الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
حمير علاية
عن أوباما.. الخاتم الإلهي وربيع العرب.
الساعة 23:13
حمير علاية

 


في ذات الوقت الذي كانت الأيدي تحمرّ تصفيقاً له، ويهرول صاعداً على منصة فوزه برئاسة أمريكا في 2009، كنت مشغولاً بغسل يدي سبع مرّات منه. كنت أصرخ: سيأتي هذا العبد ليفعل فينا مالم يفعله سلفٌ له، وكنتُ أتّهم بالمتشائم، والمجانب للصواب الذي مفاده: هو خيرٌ من سلفه بوش. كنت أضحك في داخلي بما يشبه البكاء. لا على مجيء الطيب الغادر، بل على مستوى التفكير الذي بتنا ندور بداخله حتى ندوخ.

لم أكن أعلم بأنّ جماعةً دينيةً ستظهر خالقةً البيئة المناسبة لحزمة السياسة اللطيفة الجديدة، وتبشّر بالخاتم الذي على بنصر يده اليسرى مكتوباً عليه" لا إله إلا الله".

يا إلهي!

ينظر أوباما إلى خاتم يده المنحوت عليه" لا إله إلا الله"، ويجيب على الصحفي الإسرائيلي: "يهمّني كثيراً أمن إسرائيل، ومددتُ يدي للإسلاميين من أجل إسرائيل"!
أحد أبناء هذه الجماعة أكاديمي، قال في العام 2011 بمجلس عام: "إنّ أمريكا تريد ديموقراطيةً حقيقيةً في الوطن العربي". شعرتُ بالأسى، وأنّ الخاتم المنحوت عليه " لاإله إلا الله"، سيمور بحركة السحابة على المنطقة.

 خاتم سليمان ينبش التاريخ لأبناء سارة، ولأبناء هاجر خاتمٌ بالمقابل، عابرٌ للأزمنة والحدود، سيكتب لهم تاريخاً جديداً.

قال جيمس ولسي رئيس جهاز المخابرات الأمريكية سي آي إيه في العام 1996م في مؤتمر:" إذا نجحنا في إقناع المسلمين  في العالم الذين هم تحت العبودية كما هو ظاهر، سوف ننجح في النهاية". ويكمل: "نريد أن تعرفوا أننا للمرة الرابعة وخلال المائة السنة الماضية، قادمون للزحف، وسوف ننتصر".

لم يلتفت أحد لمكمن النار، ونجحت البروباكندا الغربية في صناعة وهم يتعاظم داخل الوعي العربي بشعارات وأسماء، لم في تكن في النهاية سوى مسابير للزاحفين الجدد، وستُلقى في النهر.

في الرابع من يونيو 2009، زار أوباما القاهرة، وخطب خطاباً ذرفت له العيون ووجلت منه القلوب. نام طاقمه في الطّائرة إلى القاهرة، فيما هو لم ينم. كان حريصاً على أن يحفظ الآيات القرآنية المحدّدة له ليلقيها مستشهداً. سيشعر المسلمون أنّه المخلص التاريخي الجديد، وسيقرأ الآيات وهو يطالع إلى الأعلى. إلى الدور الثالث الداخلي من القاعة المكتظّة بالوجوه والكاميرات والتصفيق المدوي.

بعد ثلاث فقط، أنجب المولود وسمّاه.

كانت بشارات ويكليكس قد سهّلت المخاض. هو عصر المعجزات المسافرة من وراء البحار. الخاتم يشيع بدعواته على ضريح عبدالقادر الجيلاني وجلال الدين الرومي، وستمطر السماء، ويكون المولود ربيعاً مزهراً. هو المنتظر الأجمل، الذي ستهتزّ له الرؤوس كالدراويش في ليلة القدوم المبارك بالسماء.

مؤسسة "راند" الأمريكية المدعومة من المؤسسة العسكرية الأمريكية، هي التي ترسم سياسة أمريكا في المنطقة، ومن منطلق فكري ديني بحت، يسعى لإشعال الصراع الطائفي، ووضع الجميع في سلة واحدة، في محاولة خلخلة البنية التحتية للاسلام، وليس للمتطرفين كما يتوهم البعض. الخاتم بنحت " لا اله الا الله" وضع في البنصر ليسرى المخلّص، المؤنس باسمه ووجهه، وحال الإسلاميين" فزنا وربّ أوباما".

أربعٌ مرّت، أصاب المولود المشوّه الأمَّ بالمرض. تعاورتها الطعنات في ليل الوحشة. شربت الأرض من دمها حتى ارتوت، ووقعت أطرافها تحت حدّ السواطير التي لم ترحمها. تُذبح الكلمات على جسدها الطّاهر، وتغطش العيون، وتتصلّب الروح الإنسانية من روائح دمائها المسفوكة في كل مكان.

هي رواية أخرى للتاريخ.. دامية وموجعة، وتراجيديا، ألغتْ ما صنعته دور السينما والمسرح منذ الإغريق، وحتى آخر فيلم لهوليود يعرض الآن!

دخلت رسولة الربيع المنطقة مبشّرةً بموسمه الطيب، وتحلّقت حولها القلوب، لكلماتها، لزرقة عينيها، لشعرها الأشقر، لوسامة ما تزال تحتفظ بها رغم تقادم العمر، لذلك الزيّ الفيروزي الذي ترتديه، وللكعب يقرع باباً جديداً تقف خلفه مدن الرخاء والمثالية، وخرجت وهي تقول، لقد أفسد الحكام الجدد الحياة السياسية، وأفقدو السلطة ديناميتها. لقد جلب الربيع حكاماً ضعفاء. هكذا بدأت هيلاري كلنتون وهكذا ختمت.
واحدٌ من هؤلاء الحكام المصنوعين، كان هادي.. الإنسان الذي يبدو مشلولاً ذهنياً. زيارة إلى أمريكا ستؤكّد ذلك، مع حقنة كافية، لإنتاج نموذج من حاكمٍ مطيع يتلقّى الأوامر، يعود إلى بلده، ليتحدّث مبتسماً عن أعجوبة الزمان، الطائرة بلا طيار التي تقتل مواطنيه!

دمّر هادي الدّولة. قوّضها كمنتقم. بدا نيروناً آخر يحرق كلّ شيء.

لم يبد بقليل من إحساس تجاه مسؤوليته. لا دولة ومؤسساتها. لا وطن ومواطنين. لا جيش يهمّه ولا أمن يعنيه. كلما حدثت مشكلة تهتزّ لها البلاد، أحكم مزلاج بابه، وزاد قفلاً آخر وانتحى إلى متّكئه الوثير!

يَغْرق هادي في مزيد من الارتماء بالحضن الدّافئ، فيما لا أحد يطيقه إلا لاستعماله لأجَل مسمّى. يعتقدون أنّ من يكذب على شعبه، أو يسلّم جيش بلده لبلد آخر، لا يساوي قيمة علبة كلينيكس على طاولة مفاوضات، لا يعلمها، وإن قالوا عنه "رئيس".

يكذب بصفاقة لا حدّ لها. يدلّس. يتلصّص. يخون. يمزّق. يمارس الرذيلة في أبشع صورها. هو صورة مطابقة تماماً لنوري المالكي، أو أحد حكّام المنطقة الخضراء في بغداد. المنطقة الخضراء يماثلها الموفنبيك، وبنعمر هو بريمر بصورته الأخرى، لكنّ الخاتم الإلهي أراده بهذا الاسم الموغل في إسلام جديد عصري معتدل بحسب "راند".

البلاد تموت وتموت وتموت، والجوقة ما تزال تصفّق عند أقدام "الرّذيلة".

هكذا انتهينا.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص