الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
مروان الغفوري
ما ينبغي على الرسول أن يعلمه غداً الرسالة الثانية.
الساعة 23:12
مروان الغفوري


يا محمد، يا رسول الله، أشعر بالخجل والعار. 
يوماً ما خرجت إلى أصحابك وقلتَ لهُم "رأيت سواداً عظيماً سد الأفق وقيل لي تلك أمّتك". لا تزال أمّتك هي السواد العظيم، الأمّة الأقل إنتاجاً للنور. ها أنت الآن في عالمك اللانهائي تنظر ولا يرتد إليك البصر. مبتهجاً، يعاودك ألمٌ من آنٍ لآخر عن أمّتك، ولا تعلم ربما حقيقة ما يجري. لن يزعجك الإله القدير بسيرة السواد العظيم، فليس لدينا ما يسر.

نبتَ لك جناحان في الجنّة، أو تطير بلا جناحين. لا أدري يا ابن عبد المطلب، أيها النبي الطيّب. من وقت لآخر تؤلمك حصاةٌ كبيرة الحجم، أمّتك.

لا تصلك الأخبار، ربما. أو ربما تصلك فقط تلك الأخبار التي لا تكدّرُ خاطرك. الإله 
اللامحدود، الطيب والقدّوس، سيقطع كل السبل التي لن تجلب لك سوى تكدير الخاطر. على وجه الخصوص في مكانك السامي العظيم، وأنتَ لم تعُد قادراً على أن تفعل حيال أمّتك شيئاً. نتوسّلك في الوقت ذاته لأجل أن تنقذنا وتقتل أعداءنا. منذ تعلمت الصلاة وحتى الآن نناديك من المساجد، علّك تتوسط لنا لدى الإله فيقوم نيابة عنّا بقتل المسيحيين واليهود. وأحياناً: أن يمنحنا القوة لنفعل ذلك بأنفسنا.
ننتظرك فقط كملك سيقتل الأعداء، كما فعلت اليهود مع نبيها المنتظر. لو عدت الآن ورفضت أن تقتل أعداءنا سيقتلك الحوثيون أو القاعدة.

لا بد وأن تشعر بالخجل، وتود لو تختبئ في جذع شجرة كي لا يراك أحد عندما تسمع هذا الأمر:
في أوروبا نشرت صحيفة رسماً يشير إليك بوصفك إرهابياً. الصحيفة تعلم، كما الرسام، أنك شخص لا علاقة له بالإرهاب بل بصناعة السلام والأمن. غير أن أمّتك خرجت إلى الشوارع غاضبة، أحرقت السفارات وأثارت الرعب والفوضى والوجل، وأصدرت بيانات القتل والموت، وأعلنت إنها مستعدة لإحراق الكوكب.

فعلت كل ذلك لتقول للناس إنّك آخر أنبياء السلام! ما رأيك بهذا؟
هناك ما يدعو للخجل أكثر يا محمد، يا رسول الله. في أول هذا العام الجديد سأكدر وقتَك قليلاً. لا بد وأن تعلم. الرجل الذي رسم عمامة على شكل قنبلة لم يكن أحد في أوروبا يعلم عنه شيئاً. قالت أمّتك لا بد من عقاب أوروبا. قاطعنا الأجبان التي تأتينا من الغرب. أثرنا سخرية العالم، كانوا يضحكون بلا انقطاع وكنا نتظاهر بأننا لا نسمع ضحكهم. فقد قاطعنا أجبان الدنمارك، واشترينا الإنسولين منها. ميللي ليتر واحد من الإنسولين يعادل في قيمته حقيبة أجبان. لو أوقفت الدنمارك عنّا الإنسولين سيموت عشرات الآلاف خلال أيام. لكن الدنمارك لم تفعل.
زميلك وأخوك المسيح يقول لهم لا تفعلوا.

العام الماضي بلغ تعداد أمّتك يا محمد 1.7 مليار شخصاً. اسمح لي أن أناديك باسمِك فأنت الآن في الجنة والجنة بلا ألقاب ولا وظائف. الرسالة لم تعُد وظيفتك الآن. لقد انتهت مهمّتك قبل مئات السنين. 
مع نهاية العام الماضي كان عدد القتلى في أمتك ـ القتلى وليس الموتى ـ 75 ألفاً، كما تشير بيانات مركز عالمي للدراسات الاستراتيجية. تقول التقارير إنهم ماتوا في صراع يتعلق بالمذهب والحكم، أي أمور تتعلق بك من قبيل "من يمثّلك أفضل تمثيل، ومن استطاع أن يفهم بالضبط ما أردتّ قوله .. إلخ". هذا الرقم يدعو للعار: مثل عدد قتلى صراع المسلمين حوالي 85% من إجمالي قتلى جميع الكوكب، بحسب التقرير الاستراتيجي المذهل.

يا محمد، يا رسول الله..
اتجه العالم إلى السلام وبقيت أمّتك، التي رأيتها على هيئة سواد يسد الأفق، سواداً يسد الأفق. بقينا نصنع الموت ونفعل كل تلك الأمور التي تدخل الخزي إلى قلب الحجر.
سأحدثك عن اليمن، دعك من كل هذا. أنا أحد أفراد السواد العظيم، من اليمن.

في العام الماضي كانت اليمن واحدة من أكثر بقاع العالم فساداً على الإطلاق. إذا سألتنِ عن الفساد فهو "اللصوصية، الاحتيال، الهروب من العمل، الكذب، التضليل، القتل، الثأر، الاغتيال، انهيار العمل المؤسسي، صناعة الفقر، فقدان الوظائف، زيادة منسوب الجوع، بيع الأعراض، انتشار التجارة السوداء "جنس الأطفال والمخدرات" .. إلخ"
باختصار يا محمد:
لقد غرق الشعب اليمني في هذه الدوامة السوداء القذرة، لكنه بقي يصيح ويصرخ "نحن خير أمّة أخرجت للناس، نحن شعبٌ محافظ". أتدري ماذا يقصدون بقولهم إننا شعب محافظ؟ أن يحرق الرجلُ عيني ابنته لأنه وجد رسالة غرام في شنطتها، وأن يطلق النار على كاتب الرسالة. أي التعذيب والقتل! كلمة "محافظ" لدينا لا تشير سوى إلى مزيد من العنف والإرهاب. 

كل أمورِنا تدعو للخزي. نحن السواد العظيم الذي سدّ الأفق!
خذ هذا المثل أيها السيّد الرسول.
في الرسالة الأولى خاطبتك باسمِك. لمجرّد ذلك راح آلاف المسلمين يكيلون اللعن لي ولأمي ولزوجتي دفاعاً عنّك. هل تعلم أنك الشخص الوحيد في العالم الذي يدافع عنه أصحابه بأقذر الوسائل؟
أتدري أنك الشخصية التاريخية الوحيدة التي يحاول مريدوها أن يثبتوا تميّزها الأخلاقي من خلال تبني الوسائل الأكثر انحطاطاً. وأنّك النبي الوحيد في العالم، في هذا الوقت، الذي يقرن اسمُه بكل تقارير القتل الجماعي والمجازر. وأنك الإنسان الوحيد الذي يَنسب آلافُ القتلة عملياتهم إليه، وأن الذين يقولون إنهم يمارسون الإرهاب والقتل بناء على رغبتك يبلغون عشرات آلاف أضعاف الذين يقولون إنهم يذهبون إلى الجامعة ليشعروك بالفخر.

قرأت لكاتب غربي يقول: لا بد وأن وحشية المسلمين وميلهم للعنف لها جذور في دينهم وفي سلوك نبيّهم.
في يوم طلع عليك أصحابك وقالوا لك كلاماً مرتبكاً. هززت رأسك وقلتَ لهم "أو تجدون ذلك في قلوبكم" فقالوا نعم. لم تزِد على أن قلتَ، وأنت شارد بين السماء والأرض: "ذلك محض الإيمان". وكنت تعني "الشك". الشك الذي يصل إلى ذات الله نفسه. كنت تدرّب أصحابك على الشك أكثر من اليقين، على الأسئلة أكثر من الإجابات، وعلى الحياة لا الموت. نهرت أصحابك وأنت تقف بالقرب من مقابر الشهداء. قلتَ لهم إنهم محظوظون لأنهم لم يستشهدوا. اشتركت في حروبٍ كثيرة ولم تقتل أحداً. جاء رجلان من بعدِك وخاضا حروباً ضد إمبراطوريات موغلة في الديكتاتورية والاضطهاد. وكان كلامك واضحاً، وكانا مدرِكَين لمعناه: لا حروب إلا دفاعاً عن الحق في الاختيار. كانت كل حروبك لأجل "لا إكراه في الدين". من أجل الاختيار الحر والواعي. وعندما وُجدتْ أنظمة حكم تمنع شعبها من حق الاختيار وتجبرهم على دين بعينه هناك نشأت الحرب بينك وبينهم. لم تكن حروبك، في كل حالاتها، سوى لأجل هذا المبدأ: الحق في اختيار الدّين، ثم دفاعاً عن كل الأديان.
يا محمد، أظنني فهمتك كما ينبغي، ولأجل ذلك صدّقتك وأحببتك، وكنت أنت وصاحباك الآخران "عمر وأبو بكر" أبطالي الثلاثة على مدار التاريخ.

قرأت سيرتك المرّة والأخرى. عشتَ بين أصحابك 23 عاماً، أي ما يقرب من 8400 يوماً. إجمالي الأيام التي قضيتها في الحروب لم تزِد عن عشرين يوماً. بقيت من سيرتك أكثر من 8380 يوماً بلا حروب. كانت أياماً للسلام الإلهي، الحب، الأناشيد، الغناء، البهجة، العدل، الخيال، الابتكار، التسامح، التنوير، إلى آخره. 

حاربت عشرين يوماً، ثم أكملت أكثر من ثمانية آلاف يوم في الحب والنور. هذا هو أنت، ولا تعريف آخر.
في الثمانية آلاف يوم صنعت حياة اجتماعية تخطف الأنفاس. ها أنا أراك "محتبٍ بشملة" تطرق امرأة بابك، كما في البخاري، ثم تدخل. كانت المرأة في السابق زوجة لشخص اسمه رفاعة، ثم تزوّجت بعده رجلاً اسمه عبد الرحمن. لم تمض مع عبد الرحمن، الزوج الثاني، سوى قصير ثم انتفضت. اعترفت بشجاعة، كامرأة تعرف بالضبط من هو الرسول، وقالت إنها لا تريد زوجها لأنه "ما معه إلا مثل هدب الثوب" وكانت تقصد عضوه الذكري الصغير! يروي البخاري عنك "والرسول لا يزيد عن التبسّم". لكنك فاجأتها بالحقيقة، وكان أحد أصحابك ينهرها لأنها تجري معك ذلك الحديث. قلتَ لها ممازحاً "لعلك تريدين العودة إلى عبد الرحمن فتذوقين عسيلته ويذوق عسيلتك". حنّت المرأة لأير زوجها السابق، يقول المحدّثون، فمازحها الرسول في هذا الموضوع شديد الخصوصية. حتى إن جملته التي قالها للمرأة أصبحت سنّة بعد ذلك. هزّت المرأة رأسها وكانت خجلى.

في الثمانية آلاف يوم كنت تخلق أعمدةً من النور بين السماء والأرض. لم تكن نبيّاً مسلّحاً. وكنتَ إذا لبست لامتك سرعان ما تنزعها. كذبوا عنك فقالوا إنك لا تخلع لامة الحرب إذا لبستَها، وأنت لم تبادر قط إلى حرب.
في واحد من أيامك الثمانية ألف كنت تحدث أصحابك عن العاشقين "بريرة ومحِب" منبهراً بحب الشاب للمرأة وبتجاهلها إياه. حاولت التوسّط بينهما، لكن بريرة رفضت وساطتك، وما زدت على أن قلتَ لها إنك مجرّد وسيط "البخاري".

وكنت تنتقد الأعراس التي بلا غناء، وتنصح المرأة أن تمشي كأنثى وأن يظهر دلالها للعين، كما في نقدك للمرأة المخزومية التي مرَقت أمامك في نهار المدينة. 
كنتَ حريصاً على البيئة، وعلى الصحة، وعلى العقل، وعلى النفس، وعلى المال. لم تكن لأحدٍ. كنتَ لكل الناس. وكان لديك أصدقاءٌ من المشركين ومن أهل الكتاب، كانوا يحترمونك وكنتَ تحترمهم. وكعربون صداقة أرسل إليك ملك مصر جارية فتزوجتها، رغم إنه لم يؤمن برسالتك.
كنت محمّداً الرسول الذي لا يعرفه أتباعه، أو لا يعرفون عنه حقيقته.
دعنِ أحدثك عن اليمن. 

من نسلك قدم قائد عسكري قال إنه وجد في الدين ما يؤكد حقّه الحصري في الحكم. ألقى مئات الخطابات لم يذكر فيها حديثاً واحداً. شكّل جيوشاً عسكرية مسلّحة، حشد المرتزقة، حصل على السلاح من الأسواق السوداء، أقام حلفاً عسكرياً مع زعماء الخارطة الاجتماعية للعنف والاضطهاد واللصوصية ثم خاض حروباً ضد الأعداء. من قرية إلى قرية كان يعبُر بسلاحه ومقاتليه يطلق النار وحسب، ويلعن الأعداء. كنّا نراهُ فقط، ولا نرى أعداءه. نرى قتلاه، انتصاراته، ضحاياه، الحطام الذي يتركه خلفه، نرى المشرّدين في الجبال، ولا نرى أعداء. ولم يكن هناك من أعداء كان جيشه ينتصر من جانب واحد ضد لا أحد. تجاوز قتلاه 70 ألف مسلماً!

بعد أن أكمل احتلال القرى وتفجير منازل أولئك الذين تجرؤا فقالوا له "على رسلك، ماذا تريد بالضبط" ذهب فاحتل المدن وصنع السجون، ونشر الخوف، ثم ابتز الأغنياء والفقراء. اقتحم البيوت وسرق المال والطعام، ثم اختطف الشبّان وروّع الأطفال. يوجد في صنعاء الآن عشرات الآلاف من مسلّحيه، في شوارع صنعاء، لكنهم لا يدخلون مساجد المدينة!
اسمعني يا محمد، فما سأقوله هُنا يدعو للخزي والعار.
فعندما خاطبتك باسمِك، وهذا أمر لا يزعجك البتّة، هددوا بإزهاق روحي. قالوا إني أهنت دينتك، وحرّضت عليك يا محمد.

ما رأيك بهذه الصورة:
ذلك الشاب الذي حدثتك عنه اسمه عبد الملك الحوثي. أما جيشه وحركته فيسميه "المسيرة القرآنية". هذا الأمر سيعني التالي:
إذا كانت حركته هي المسيرة القرآنية فلا بد وأن تكون السرقات والقتل واللصوصية والكذب والعمالة والاحتيال والاغتيالات والخوف والتهديد وانهيار الاقتصاد وسقوط السمعة الدولية للمجتمع ومصادرة الحق في الاختيار والحق في العيش ... إلخ لا بد وأن يكون كل ذلك وفقاً للقرآن الكريم.

هل يمكنك أن تتخيل إهانة للدين وتحريضاً عليه وتدميراً لسمعته أسوأ من هذا؟ أن يقول المرء إن كل هذه البلايا والفظاعات وكل ذلك الخزي والعنف هو جزء من القرآن الكريم، ومن جوهر القرآن، أي من إرادة الله!
من يهين الإسلام، يا رسول الله؟ من يخاطبك باسمِك مجرّداً، مؤمناً بلا محدودية إنسانيتك وجمالك ..
أم عبد الملك الحوثي، المحارب الذي جمع كل وساخات التاريخ في قبضته ثم قال للناس: 
وجدت كل هذا في القرآن؟
كل سنة وأنت رسول الله
يتبع ..

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
1
2015/01/03
نعمة
الماسوني الأخونجي الغفوري
الأخونجي لادين له ولا أخلاق إلا العمالة والتخريب ومروان الغفوري الأخونجي واحد من اولئك الماسونيين
الأخونجيين المخربين - اصبحوا مكشوفين للكافة
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً