- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
اكتب لكم من بيروت ولكن عن سورية ولاجئيها الذين يشكلون القلق الاكبر الذي يوحد غالبية اللبنانيين وهم المختلفون دائما.. والحديث عن زوجات البغدادي والشيشاني المعتقلات يطغى على الاستعداد لحفلات رأس السنة.. اهلا بكم في لبنان
من يزور بيروت هذه الايام يعتقد انه في مدينة اسكندنافيه تستعد للاحتفال بأعياد الميلاد، وليس عاصمة بلد تشهد حدوده، او بعض منها، معارك طاحنة، بين قوات الجيش وجماعات اسلامية “جهادية” متشددة، ونحن هنا لا نتحدث عن الموضوع القديم المتجدد اي مشاركة قوات تابعة لحزب الله الى جانب قوات الجيش السوري مع هذه الجماعات، وانما جبهة ملتهبة جرت جيشا زاهدا في الحروب الى اتونها.
الحركة في العاصمة اللبنانية تأخذ طابعا صاخبا، المطاعم مليئة بالرواد وكذلك المقاهي، وزحمة السير خانقة، واشجار اعياد الميلاد المزينة بالاضواء من مختلف الالوان، تطل برأسها في كل مكان (باستثناء الضاحية الجنوبية طبعا)، وعليك الانتظار لعدة ايام كي تحصل على مقعد في الطائرات المتوجهة الى مطار بيروت. اما معرض بيروت الدولي للكتاب الذي كنت احد ضيوفه فشهد اقبالا غير مسبوق، وزحام خانق، وزواره من العرب الذين لم يعبأوا بتحذيرات حكوماتهم يمكن رصدهم بسهولة لكثرتهم، وخاصة من دول الجوار.
هذا الصخب اللافت من الصعب ان يخفي “حالة قلق” تسود اللبنانيين، ولم ينجح مقدم الاعياد في طمس معالمها، قلق من عودة السيارات المفخخة انتقاما لاعتقال الجيش زوجتين لزعيمي اخطر تنظيمين “جهاديين”، الاولى السيدة سجى الدليمي الزوجة السابقة للسيد ابو بكر البغدادي، زعيم “الدولة الاسلامية” واولادها، والثانية علا متقال العقيلي زوجة السيد ابو علي الشيشاني احد ابرز القادة العسكريين “لجبهة النصرة”، وتهديد الاخير بانتقام مزلزل، اذا لم يتم الافراج عن عقيلته فورا في تسجيل مصور انتشر بكثافة على (اليوتيوب).
***
اللبنانيون، ومن مختلف الاديان والطوائف يلتفون بقوة هذه الايام حول جيشهم دون تحفظ، ويضعون كل خلافاتهم جانبا، ويريدون عودة جنودهم “المخطوفين” سالمين الى اسرهم، ويبكون الجندي الشاب الذي قتلته جبهة النصرة انتقاما وتحذيرا، او الآخرين الذين سقطوا في كمين (سبعة جنود)، ولكن قلة قليلة تهمس في المجالس الخاصة بـأن الجيش ما كان يجب ان يسرب اخبار اعتقال السيدتين على الحدود، وكان عليه معالجة امرهما بعيدا عن الصحافة، ولكن هناك في المقابل، وهؤلاء اغلبية، يطالبون بصوت اعلى باعدامهن لانهن “ارهابيات” وليكن ما يكون.
يتوحد معظم البنانيين ايضا، مسلمين كانوا او مسيحيين، سنة او شيعة، على رعبهم من تفاقم اعداد اللاجئين السوريين الى بلادهم ووصولها الى ما فوق المليوني لاجيء، ويتساءلون بقلق عن خطر هذا “التسونامي” الزاحف تجاه بلدهم واين سيتوقف العد، وعندما تقول للقلقين منهم ان السوريين اشقاؤكم وفتحوا لكم بيتهم وقلوبهم ايام الحرب عام 2006، مثلما فتحوها للعراقيين وكل مستجير، يردون بأن سورية دولة كبيرة، بينما لبنان بلد صغير لا يمكن ان يستوعب هذه الاعداد الضخمة في ظل تعاطف عالمي محدود، واعراض جانبية بدأت تعكر صفو استقراره وتركيبته الاجتماعية والسياسية، ويضربون امثلة كثيرة في هذا المضمار لا يتسع المجال لذكرها.
الملف السوري بجوانبه العسكرية والسياسية والانسانية هو المسيطر، فعندما كنت في بيروت تصدرت زيارة ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي العناوين الرئيسية للصحف ونشرات اخبار محطات التلفزة اللبنانية، وبرامجها الحوارية والاخبارية وما اكثرها، واللقاءات التي اجراها مع معظم السياسيين اللبنانيين وخاصة اللقاء “السري” مع السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله، والسيد نبيه بري رئيس البرلمان وقادة فريق الرابع عشر من آذار وفريق 8 ايار.
تسأل اللبنانيين عن هذه الزيارة، فيتطوع الكثيرون بإعطاء شرح مفصل عن الدور الروسي ومحاولة القيادة الروسية استطلاع الحقائق، وجمع الافكار حول كيفية الخروج من المأزق السوري، والاستفادة من دروس الازمة اللبنانية، ويذهب بعضهم الى الحديث عن “طائف” سوري يتبلور في اطار حل سياسي للازمة السورية من خلال حجيج مسؤولين سوريين وعناصر قياديه معارضة الى موسكو بكثافة هذه الايام، حيث تلعب موسكو الدور نفسه الذي لعبته الرياض او تحاول.
وتتزامن زيارة بوغدانوف مع “حراك” على جبهة اخرى بقيادة ستيفان دي ميستورا مبعوث الامم المتحدة الى سورية، الذي يريد تجميد الصراع المسلح في حلب، وتقسيمها الى حلب شرقية واخرى غربية، واحدة تحت سيطرة النظام واخرى تحت سيطرة المعارضة، ويفتي بعض السياسيين اللبنانيين بأن المبعوث الدولي استلهم هذه الفكرة من التجربة اللبنانية، وتقسيم بيروت على النموذج نفسه لفترة انتقالية لبضعة اشهر او سنوات ثم عودتها الى وحدتها الطبيعية، فعندما هدأت المدافع في بيروت وبدأت مسيرة التعايش تنطلق وتتهاوى امامها خطوط التماس هدأ لبنان كله.
اتفاق “الطائف” اللبناني جاء بعد 15 عاما من الحرب الاهلية، وبعد وصول طرفي الحرب الى مرحلة الانهاك التام واستعدادهما للقبول بالحل السياسي وتقديم تنازلات “مؤلمة” من بينها تعديل الدستور للخروج من هذا المأزق الدموي، فهل وصلت اطراف الصراع في سورية الى هذه القناعة وبدأت تتحلى بالبراغماتية؟
هناك من يجيب بنعم كبرى، ويؤكد ان النظام والمعارضة في سورية باتا على قناعة بضرورة شرب كأس “سم الحل السياسي”، والتوحد بالتالي في مواجهة الخطر الاكبر الذي يهددهما معا، اي الاسلام السياسي المتشدد، وابرز عناوينه “الدولة الاسلامية” وشريكتها “السابقة” في الايديولوجية “جبهة النصرة” اللتين تشكلان تحالفا غير معلن لتغيير الحكمين في لبنان وسورية معا وتغيير، بل نسف، خرائطهما السياسية والاجتماعية والجغرافية، واعادة رسمها مجددا وفق معاييرهما الايديولوجية.
مسؤول لبناني كبير قال لي “سورية تحارب على ثلاث جبهات، الاولى ضد “الدولة الاسلامية” واخواتها، والثانية معركة الحفاظ على النظام ومؤسساته بعد ثلاث سنوات من الحرب، وفي ظل حصار اقتصادي خانق، والثالثة حول كيفية التعاطي مع حرب باردة على ارضها بين القوتين العظميين روسيا وامريكا، ولهذا ربما تتحلى القيادة السورية ببعض المرونة تجاه الحلول السلمية خاصة ان من يقود سفينتها هذه الايام حليفها الروسي، مضافا الى ذلك ان حلفاءها الروس والايرانيين يواجهون حربا نفطية تستهدفهما وادت الى انخفاض عوائدهم بأكثر من 40 بالمئة بسبب اغراق السعودية وحلفائها في الخليج الاسواق بفائض يزيد عن مليون برميل انتقاما من دورهما في سورية والعراق واوكرانيا.
احد القادمين من دمشق، واثق كثيرا في معلوماته قال لي ان “المرونة” غير موجودة على الاطلاق في اوساط اهل النظام السوري وعظام رقبته، وان الدائرة الضيقة في الحكم تشعر بحالة من القلق من هذه التحركات الروسية، وما زالت تنظر بعين الريبة الى السيد معاذ الخطيب الذي يعتبر اكثر قادة المعارضة السورية “برغماتية” واعتدالا، وصاحب الخط الثالث في المعارضة السورية المستعد للتفاوض مباشرة مع النظام، وان مسؤولا سوريا كبيرا ابلغه ان سورية لا يمكن ان تنسى او تغفر له جلوسه على مقعدها في قمة الدوحة العربية قبل عامين تقريبا، وامام علم “الثورة” ومخاطبة الملوك والرؤساء والامراء من على منبرها.
المصدر نفسه ربط بين الغارات الاسرائيلية التي اعلنت عنها الاحد السلطات السورية وقصفت اهدافا في دمشق ودون وقوع اصابات، وما يقال في الوقت نفسه عن اتساع دائرة التعاون بين تل ابيب وجماعات سورية معارضة في الجولان السوري، وتوجيه رسائل الهدف منها الضغط على اصحاب الحل والعقد في دمشق بضرورة اتباع المرونة وانجاح الجهود الدولية، لان المنطقة والعالم، لم يعودا يتحملان استمرار هذه الازمة السورية، وهو استمرار يصب في نهاية المطاف في مصلحة “الدولة الاسلامية” وحالة عدم الاستقرار في المنطقة.
***
اللبنانيون، “البيروتيون” منهم على وجه الخصوص، يتمنون نجاح جهود موسكو وبغدانوف ودي ميستورا، وجون كيري، او اي طرف آخر يخلصهم من تبعات وذيول الصراع السوري، واكثر من مليوني لاجيء سوري يتواجدون على ارضهم يتحولون بسرعة الى ازمة سياسية وديمغرافية على غرار اشقائهم الفلسطينيين الذين سبقوهم قبل 66 عاما، ولهذا يعارضون في معظمهم التوسع في اقامة مخيمات لجوء سورية جديدة، على غرار مخيمات عين الحلوة والبرج ونهر البارد التي اصبح بعضها دول داخل الدولة واماكن مغلقة يلجأ اليها بعض الهاربين من العدالة، على حد وصف زميل لبناني.
الزميل نفسه الذي يتمتع بظُرف نادر في اوساط المهنة هذه الايام قال في لحظة “تجلي” ان اللبنانيين تخلصوا من الجيش السوري، ولا يريدون عودته كجيش من اللاجئين، ويعتبره اخطر من نظيره العسكري ويجعل من وحدة سورية ولبنان امرا واقعا في نهاية المطاف، وربما لا يتفق معه البعض في “ظُرفه هذا”.
اللبنانيون قدريون، يقرأون الصحف في الصباح ويتابعون بعض نشرات الاخبار في مطلع المساء، ثم يسهر غالبيتهم الى ما بعد منتصف الليل، وينتظرون الحل السياسي للازمة السورية باعتباره املهم الوحيد في الخلاص، ويصلون في الفجر لبغدانوف ورئيسه سيرغي لافروف مهندس الدبلوماسية الروسية، ولا ينسون القادم الجديد دي ميستورا ايضا بدعواتهم لهم جميعا بالنجاح وبأقصى سرعو ممكنة.
الاعلان عن حفلات رأس السنة في الفنادق تتلألأ وتحتل لوحات مضيئة تزينها صور الفنانين والفنانات في كل مكان.. اللبنانيون شعب يحب الحياة وهو بلا شك اكثر من يستحقها في اعتقاده، ويؤجل هموم اليوم الى العام الجديد!
واهلا بكم في لبنان.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر