الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
علي ناجي الرعوي
جولة جديدة من الصراع في اليمن !!
الساعة 15:20
علي ناجي الرعوي


    تنبئ حالة العنف والفوضى التي تتصاعد في اليمن بشكل كبير بمرحلة جديدة من مراحل الصراع ودخول البلاد كلها في دوامة من التناحر الداخلي ستكون هذه المرة الحرب الطائفية ابراز تجلياتها ويترشح حدوث مثل هذا السيناريو بقوة في ظل اختراقات عناصر القاعدة وقدرتها على خلط الاوراق في وجه الجميع وكذا استمرار تقدم جماعة الحوثي على الارض بعد ان صارت هذه الجماعة رقما صعبا في المعادلة السياسية اليمنية بل اصعب رقم فيها .

ويغدو هذا السيناريو اكثر احتمالا في ضوء الانكفاء المجتمعي على الذات المحطمة والممزقة بالمنظومة الامنية والعسكرية في البلاد وارتفاع موجات العنف والتفجيرات الارهابية التى اصبحت امرا واقعا في اليمن الى درجة ان اليمنيين باتوا ينامون على مذبحة ويصحون على كارثة وآخر الشواهد على ذلك انهم وقبل ان ينسوا حادثة التفجير المروع الذي استهدف احتفالا رسميا وشعبيا في مدينة إب والذي سقط فيه العشرات من الابرياء حتى فاجأتهم جريمة التفجير المفخخ في طابور المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة في العاصمة صنعاء الاربعاء الماضى وهو ما ادى الى استشهاد 40 شابا وعشرات من الجرحى وهى الحادثة التى وقعت في وقت متزامن تقريبا مع الهجمات الارهابية على صحيفة (شارلي ايبدو)في العاصمة الفرنسيه باريس والتى قيل ان منفذيها قد تلقوا تدريباتهم في اليمن ممايشى الى ان الجريمة ليست بالضرورة لها علاقة بدين او جنس او انتماء الضحية .

وتأسيسا على ماسبق يتساءل اليمنيون بكثير من الخوف والقلق عن المصير الغامض الذي يواجه وطنهم خصوصا وهم من يشعرون ان هذا الوطن اصبح رهينة لعناصر العنف المسلحة بمختلف انتماءاتها وتوجهاتها بعد ان تفككت دولتهم وانقسم جيشهم وانهار نظامهم القبلي الذي كان يدير الصراعات وقواعد الاستقرار وانتكست مكوناتهم السياسية نكسة قاتلة لتستوطن فوضى القتل والترويع وانتهاك الحرمات في هذا البلد الذي لم يعد فيه مكان لطرف ثالث فإما قاتل او مقتول بعد ان لاذت الأغلبية من الشعب اليمني بالصمت ازاء هذه الجرائم على الرغم من ان الصمت في هذه الحالة يمثل جريمة لا تقل بشاعة عن تخاذل السلطة والتي توقف دورها على تجهيز النعوش للضحايا وتوديعهم بخطاب تعزية ركيك لا يحمل أي قدر من النباهة والفطنة لتوجيه الرأي العام لمصلحة استعادة الاستقرار والاصطفاف في مواجهة الارهاب وتثبيت اركان الدولة وبسط نفوذها على كامل التراب الوطني .

ووسط هذه المتغيرات التى تمتزج بالآلام والحزن والاحباط يبقى المستفيد الاكبر من هذه الاوضاع هو تنظيم القاعدة الذي يستغل حالة عدم الاستقرار وغياب الدولة شبه الكامل في تعزيز انتشاره على الساحة اليمنية وفي المقابل تأتي جماعة الحوثي التى تظهر من كونها الفريق الوحيد الذي يتصدى لتنظيم القاعدة وهو ما قد يجعل هذه الجماعة تحظى في مرحلة لاحقة بدعم مستدام وغير محدد من بعض القوى الخارجية التي تبدي قلقا واضحا من تنامي انشطة (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) وهو ما قد تصبح معه المواجهات بين القوى الراديكالية والتيارات المتشددة والتى يمثلها تنظيم القاعدة وانصار الشريعة من جهة وجماعة الحوثي واتباعها والقوى القريبة منها من جهة اخرى مواجهات ذات طابع طائفي او مذهبي او اثني هجين من الايديولوجيا المتناقضة والقابلة للاشتعال .

اليمنيون امام امتحان صعب فإما ان يصطفوا للدفاع عن وجودهم وإما ان يغرقوا في الحروب والدماء والعنف وتتحول بلادهم الى مرتع للارهاب ليستنسخ على ركامها حروب قبائل وطوائف القرن الثامن عشر.
صحيفة الرياض

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص