الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عبد الحافظ الصمدي
الســـــــقـوط الأخـيــــــــــــر
الساعة 21:15
عبد الحافظ الصمدي


لست نادماً على زمن أضفته بالخطأ إلى تاريخي، أيقنت الآن أنه يستحق التطهير.. لعلي أمتلك الجرأة والوطنية معاً لأطلب عفوك أيتها المدينة المغتسلة بأمطار الشعر الممتدة كالضوء من قلب الزمن الغابر؛ أبتهل نحوك وخرافة تاريخية تتسلل في وجدي، شهية كرائحة البن اليمني المحروق..

قدومك من غياهب الحب دافعاً لأن ألغي خارطتي الغرامية وأتجه نحوك، علًكِ تستقبلين قدومي كما يستقبل الأطفال المطر، فلا تموتين بجرعة من العرف، فالانتحار على شفرة القبيلة طريقاً إلى الجحيم، يكفي أن تقولي "إليك...وتأتيني محطمة أغلال الأعراف مثلما طهرت أنا زمني الغابر في الكهف الأفلاطوني للغرام وهانذا جئت إليك أعتصر الحب نخباً من قباب ترائبك..، وإني لأخشى السقوط الأخير..هانذا أتسكع على حافة الانهيار منتشياً بكأس جنونك، أحاول الوقوف على مشارف الزمن وأنت تلوحين لي عن بعد كما تبدو مآذن صنعاء من بعيد، فأنت مدينة الأمان حين ترتدي صنعاء قميصاً من هيبتك وتعربد في أزقتها رائحتك، فلا تكوني رصاصة بلون كفن، إلا إذا كان في الموت لقيآك والطريق إليك عبر الاغتيال وتراب مدينتك هو المثوى الأخير.. 

الكل يتصادمون بكؤوس نخبك أيتها المدينة المترامية الحقائق والأساطير وينثرون دمك على الأرصفة ويستعذبون الطواف حولك وأنت المغدورة تحت غطاء السرير.. 

ها هو الخطاب الموجه إليك معذبتي تمرد نحو مدينتك، فهلا خلعت عنك المدينة ريثما أضبط جنوني وأتقن فن الملامة وحتى تجيش المشاعر بفيض العتاب ليغسل جسدك العاري عساني أغفر لك فتسامحني المدينة.. أشعر بأني سأتعب بالهذيان دون جدوى فأنت تموتين لو تخلعين. 

كنحلة مخدوعة تتربصها العناكب..  أنا حين يهفو الفؤاد مخدوعاً تجاه العسل المتجمد على شفتيك بعبائة كلماتك السكرية التي أطارد فحواها سراباً يخلف معركة أنا دوماً بطلها وأنا اليوم بين غبارها الضحية.. 
خانتني صهوتك نحو الرحيل قبل سقوطي من علياك مضرجاً بدم الصمود وأنا أحاول عبثاً التشبث بجذع ماضيك وشفتاك تبدو باسمة كجرح في الذاكرة تعريني مثل فضيحة، حين ألهث نحو قصاصة صغيرة، كنت ألتقطها بعد جهد بين أصابعي وكأني أحتسي من فمك حمى الكلمات، كانت كمشروب طاقة تنعشني والمدينة حبلى بأبطالها وأنت تتفرسين ليلة مخاض قادم تتناسل فيها التضحيات لتكفل حماية ثورة لأجل الإنسان كان وجودها. 

فلماذا تدفعيني لأسلم ذراعي لعاصفة الهذيان وأنا عنيد لا تستسلم راياتي إلا لجيوش من القبلات، ليكن في القبْلة القادمة ليلة قدر في المصيبة قبل منتصف الليل وعقب بزوغ اللهفة والشغف بلحظات حتى أستسيغ معنى الحماقة وأتحاشى مكابرتي العنيدة، فلا أخشى السقوط الأخير أمامك...

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص