الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مروان الغفوري
وضع هادي حالياً
الساعة 15:56
مروان الغفوري


في منزله، يحاصره الحوثيون بعد أن قتلوا أربعة أشخاص وجرحوا حوالي عشرين من حراسته وأسرته . أحد الجرحى ابن عمه، مصاباً في رأسه .
الحوثيون يدخلون بيته ويخرجون كما يشاؤون، يمعنون في إذﻻله وإذﻻل أهل بيته . اعتقلوا بعض أقاربه، تركوه تحت رحمة عصبية أطفال صغار لم يدخلوا مدرسة قط .

فر الجميع، حتى طاقم المطبخ، وأصبح معتمداً كلياً على مطعم الخطيب في شارع الستين . وربما يصله اﻷكله في صحون بﻼستيك .
قبل الحوثيون في الساعات اﻷخيرة عودته مقابل شروط هزيلة، لكنه بدا مصراً على اﻻستقالة . ظهور صالح ونظامه جعل الحوثيين يعرضون على هادي تنازلهم عن سطر واحد من قائمة الطلبات الضخمة، ذلك المتعلق بنائب الرئيس .

ذلك التنازل كان أيضاً مؤقتاً . يريده الحوثيون ليعبروا من خلاله. وبحسب تقرير لصحيفة المصدر فقد قال له المشاط، الحوثي، إنه لن يستقيل وليس أمامه سوى التوقيع على ما يريده الحوثيون "فنحن الأقوى"قال المشاط.
اكتشف الحوثيون أنهم غير قادرين على غزو كل اليمن فقرروا غزوها من صنعاء عبر اﻻستحواذ على الرئيس والدولة ونسف المشروع الفيدوالي حتى يتسنى لهم الهيمنة على كل شيء من خﻼل الدولة المركزية . إذ ﻻ توجد وسيلة فعالة بالنسبة لتلك اﻷقلية، حتى يمكنها السيطرة على أغلبية ديموغرافية مطلقة، أكثر من فكرة الدولة المركزية . كان خبر استقالة هادي صدمة كبيرة للحوثيين فقد تركهم في مواجهة مع اليمنيين، مع الأغلبية المتحفزة والمستعدة لكل خياراتها. 

في خطاب الحوثي اﻷخير بدت الفيدرالية عدوه اللدود، فهي حسم من هيمنته ومن طموحه، كما أنها ستضع حداً ﻷحﻼمه الدينية، دافعة إياه إلى وضعه الطبيعي : ميليشيا دينية في أرض جغرافية
معروفة الحدود .

الرسائل الرسمية التي وجهت من تعز والجنوب ومأرب، وغيرها، حول فك ارتباط مؤقت بصنعاء كونها مدينة تحت اﻻنقﻼب، معززة بالرسائل الشعبية الموجية التي دونتها الشوارع، هي الضغط الوحيد الذي يواجهه الحوثيون حالياً .

يحاولون اﻵن التملص من المأزق عبر أحصنة اللقاء المشترك . وباستثناء التنظيم الناصري فقد بدت أحزاب المشترك خارج الفورمة كليا، تغط في نوم عميق . لم تعد السعودية متحمسة لهادي، وبصرف النظر عن نواياه فقد كان هو الذي فتح الباب للكارثة .

توقفت السعودية عن دعم اليمن كلياً قائلة، كما في المفاوضات اﻷخيرة التي قادتها دول غربية، إنها ﻻ ترى في الحوثيين سوى إيران .
الحوثيون يوغلون في تدمير النسيج اﻻجتماعي، بعد أن قوضوا الحياة السياسية كلياً، وأدخلوا البلد في اﻹفﻼس . هادي يدفع ثمن حماقاته وغبائه ولؤمه، لكن إهانته على ذلك الشكل إهانة لليمنيين جميعهم . يشبه حصاره اﻵن الطريقة التي حوصو بها أبو عمار، مع فارق التشبيه، فهادي ليسو أبو عمار. وإسرائيل دولة متحضرة، بالمعنى والعلمي والابداعي، مقارنة بالهمجية الحوثية التي ﻻ تمثل أي دين وﻻ ترمز ﻷي حضارة . غير أن الصهيونية الإسرائيلية، والحوثية كلتاهما تتبعان الوهم الديني الاصطفائي القاتل ذاته، وبنفس الميكانيزم.

فيما يبدو إن صفحة هادي طويت، وفتحت صفحة بيضاء مليئة بالعصابات . صالح يتحرك كزعيم عصابة، أما الحوثي فيكفي أن تقول إنه يدير جحافل مسلحين من مغارة، لكي تتخيل أي شكل همجي هي الحوثية الراهنة .

وفي اﻹطار نفسه بدا الجنوب مشتتاً، كما لو أن جهة ما طلبت منه أن ﻻ يربك
حركة الحوثي في صنعاء . صنعاء تحت اﻻحتﻼل، والدولة أصبحت جزء من الماضي . هذه حقيقة هذا
الصباح .

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً