهض والسبب!
- طبيب الأسنان مأمون الدلالي ينال درجة الماجستير من جامعة العلوم والتكنولوجيا
- قرية "الوعل" مسلسل درامي يعرض في رمضان
- الجالية اليمنية في مصر ترفض تعيينات السفير بحاح هيئة إدارية ورقابية دون إجراء انتخابات
- سفير اليمن لدى اليابان يبحث مع مسئولي شركة ميتسوبيشي سبل تعزيز الشراكة التجارية
- مبادرة استعادة ترحب بقرارات محكمة الأموال العامة بإدانة عدد من البنوك اليمنية
- مبادرة استعادة تكشف عن عدد من شركات الصرافة الحوثية ضمن الشبكة المالية الإيرانية
بغض النظر عن موقفنا من الإعلان "الدستوري" الذي أعلنته جماعة الحوثي يوم أمس الجمعة، والذي بموجبه أعلن الحوثي نفسه حاكماً مطلقاً لليمن، فإن الإعلان قد صار أمراً واقعاً في حياة اليمنيين ودولتهم المتهالكة.
لذلك اعتقد أننا سنضيع وقتنا إن ظللنا نتساءل حول شرعية ذلك الاعلان، وهل هو إعلان دستوري أم مجرد بيان سياسي؟ وهل يحق لجماعة الحوثي من الناحية الدستورية والقانونية أن تصدر إعلاناً دستورياً أم لا؟ وهل صيغ ذلك الإعلان بصورة سليمة من الناحية القانونية واللغوية أم أنه يتميز بالركة والضعف؟
ذلك أن استمرارنا في إلقاء تلك الأسئلة لن يجدي نفعاً، لأن الحوثيين في واقع الأمر لم يفرضوا سيطرتهم على مؤسسات الدولة اليمنية بواسطة ذلك الإعلان الدستوري، لكنهم قد فرضوها باكتساحهم المسلح للعاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي، ووجودهم السابق لإعلانهم الدستوري لم يكن له صلة بالدستور والقانون لنتساءل عن دستورية وقانونية وجودهم اللاحق لذلك الإعلان.
ورأيي الشخصي أن ذلك الإعلان قد وضع النقاط على الحروف، وجعل الحوثيين ينتقلون من تحت الطاولة إلى أعلاها، فقد صاروا بموجب هذا الإعلان هم المسؤول الأول أمام الشعب عن شؤون الدولة بخيرها وشرها، بدلاً من الوضع الشاذ السابق الذي كانوا يسيطرون فيه على كل مقاليد الأمور، ويُحَمِلون تباعاتها السيئة لغيرهم من المسؤولين (رئيس الدولة ورئيس الحكومة ووزرائها) بينما هم في واقع الأمر كانوا قد صاروا مجرد واجهات لا تملك حتى التحكم في شؤونها الخاصة.
بينما لن يكون بمقدور جماعة الحوثي بعد اليوم القاء تبعات فشلها على غيرها، فقد صاروا هم الدولة بكل مؤسساتها، حتى وإن أوهمونا بالشراكة عن طريق ترشيح شخصيات ديكورية في مجلس الرئاسة والحكومة والمجلس الوطني، فإعلانهم الدستوري قد كان صريحاً وواضحاً بأن الكلمة الأولى والأخيرة إنما هي للجانهم الثورية، المكونة من جماعتهم أو من أتباع آخرين يدينون لهم بالولاء المطلق.
فهم لم يعودوا مثلاً بحاجة لممارسة غزوات الأختام، فقد صارت الدولة كاملة بأيديهم، ولن يكن هناك معنى لمطالبتهم بالسيطرة على دوائر الرقابة والتفتيش والدوائر المالية، فقد صاروا هم الآمر الناهي في كل الأمور. والناس لهم عيون تشاهد، وعقول تفكر، وألسنة تستنتج وتتحدث بما تشاهده وتستنتجه، والشعب قد شب عن الطوق من بعد ثورة فبراير الشعبية، ولم يعد بمقدور أحد خداعه أو اسكاته، وإن كان ذلك يتبدى حتى الآن كمنجز وحيد لتلك الثورة المغدورة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل سيتصرف الحوثيون كرجال دولة؟ بكل ما تعنيه تلك الكلمة، ويتعاملون مع كل المواطنين بالسوية، أم أنهم سيظلون يتصرفون بعقلية المليشيا؟! ويجعلون كل همهم تصفية ثاراتهم مع من يعتقدونهم خصوماً أو منافسين أشداء على الساحة الوطنية، ويصبح كل همهم إضعاف أولئك المنافسين، واستمرار تحميلهم كل مشاكل اليمن والكون بما فيها تفجير الأعاصير والزلازل والبراكين وإحداث ثقب الأوزون!!
بحيث يعتقدون أنهم بذلك سيتمكنون من إسكات بقية الأطراف السياسية ويمنعونهم من الانتقال إلى صف معارضتهم. إلى جانب اعتقادهم بأنهم انما يستمدون بقاءهم من قدرتهم على تقديم أنفسهم كوكلاء يُصَفون أجندات خاصة بقوى محلية وإقليمية ودولية مع أطراف محددة داخلياً وخارجياً.. الإجابة سنتركها لقادم الأيام، رغم أني أكاد أجزم بالطريق الذي سيسلكونه ومعي الكثير من أبناء هذا الوطن.. لكن دعونا نجرب.
فاستفراد الحوثيين بسلطات الدولة وهيمنتهم عليها لن يكون نهاية المطاف، بقدر ما هو بداية لدخولهم إلى قاعة الامتحان. وحديثنا عن سلطة جماعة الحوثي كأمر واقع لا يعني أننا نتحدث عن الاستسلام لها، لكننا نقول دعوهم يحكمون ولتخرج الأحزاب الوطنية إلى المعارضة السياسية والسلمية بكل صنوفها، وعلى رأسها أحزاب المشترك الكبرى (الاصلاح، الاشتراكي، الناصري)، ومعها حزب العدالة والبناء وحزب الرشاد. والضغط من أجل منع مصادرة العملية الديمقراطية، أو الخروج عن مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة، التي تقول كل الشواهد بأن الحوثيين لم يعودوا يفكرون بتطبيقهما رغم نص إعلانهم الدستوري على ذلك.
ختاماً: تجربة الرئيس هادي علمتنا بأن نراهن على أبناء شعبنا بدلاً من المراهنات على قوى خارجية. وإن كان ذلك لا يمنعنا من الاعتراف بأن ما يدور على الساحة اليمنية يعبر عن حاجات خارجية أكثر من تعبيره عن حاجات داخلية، فظهور الإعلان الدستوري في هذا الوقت تحديداً، وما ترتب عليه، يُعتقد أنه قد كان بإيحاء من قوى إقليمية ودولية تختلف مع توجهات الملك السعودي الجديد سلمان بن عبدالعزيز بخصوص العديد من الملفات الساخنة، فأردت أن تشغله بتوجيه الأوضاع في حدوده الجنوبية بعكس اتجاه الدفة، علها تستطيع بذلك إيقاف توجهاته المغايرة في جبهات أخرى كانت ملامحها قد بدأت في التبلور، أو على الأقل تعطلها ريثما تتمكن من إعادة ترتيب أوراقها.
حكمة أخيرة: قد تستطيع خداع كل الناس لبعض الوقت، وقد تستطيع خداع بعض الناس كل الوقت، لكنك أبداً لا تستطيع خداع كل الناس لكل الوقت.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر