الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
د/عبدالله أبو الغيث
استقالة هادي وصلتها بوفاة الملك عبدالله!!
الساعة 13:10
د/عبدالله أبو الغيث



   لا أحد يستطيع التكهن بالخفايا التي تقف من وراء إعلان استقالة الرئيس هادي من رئاسة الجمهورية بعد تسلمه لاستقالة الحكومة اليمنية برئاسة بحاح يوم أمس الخميس، فكل ما كتب وسيكتب خلال الأيام القليلة القادمة سيظل أقرب إلى التكهنات والتحليلات أكثر منه إلى الحقائق الثابتة، بما فيه الكلام الذي نكتبه في هذه السطور بطبيعة الحال.
   

ولعل السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو، هل هناك علاقة لتلك الاستقالة بوفاة العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، بحيث أراد اللوبي الذي يتأمر على اليمن وثورته الربيعية استغلال لحظة الارتباك التي تمر بها السعودية وانشغالها بترتيب أوضاع السلطة الجديدة بعد رحيل الملك ليضرب ضربته في اليمن؟

   لا تقولوا بأن إعلان وفاة الملك أتت بعد تقديم الاستقالة، لأننا نعرف بأن إعلان وفاة الملك السعودي لا تتم إلا بعد أيام وربما أسابيع من حدوثها، بحيث لا تعلن وفاة الملك إلا بعد أن يتم ترتيب أوضاع نقل السلطة وضمان عدم حدوث صراع داخل أجنحة الأسرة المالكة. ولا تسألوا هنا عن كيفية علم هادي ومن يقف وراءه بموت الملك قبل إعلانه ليستغله ويقدم استقالاته؟ فالأمر أكبر من ذلك!

   فنحن هنا لا نتحدث عن مؤامرة محلية فقط ، لكننا نتحدث عن مؤامرة إقليمية ودولية أيضاً، أضلاعها في الداخل جناح الرئيس السابق مع جماعة الحوثي، وفي الإقليم تتخذ بعداً إيرانياً وخليجياً (الامارات وعُمان بدرجة أساسية) أما بعدها الدولي فهو أمريكي وأوربي (بريطاني فرنسي على وجه الخصوص) مع دور لروسيا يتم عن طريق التنسيق مع إيران.

   هذه المؤامرة كانت قد اكتملت خيوطها بالتسريبات التي تحدثت عن اتفاق تم في مسقط بين جماعة الحوثي والرئيس هادي، فهادي غالباً هو جزء من المؤامرة وليس ضحية لها، وقد استلم ثمن دوره بغض النظر عن النهاية التي سيؤول إليها! أما استقالة الحكومة فالمعتقد أنها قد أجبرت على تقديمها جراء الضغوط التي مورست عليها من قبل الحوثيين ليسهل تنفيذ الانقلاب، أو أنها قد دفعت دفعاً لذلك بحيث أوحى لها بذلك وزراء من داخلها يعملون مع قوى سياسية هي جزء من تلك المؤامرة، سواء من التي حددناها أو من قوى أخرى تحوم الشبهات حولها.

   ما يقوي المؤامرة الخارجية تلك هو موقف أمريكا وحديث وزير خارجيتها الذي تميز بالبرود إزاء التصعيد الحوثي المهين للدولة ورئاستها، حيث اكتفى بالتوقع بأن الرئيس هادي سوف يستجيب لمعظم مطالب الحوثيين إن لم يكن كلها، وكأنه كان يوحي للرئيس هادي بما يتوجب عليه فعله، ويقدم له المبررات أمام شعبه.. وهو ما كان بالاتفاق الذي تم إعلانه عبر وسائل الإعلام.

    ثم أتت بعد ذلك الاستقالة بشكل مفاجئ، ربما لمعرفة الاستخبارات الإقليمية والدولية بالموعد الذي تم تحديده لإعلان وفاة الملك السعودي، بحيث تتزامن الاستقالة مع الوفاة، بما يمثله ذلك من الارباك للموقف السعودي، خصوصاً أن السعودية قد شعرت أنها قد وقعت في مطب لم تكن تتصوره، فالغالب أنهم اتفقوا معها على حركة جزئية، أو أن الاتفاق كان مع بعض أطرافها ولم يكن مع السلطة السعودية بشكل رسمي.

   وسواء كان هذا أو ذاك فالملاحظ أن المملكة العربية السعودية قد أدركت بأن التداعيات التي نتجت عن إحكام الحوثيون لسيطرتهم على الدولة اليمنية سوف تكون هي المتضرر الأكبر منها، إلى جانب ردة الفعل الشعبية العنيفة داخل السعودية تجاه تلك التداعيات، كونهم يتعاملون مع إيران والشيعة بصفتهم عدوهم الأول ولا يفهمون لعبة المصالح السياسية التي قد تغير بعض تلك المفاهيم لدى صانع القرار السياسي..  وهو ما يجعلنا نعرف لماذا تم اختيار لحظة إعلان وفاة الملك لإتمام الفصل الأخير من تلك المؤامرة.

   على كل حال فالمشاهد الختامية لمسرحية تلك المؤامرة سوف تتوالى تابعاً، وقد تنتهي حتى قبل يوم الأحد القادم، الذي حدد موعداً للاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى من أجل البت في استقالة الأخ الرئيس. وذلك يجعلنا نختتم بهذه الملاحظات السريعة:

   أولاً: يحسب لاستقالة هادي - بغض النظر عن دوافعها - أنها جعلت الشعب وجه لوجه أمام غرمائه الحقيقيين، بعد أن أزاحت الستارة التي كانوا يتخفون من ورائها، وعلينا كشعب أن لا نخرج من أجل منع استقالة هادي، ولكن من أجل وضع البديل الوطني المناسب.

   ثانياً: رغم ما يردده البعض من انعدام شرعية مجلس النواب إلا أنه ما زال يمارس دوره بموجب التمديدات التي تمت بالاتفاق بين الأحزاب السياسية ثم المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، وذلك يجعلنا نضم صوتنا للرأي الصائب الذي يقول بأن الاحتكام إلى شرعية منقوصة يظل أفضل من دفع البلد نحو مجهول تغرق فيه وتتفتت.

   ثالثاً: علينا أن لا ننساق وراء الدعوات التفتيتية التي تتحدث عن استقلالات تعلن في الأقاليم الجنوبية، أو بعض الأقاليم الشمالية (سبأ والجند)، حيث ظللنا نستمع للقنوات العربية طوال ليل أمس وهي تتحدث عن خيارات اتخذتها قيادة تلك الأقاليم! مع أن الأقاليم مازالت إلى الآن مجرد مقترحات، ولا نعلم أي قيادات لها، تعطي نفسها حق تقرير مصيرها؛ أو حتى الحديث باسمها.

   رابعاً: زيارة بن عمر التي تترافق مع هذه الأحداث توحي بأنه أتى لوضع لمساته (الدولية) الأخيرة لإخراج المؤامرة بشكل يجعلها تبدو وكأنها إنقاذ للبلد، فذلك ما كان يحدث في زياراته السابقة، وما أظننا قد نسينا دوره المشبوه في سقوط صنعاء في سبتمبر المنصرم.. نعوذ بالله من الشيطان وبن عمر.

   أخيراً: خيوط المؤامرة – أي مؤامرة – تعتمد في تنفيذ معظم بنودها على حالة الفوضى التي يفتعلها بعض الغوغاء، سواء مارسوا تلك الفوضى بتلقائية، أو بواسطة  تحريضهم من قبل القوى المتآمرة ليسهل لها تنفيذ مؤامرتها..  فالحذر الحذر.. واليقظة واليقظة.. ونسأل الله أن يحفظ اليمن وأهلها من كل مكروه وسوء.

 

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً