الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عصام الأكحلي
11 فبراير .. نداء العودة
الساعة 15:03
عصام الأكحلي

 

ليكن الحادي عشر من فبراير القادم موعداً للعودة إلى مسار الحرية و إعلان إنطلاقة ثورة أخرى , ثورةٌ قادمة تلت ثورة سابقة يفصل بينهما إنقلاب جاء فقط لمحو السابقة و إخماد القادمة .
ليكن الحادي عشر من فبراير 2015 يوماً لتدشين مسيرة إستعادة ثورة التغيير السلمية التي إنطلقت قبل أربعة أعوام , هذا ليس ندائي فقط كما كنت أتصور , ولكنه اليوم كما لاحظت بجلاء أصبح نداء الكثيرين من أبناء الشعب وصفوف الجماهير التي مازلت مصممة على إستكمال الحلم حتى النهاية .

بات من البديهي القول , أن الشعب اليمني لا مجال له اليوم سوى طريقين لا ثالث لهما .. مسار إستعادة الثورة وإشعال شرارة ثورةٍ أخرى تعمل على تجديد ثورة التغيير بعد الإستفادة من كل الأخطاء والسعي لإستمرارها , و رفض إنكسارها أو الإنقلاب عليها من قِبَل مراكز تكتل الفيد التاريخي وقوى الظلام والفساد والإستبداد , فيما يقود المسار الاّخر إلى الصمت والحياد والخنوع للأمر الواقع , واقع إغتيال الثورة والعودة إلى ماهو أبشع من عهد النظام السابق والإنزلاق إلى الهاوية .

ربما نستطيع اليوم إستعادة الثورة , نعم مازال بإمكاننا ذلك , لكن غداّ وحين يستكمل محور القوى التقليدية ومراكز تكتل نفوذ القبيلة والعسكر بناء السورالحصين والممتد عاليا نحو السماء ومد الأسلاك الشائكة على إمتداد قمة الحاجز المفترض بين الشعب والثورة , ربما يكون حينذاك من الصعب جداً إن لم يكن من المستحيل مجرد التفكير في إشعال ثورةٍ من جديد . 

لا يمكن أن نظل هكذا حتى إشعار اّخر , ليس من المعقول أن نظل متسمرين بلا حراك , مذهولين غائبين عن الوعي بعد صدمةٍ كبيرة نتجت بسبب ما تعرضت له الثورة الأنبل والأرقى في تاريخ اليمن , يجب أن نفيق ونصحو ونجمع قوانا من جديد , لنتمرد على الواقع المعتم ونرفع راية الثورة والحلم من جديد , فالثورة لا توهب و لا تمنح نفسها لليائسين, ونصر الله لايأتي للخاضعين , فنحن وحدنا من صنعناها , ونحن وحدنا من نستطيع إيقاد جذوتها أو التخلي عنها , بيدنا وحدنا القرار .

عمل الإنقلاب على إزاحة قوى و جهات و وسائل ورموز ساندت ثورة فبراير 2011 , فأصبحت الثورة اليوم برأيهم بلا سندٍ أو نصير , وظنوا وبعض الظن إثم أنهم أحسنوا صنعاً بقيامهم بما رأوا أنه تقليمٌ لأظافر ومخالب ثورة التغيير , و توهموا أن أكاذيبهم حقيقة , وأن ثورة فبراير كانت ثورة أشخاص و مراكز قوى , ولم تكن ثورة لها صلة بالشعب ولا بالملايين من الجموع الهادرة في كل أرجاء الوطن .

على الثورة اليوم أن تثبت للعالم , وليس للانقلابيين فقط , أنها ثورة ولدت من رحمِ الشعب , ومن أعماق قلوب وضمائر الملايين المطحونة بأوبئة ومعاناة الفساد والظلم والفقر والجهل والمرض , و ان سندها و حاميها وداعمها الرحمن الملك عز وجل , ثم إرادة الحياة و راية الدولة المنشودة , دولة العدل التي أمر بها الله و دعانا لبنائها وتشييدها .

عودوا إلى الثورة وإلى ساحاتها أو عبروا بغضب ومسيرة لساعة أو لدقائق في كل يوم إن تعذر الوصول للساحات , لاتتوقفوا عن الحلم والرفض , إرفعوا راياتكم في كل منزل وزاوية , أخرجوا بركان الغضب من قلب كل حائر أو متردد , وإخلعوا رداء الحزب والاتجاه , لا تطلبوا دعما من أحد , ولاتنشئوا منصة , ولا تعينوا قيادة , ولا تقيموا مؤتمرات صحفية , ولا تتحدثوا عن شئ ,إصمتوا , فالصمت في قلب البراكين لا يعني سوى إنتظار تدفق شلال الحمم , الجميع يعلم أهداف ثورتكم ومطالبكم , لذا لا تكرروا سردها من جديد , ولا تفاوضوا بشأنها حاكماً أو ساعي بريد , فكروا فقط بإنهاء مسار الإنقلاب و الظلام , ولا تشغلوا بالكم بإيصال أهدافكم , فبسببها وحدها فعلوا ذلك , و بفضلكم وحدكم سيزيحون الحواجز لتحقيقها رغما عنهم , فبضعة أشخاص طاهرين قادرين على تحطيم جيش من اللصوص كما قال مجربٌ ذات يوم .

نحن الكل وليس الجزء , نحن جموع الشعب وليس بطانة الوالي , الحق معنا , وكل المبادئ السامية والأحلام الجميلة والأهداف النبيلة معنا , وفوق كل ذلك الله الناصر العزيز العدل معنا وهو وحده حسبنا رب العرش العظيم , ولذا فموازين القوة بمفاهيمها الحقة كلها إلى جانبنا , فلا نكوص أو فتور يستطيع أن يجد مبررا لتواجده بين أفكارنا , فقد إستفدنا من كل أخطائنا ومن دروس وعبر كل ماحدث , وعلمنا عواقب صمتنا بالأمس , وكارثة إستمرار حيادنا وسلبيتنا اليوم وغدا , و أدركنا اليوم كما بالأمس أن الشعب إذا أراد الحياة فمن المستحيل أن يتجاهل إرادته القدر .

قبل العودة , يجب أن تدركوا جميعاً , أن هذه ليست كتلك , ثورة اليوم ستكون فاصلة وحاسمة , وقوى الظلام والشر تدرك ذلك جيداً , لذا إرفعوا سقف صبركم و مدى إحتمالات معاناتكم وألمكم , سيسخرون منكم بادئ الأمر , ثم سيعملون على التقليل من شأنكم و جموعكم , ثم سيسعون للفتنة بين ألوانكم , وتشويه مساركم وأحلامكم , و بعد ذلك سيرفعون رايات طغيانهم و إجرامهم قمعاً وإعتقالاً بل وقتلاً أيضا , وبعد تكفير كل ذنوبكم , و عودة نقائكم , ستلوح , نعم ستلوح أخيراً رايات النصر في نهاية المسار .

نداء العودة , من أجل الحاضر والمستقبل , من أجل أهداف ثورة التغيير , من أجل الوطن وأجيالنا القادمة , من أجل العدالة والمساواة و الحرية والقانون و التقدم وكل أحلامنا المشرقة , يجب أن نعود ..نعم يجب أن نعود , و قبل فوات الأوان .

من أجل طفلٍ سيضحك بعد حين ,حين يتذكر أنه جاء يوماً ليقف على حاجز بصنعاء معتقداً أنه ينفذ تعاليم الإله , من أجل طفلٍ يحلم اليوم انه يلقى حتفه بعد عام أو عامين جراء عبوة سالفة زرعت في قارعة الطريق , من أجل كادحٍ يحلم بالمساواة , وشاب وجهه داكن يحلم بالعدالة , ومن أجل كهل يحلم بعودة أرضه المسلوبة من النافذ , ومن أجل فتاةٍ تحلم بأن تصبح عالمة في الفلك , وإمراة تحلم بنظرةٍ خاليةٍ من التمييز , و من أجل فتىً يحلم أن يكون على درجة واحدة مع إبن الشيخ أو قائد العسكر , من أجل الجميع ..يجب أن نعود .

ومازال الحلم مستمراً , ففي الحادي عشر من فبراير , يجب أن نبتسم للشمس نهارا من جديد , ونضئ طريقنا في أروقة المساء مرة أخرى , فالموت كالأشجار أحرارا خير الف ألف مرة من الموت في أقبية الذل والهوان ومدن الفساد والديكتاتورية و قرى الظلم والعبيد و دهاليز الفقر والجهل والمرض والإضطهاد , فلنرفع راية الموت , ليس من أجل كاهن أو إمام ,و لكن من أجل الحياة , فلا حياةٌ توهب دون الكر والفر في ميادين الموت , من الثورة وحدها ترتفع راية الحياة , وتنتصر اليمن.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص