الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
عصام الأكحلي
عبدالملك يخاطب الزعيم
الساعة 17:34
عصام الأكحلي

 

لأول مرة و في سابقة هامة جداً قائد المسيرة القراّنية المباركة عبدالملك الحوثي يبعث رسالة و خطاب مكتوب هام مخصص للزعيم علي عبدالله صالح الرئيس السابق للجمهورية ..و رغم أهمية الموضوع و أسباب الرسالة التي كان من الأفضل أن يكون خطاباً تليفزيونياً كالعادة لكي يكون ذا قوة أكبر و نتائج أفضل إلا أن هناك بالتأكيد مادعى الحوثي للإكتفاء برسالة نصية , ودعا إعلامه للقول أنها رسالة لأنصاره ومقاتليه وليست للزعيم , ودعت وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية للقول أنها رسالة تهديد من علي محسن من منفاه يهدد انتصارات الحوثي ويرعب زعيم الجماعة وتشكيل رعب واضح لدى جماعة الحوثي في سعي حثيث للتمويه وتغطية حدث ومضمون الرسالة المهمة , لأن الرسالة أساسا لاعلاقة لها بعلي محسن وتتمحور حول الزعيم وهادي وأنصار الحوثي , لكن ذكر كلمة زعيم في عنوان الخبر يمثل لمحة لمن يهمه الأمر .

على إستحياء وعلى غير عادة سماحة السيد في مواجهة خصومه بالإسم و إعلان مساوئهم كما حدث مع علي محسن وحزب الإصلاح فإن الحوثي في رسالته الأخيره لم يشر للزعيم بالإسم , وعلى استحياء أيضا إكتفى عبدالملك بتوجيه النصح والإرشاد لمقاتليه عوضا عن التوجيه والأمر الواضح الذي لايقبل النقاش .

تحدث الحوثي بعد ضجة إعلامية متواصلة على إنتهاكات مقاتليه عن المندسين والسئيين ومن يحاول الإستقواء بهم و الإنتقام من خلالهم لأهداف شخصية , وحول ذلك تحدث أحدهم مثلاً عن تفهم عبدالملك الحوثي للنقد و صوابية موقفه , ولم يتحدث عن ماحدث بعد رسالة الحوثي من إنتهاكات و عن طبيعة المندسين ومن أين جاؤوا ومن هم ؟ , لم يتحدث أحد أن هذا أول إعتراف ضمني بتحالف الحوثي مع الزعيم و أن الحوثي يقصد بالمندسين والسئيين أنصار صالح و لا يقصد أحد سواهم .. إن هذا أول وصف إذاً من قبل عبدالملك تجاه من ساعدوه على كل ماصنعه بالأمس وما زال يصنعه حتى اليوم , تحالف الحوثي مع السئيين والساعين لتشويه ثورته الشعبية , نعم , طالب الحوثي أنصاره في رسالته الحذر من المندسين والسيئين الذين يحاولون تشويه “الثورة” ولجانها الشعبية, كما حذرهم من أولئك الذين يحاولون الاستقواء بهم والانتقام من خلالهم من آخرين في تصفية حسابات شخصية أو أغراض خارجة عن الثورة وأهدافها..و أيضا حضهم على أن لا يتدخلوا في قضايا الناس بشكل عشوائي, وأن يراعوا حرمة البيوت وحرمة الممتلكات, “أما البيوت التي هي أوكار لخلايا إجرامية أو تستخدم للاعتداء منها بإطلاق النار على الناس, مع التأكد من ذلك, فيجب التعامل معها بحكمة بما يحفظ حياة الأطفال والنساء إن كان فيها أحد منهم”.. وفيما سبق يحاول الحوثي نفي التهمة عن أنصاره باقتحام المنازل في رسالة واضحة لأثر الإعلام على الجماعة وعدم إكتراثها بما يحدث بعيداً عن الإعلام في أرحب وحبيش والقاعدة ورداع وعمران وصعدة , إذ يعرف عبدالملك أن الناس لاتعرف أن الحوثي قام خلال السنوات الماضية بتدمير عشرات المنازل الخاصة بمن وقف مع صالح في حروبه الست في صعدة وماجاورها , ودمر أخيرا عشرات المنازل في أرحب وعدة منازل في القاعدة وحبيش و عمران وغيرها ..وأيضا في رسالته إتهام واضح لأنصار الزعيم بعدم مراعاة البيوت وحرماتها ..ياللمثالية و مكارم الأخلاق .أيضا عبدالملك يصف وبشكل غير صريح أو تسمية صالح وأنصاره في رسالته ببقايا الفاسدين , هذا يعني أنه بعد تخلصه من الفاسدين في ثورته المباركة لم يتبقى الاّن سوى أذيالهم وبقاياهم ..و كذلك قال السيد أن اّخر الدواء الكي إن إضطر لإتخاذ خطوات حاسمة , و وصف أيضاً هادي بالفاسد .

لم يقل الحوثي هل المندسين موجودين أيضا في ارحب وعمران ورداع واب وهل السئيين موجودين ايضا في الحديدة وحجة والجوف وذمار ..ولماذا نصحهم بالحذر منهم فقط ولم يطلب منهم رفع قائمة بأسمائهم لفصلهم من الخدمة والاستغناء عنهم .ولماذا لم يتم محاسبتهم .و لم يقل الحوثي لماذا تم يوم أمس في أرحب تفجير خمسة منازل تأوي الأطفال والنساء وتتبع مناصري ثورة فبراير , و لماذا يهتم الحوثي بما يحدث في العاصمة فقط وتسلط عليه الأضواء , ولماذا لم يقم بتفجير المنازل ودور القران في العاصمة .و أيضا لم يتحدث عن مئات المعتقلين والمخطوفين لديه وعن المندسين الذين قاموا بأخذ واردات مصنع اسمنت عمران , وعملوا في الحديدة على توظيف أربعة الاف شخص من خارج المحافظة .

تعمد عبدالملك الحوثي في بداية رسالته ذكر إسم علي محسن وهو الإسم الوحيد الذي ذكره في رسالته , لتصبح الرسالة غير واضحة المعالم , لكنها بالتأكيد وصلت للزعيم كما وصلت للجميع , و قدمت الإعتراف الأول لتحالف الحوثي مع صالح ,كما أظهرت أول مواجهة علنية بينهما تنبئ بالكثير , كما قدمت أيضاً الحوثي وهو يعيش دور البطولة فمثلاً يصف مقاتلي صالح أنهم يتعمدون الإستقواء بأنصاره , أي أنه لا يدرك فعلاً أن الأصح أن مقاتليه هم من يستقوون بأنصار صالح , كذلك فإن التراخي الواضح في النصح عوضا عن توجيه الأوامر المحددة تكشف بدون قصد ضعف أنصاره في تناقض واضح لرسالته و هدفها التي لا يتجاوز السعي لتحسين الصورة المشوهة وتبرئة أنصاره من جرائم لا تسقط بالتقادم وإلصاق التهم بالزعيم وأتباعه .

عندما كان الحوثي يواجه حميد القشيبي على الأرض كان في الوقت نفسه يرسل رسائل تحذير واضحة إلى علي محسن , والاّن يستعد الحوثي لمواجهة هادي وفي الوقت نفسه يحذر الهدف التالي علي صالح وأنصاره الذي وصفهم بالأشرار والمجرمين , ولكن بشكل غير صريح وضمني , ولكنه تمهيد للدرب ,فإن سمح الحال بالمواجهة التالية كان بها وإن لم يستطع فلا دليل على أن خطابه كان القصد منه الزعيم وأتباعه .

تحدث الحوثي عن أولويات المرحلة القادمة وهي مكافحة الفساد , وتعمد عدم ذكر صفقة الغاز الملف الأبرز في تاريخ الفساد المعاصر , ولم يتحدث عن إستثمارات أحمد وشركات يحيى , و لا أظنه يجرؤ على ذلك , و كذا تحقيق الأمن و ماحدث بعد خطابه كإختطاف المذيعة داليا دائل يكشف عن حجمه ومن يتحكم بالأمن , ولكنه لن يستطيع الإعتراف بذلك , وأيضا تطهير المؤسسة الأمنية والعسكرية , و كان الرد تعيين الشاب زكريا على حساب عشرات الأكفاء و أصحاب الخبرة في كشف واضح ومتعمد لتبيان عدم صدق الحوثي و توجهه الثوري المتناقض مقارنة بالأقوال والأفعال .

لم يجرؤ قائد المسيرة على توجيه رسالة مباشرة للزعيم , او حتى ذكر إسمه , أو حتى تحديد موقفه منه , والغريب أن الكثيرين من أنصاره ينكر أي علاقة تجمع الميليشيا بأنصار الزعيم , وهو موقف يجسد بشكل واضح ميزان القوة على الأرض , و كان يفترض أن يقول الحوثي الحقيقة كاملة أو إخفائها كاملة كما كان الواقع قبل رسالته الأخيرة , ولكنه ربما إضطر لذلك من أجل تلميع ضورته وتهدئة الحملات الاعلامية ضد إنتهاكات أنصاره .


الرسالة تحمل الكثير , ويمكن للجميع قراءتها بكل بساطة وإستخلاص ما لم يتم ذكره في هذا المقال , و أهم مايمكن قوله قبل إنهاء المقال أن الحوثي يسعى لمواصلة تطهير الدولة من الخصوم والإنفراد بكل شئ , و أن المشكلة التي ستواجهه مستقبلاً هي معضلة المندسين والسئيين .. ويتذكر اليمانيون أن مندساً صغيراً ذات يوم هدم سد مأرب وبعثر الناس في كل إتجاه .. فما بالك غدا يا قائد المسيرة بالاف المندسين وملايين المعارضين ..
الرسالة كشفت الكثير رغم كل محاولات التمويه ,, و سيقول غدا المناصرين له " ليته سكت.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص