الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عصام الأكحلي
نحو مواجهة شعار " بعيداً عن الإعلام "
الساعة 14:58
عصام الأكحلي


في وقتٍ أصبح العالم بأكمله قرية صغيرة بفعل التطور التكنولوجي المتسارع لوسائل الإعلام وسهولة وسرعة نقل الأحداث والصور والأخبار , مازلنا هنا في هذا الوطن متأخرين كثيراً على مايبدو مقارنة ببقية العالم , فمدينة عمران مثلاً لا تبعد سوى حوالي سبعين كيلو متر عن العاصمة صنعاء , ولكن عزلتها الواضحة وشحة تصل أحياناً إلى إنعدام الأخبار الواردة منها تجعلك تظن أن عمران تقع بالقرب من سيبيريا أو الاسكا , والحال نفسه ينطبق على أرحب التي يمكن إعتبارها اليوم إحدي ضواحي العاصمة , و لكن ضعف مايصل منها وعلى سبيل المثال ما يتعلق بما حل بها بعد وصول نفحات المسيرة القراّنية إلى أرجائها و شعابها , يجعل المرء يتخيل موقع أرحب هناك في الخريطة بالقرب من جزر برمودا في أقصى المحيط الأطلسي , والحال المعتم ينطبق أيضا على بقاع أخرى كثيرة في هذا الوطن الغالي .

أنتج الحكم المركزي و عوامل أخرى مركزية وتأخرا في كل شئ , ومن ضمن ذلك الإعلام , ولذا تجد مسيرة تفجير المنازل والمساجد والنهب والإعتقالات و غيرها من الجرائم تلهو براحة بال في كل مكان , بينما تقف محرجة بعض الشئ تحت وقع الأضواء في العاصمة .

بالطبع , العزلة موجودة بالأمس القريب و البعيد , ولكنها اليوم لم تعد مفهومة أو مقبولة , وهذا يقودنا للقول أن هناك معضلة أخرى , وهي قلة الوعي المجتمعي بأهمية الإعلام وأثره الفاعل , وكذا الجهل بطبيعة الحدث وأهميته وخطورته و تعريفه قانونياً وإنسانياً و المواثيق الدولية وحقوق الإنسان و غيرها , فاليوم ليس كالأمس , فأي شخص يمتلك هاتفاً نقالاً يعتبر بمثابة وسيلة إعلامية متكاملة , فما بالك بشخص اّخر له أيضا صفحة تواصلٍ إجتماعي , حيث يعتبر بمثابة صحيفة أو قناة تليفزيونية تُطبع أو تبث من مكان تواجده , ورغم ذلك ما زلنا نجد ملامح العزلة لأنها لم تبتعد بعد كفكرة راسخة في العقول والأفئدة .

بالفعل , هناك نهج واضح لرفض تواجد الإعلام من الميليشيا في أماكن سيطرتها , ومن السلطة في أماكن أخرى ,ومن المهم لها أن تكون كل أفعالها تحت شعار بعيدا عن الاعلام لأن ذلك يتفق مع شخصيتها ومنهجها و أهدافها , ويعطي حاجزا مطلوباً لكل أفعالها , حاجز مفترض بين الحقيقة والمجتمع , ولكن اليوم يمكن تجاوز كل ذلك بفضل تطور وسائل التواصل والإعلام , و بالفعل هناك قمع لحرية الإعلام وإعتداءات وإعتقالات و تهديدات الى اخر القائمة , ولكن يمكن تجاوز ذلك أيضا عبر نقل الخبر والصورة بإسم مستعار في أضعف الأحوال , أو نقله برسالة هاتفية إلى شخص اخر يستطيع نشره , وهنا أيضا و بعد نشر الحدث , الدور مطلوب من الجميع لتعميم الخبر ومشاركة الحدث في صفحات التواصل الاجتماعي , وما إلى ذلك , وتسليط الضوء على كل تجاوز وإنتهاك وجريمة .

مازلنا نراوح مكاننا أو نتراجع بعيداً عن الإعلام , رغم تقرب الإعلام وتودده إلينا وسيلة بعد أخرى وبشكل حثيث ومتسارع , ولذا علينا أن نعترف بذلك , و نسلط الضوء على اّثار ذلك , كما يجب القيام بحملات مجتمعية بأهمية المشاركة المجتمعية ودور كل فرد في إيصال الحقيقة و نشرها , و كانت مصادرة كاميرا الفريق الصحفي القادم من أرحب لدى وصولهم أحد حواجز الميليشيا , أحد النماذج والأمثلة لدور الإعلام و معرفة الميليشيا بأهميته البالغة وأثره في مجرى الأحداث ولذا لم يكن مستغرباُ أن يكون الموت هو الخيار في حال عدم تسليم الكاميرا كما وصف ذلك العزيزعبدالعزيز الصبري صاحب الكاميرا , كذلك تعرض العديد من رجال الإعلام والناشطين إلى التهديد بالقتل والإعتداء والإعتقال خلال الفترة القليلة الماضية , في نماذج أخرى مستمرة وستسمر لأن معركة الإعلام اليوم أصبحت أشد قوة وفتكاً مقارنة بعوامل وأسلحة أخرى .

وعليه فعلى الجميع وعلى كل فرد القيام بدوره مهما كان بسيطاً أو عظيماً, وعلى سبيل المثال يستطيع أي شخص مقتنع بأهمية الإعلام و طبيعة الأحداث ومدرك لمبادئ القوانين والتشريعات إقناع شخصين فقط من أصدقائه أو أقاربه وهكذا دواليك , كما يمكن لأي شخص في قرية أو مديرية أو مدينة أن يواكب أي حدث وتصويره ولو عبر هاتفه الشخصي و نقل الحدث بعد ذلك للجميع , نعم , حان الوقت لأن نبتعد عن حدود العزلة , ونمحو فكرة واّثار شعار "بعيداً عن الإعلام" , و نواجه حواجز الصمت والجهل والخوف و نرفع راية الحقيقة عالياً , لأن إستمرار الوضع على ما هو عليه هو بمثابة مشاركة وتواطؤ غير مباشر مع الجاني بدون أي مبالغة ..والله من وراء القصد .

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص