السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
أحمد طارش خرصان
إنطباعات عابرة
الساعة 01:45
أحمد طارش خرصان

منذُ ميلاده وحتى اليوم ، يصبح الخوض في تجربة هذا الكيان أشبه بمحاولة لا تتطلبُ سوى الحياد - بعيداً عن الإنطباعات الموجهة أكانت شخصية أو أيديولوجية - إذْ ارتبطت تجربة هذا الكيان بمجمل الأحداث العظيمة التي عصفت بالبلد ، وخلقتْ واقعاً جديداً ، انقسم اليمنيون حوله - بين مؤيدٍ ومعارض له - مدفوعين بتوجسات ماضوية ، ربما أفرزت حالة من العدائية المفرطة لهذا الكيان.

في ذكرى ميلاده ال 26 ، لم يبتعد الإصلاح عن كونه السبب الرئيس في الذي وصلت إليه البلد ، ويكاد التوجه المدفوع الأجر أن يحمل الإصلاح تبعات كل ما يعصف بالبلد اليوم ، وبما يجعله الخائن الوحيد في وطنٍ ، يعتقد البعض أن رفع اللافتات وترديد الشعارات الوطنية ، قد تكون كافية لأن يكون وطنياً غير مضروب الولاء والإنتماء .

لا يختلف اثنان أن التجمع اليمني للإصلاح خلال مسيرته ، مثّل حالة متقدمة لا يمكن مقارنتها ببقية الجماعات الدينية - شبه المنغلقة على النص فقط - وذلك من خلال التحول في أداءات الإصلاح كحزب سياسي ، خاض ستة تجارب إنتخابية ( برلمانية - محلية - رئاسية ) ، بعكس بقية الجماعات ( سلفية - حوثية )، ولعل تفوق الإصلاح يكاد يختزل في مغادرته لقضايا الإصطفاء الديني والسلالي ، وطاعة ولي الأمر وعدم الخروج عليه ، وذلك ما يدفعني إلى استهجان النقد الذي يوجه للإصلاح من قبل أعضاء وأنصار هاتين الحركتين المنغلقتين تماماً .

لقد وقع الإصلاح ضحية تحالفه مع صالح عقب توحيد اليمن ، إذْ تمكن صالح - كما يفعل اليوم مع الحوثيين - من تحميل الإصلاح تبعات حرب صيف 1994م ، والنأي بنفسه من وزر ما قام به ضد أبناء الجنوب ، وهو ما سيكون مع الحوثيين من تحميلهم تبعات الحرب التي تقودها السعودية وتحالفها ضد اليمن .

يتعرض الإصلاح اليوم إلى محاولة متقنة لإجتثاثه ، وبتواطئٍ داخليٍ وخارجي ، ربما يفسر وضعية الإصلاح الحالية كهدفٍ لفوهة البندقية وآلة الإعتقال لتحالف الحوثي وصالح ، وتكاد السجون والمعتقلات وتقارير المنظمات الحقوقية المحلية والخارجية ، أن تمنحنا صورةً واقعية لكل ما يتعرض له الإصلاح - قيادة وقواعد - من انتهاكاتٍ فاشيةٍ ، قد تكون عملية تطهير حاقدة ، لا همّ لها سوى التأسيس لحالة جديدة لا يكون فيها الإصلاح سوى الهامش الذي لا يلتفت له إلَّا عند الحاجة .
أختلف مع الإصلاح في كونه مختطفاً من قبل عقلياتٍ ، لا زالت - حتى اليوم - محكومة بمخاوف وأوهام سيئة ، كرستْ بقائها بطريقةٍ تجعل تلك العقليات الممسكة بمصدر القرار ، أكثر نفوذاً وتمكيناً وتوجيهاً لسياسة الحزب وعلاقاته مع بقية المكونات والأحزاب السياسية .

لا أهتم لكون الإصلاح فرعاً لتنظيم الإخوان المسلمين ، ولا يغير عدم انتمائه إلى ذلك التنظيم من الحقيقة التي تجعل الإصلاح ، حزباً يمنياً عامراً بالتنوع والتعدد، وجغرافيا غير قابلة للمحو والإجتثاث مهما بلغتْ تلك المحاولات في هوسها وعنفها الموجه .

لست هنا بصدد توجيه الإصلاح إلى ما يتوجب عليه فعله ، بقدر ما دونتُ انطباعاً عابراً ومجانياً تجاه حزبٍ ، أجزم اليوم أنه نجح في الإفلات من كل الشراك المنصوبة له بطريقة جيدةٍ ، وتمكن حتى اللحظة من تقديم صورة مقبولة لحزب ، يقف اليوم -وبتماسكٍ صلبٍ - في مواجهة تهم الخيانة وبيع البلد ، وتوق اليمنيين - أنصاراً وأعضاء ومعارضين - في أن يظل محافظاً على عذريته الوطنية....

الوطنية التي لن تكون هبةً مجانية يمنحها القتلة لمن سواهم ، نظير زاملٍ أو شعارٍ ، لا يرى في اليمن سوى الحقّ الذي آلَ إليه آخر المطاف.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً