الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
سام الغباري
أشتات مُحارب هارب !
الساعة 22:04
سام الغباري

- لقد ترعرعنا في نظام ديمقراطي ، والان نحن نقود الحرب لاستعادة النظام والديمقراطية التي سُلبت في احتجاجات ١١ و ١٦ فبراير ٢٠١١م ، و ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م ، وأما علي عبدالله صالح فيقود الحرب لاستعادة العائلة ، من بوابة السلالة التي يعرف أنها مكروهة وقد تجاوزها الإنسان اليمني بعقود ، لكن هل يسعفه القدر ليواصل مهمة الحرب العائلية ؟ 
- يستند حلفاءه الحوثيون مثل أي جماعة مفتقرة الى المشروعية السياسية ، إلى دوام فتوحاتها وبقائها لتشكيل مشروعية أخرى ، مشروعية ثورة وحرب . ويستند هو على الحرب السياسية التي تجعله شريكاً في التهمة ، وبريئاً حين إستحضار دليل الإدانة . 

- كانت خلية إيران الأمنية التي تفكر بإسم "عبد الملك الحوثي" ، تشعر بضرورة أن يظل الرجل محارباً ، ليتمكن من الوصول الى "مكة" في قلب المملكة العربية السعودية ، الأرض الذهبية التي تمكن نظاماً كهنوتياً مثل نظام الخميني من اعتباره قائماً وولياً يُعجّـل بخروج المهدي المنتظر ! ، تتقاطع معهم في هذه الظنون رؤى الغرب التبشيرية ، وفكرة إسرائيل التوسعية ، وتنظيم الدولة الاسلامية الكبيرة التي ستحقق الخلافة على يد المهدي أو المخلص .

- هذه المعارك التي تطحن الأمم العربية مخاضات صغيرة ومبشرة لدى قادة الكهنوت الذين يتحكمون في تجاذب القوى بداخل مركز الشرق الأوسط ، القدس و مكة محوران مهمان لغليان التطرف الديني في عالم يتظاهر بالعلمانية . القدرات السعودية المسيطرة على "مكة" جغرافياً ، لم تحولها إلى دولة لاهوتية مؤذية ، بطموح أو نزعة امبراطورية في تكوين خلافات اسلاموية سياسية ، بالعكس من ذلك ، كان حرص العائلة السعودية المتعاقبة مركزاً على استقرارها، وثبات منظومة الحكم بالرفاهية الواضحة لشعبها ، وتعليمه بأعلى المستويات ، ما أنتج مجتمعاً متعدد اللغات والاقتصاديات والثقافة في بيئة بدوية لم تعرف مثلها الصحراء في كل العصور والأمم السابقة .

- يقوم الحوثيون بتدمير المفهوم ، المزاج ، وبالتجربة يقومون بإقحام قواتهم في مناطق غير خاضعة لمذهبهم الصغير مثل تعز والبيضاء وعدن والحديدة ، إلا أن ارتباطهم السلالي بالهاشمية الحقودة المتوزعة في المذاهب حتى في الصوفية المُدللة ، جعلت من الممكن لهم التقدم للسيطرة على مفاصل المحافظات التي تناهضهم عقدياً ، وإخضاعها سياسياً ، لو أنها ضمنت خطاباً لا يؤدي إلى اختلاط قطع الثلج كلها بجليد واحد .

- لم يستغل الحوثي بعد فكرة تعبئة مجمل موارد الأمة ، رغم ما نهبه من خزائن الناس والأفراد الشخصية والعامة ، وقد صار اليوم قادراً على العيش رغم الحرب الشاملة على التجنيد الاختياري المهووس بالدفاع عن قضية نبيلة ، ثم الإجباري - لاحقاً - ، معتمداً في تموينه على أصول وموجودات الأعداء والكتل السكانية المهزومة بما في ذلك زكاوات المال الهائلة ، وتموين (بنك) علي عبدالله صالح الثري ، واستغلال زعامته الكاريزمية في استجلاب الالاف من الشباب لقتال (عدو) لم يكن عدواً حقيقياً ، بقدر ما ساهم خلال العقود الخمسة الماضية في استقرار اليمن وتموين إقتصاده ، بإجماع خليجي موحد على تقاسم ركائز النهضة في اليمن الجمهوري .

- يجب أن نُسقط فكرة الحوثيين النبيلة ، قتال الأعداء ، ومن يسمونهم بالخصوم التاريخيين لليمن ، مثل هذه الجيوب الإرهابية المتخلفة لا تستطيع الحُكم والاستقرار بالمجتمعات ، مجرد فكرة الهدوء النسبي لها يُشعرها بالفزع ، لأنه سيقودها بلا شك إلى التفكك والتمزق والصراعات الداخلية داخلها كحركة مؤذية وحمقاء ، لا يمكن للحوثيين العيش والاستمرار إلا على فكرة الموت والشهادة والوعي الغائب في ثورة مستمرة تطحن عناصر الحياة البسيطة لليمنيين جميعاً .

- سنكتب خلال الأشهر القادمة عن الهزيمة الأولى للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح ، الهزيمة الحاسمة على أرض المعركة (الهزيمة في تعز كانت بالاستنزاف) ، بعد انتفاضة شباب فبراير في ٢٠١١م ، وافق "صالح" على التسوية بالخروج من الدائرة المدنية للحكم ، وتسليمها إلى نائبه الذي لا يتحدث كثيراً ، عبدربه منصور هادي ، إلا أنه خاف من أن يؤدي خروجه ذلك إلى نسف قوته وزعامته السياسية والشعبية ، فاحتفظ برئاسة الحزب الكبير وبولاءات مهمة في مفاصل الجيش الوطني ، وصارت مهمة الإطاحة به بسبب إنقلابه على نتيجة مبادئ الحوار الوطني قضية عربية ودولية حاصرت من مجلس الأمن إلى أن وصلت بالصواريخ إلى داخل منزله ، سيتعرض موحد اليمن الأقوى منذ قرون للهزيمة ، ليس على يد نظام دولي وعربي إنتفض ضده ، بل على يده هو . ذلك ما تحكيه مقررات الواقع ، ما لم تحدث معجزة .. معجزة من نوع آخر ، وأكاد أجزم أن علي عبدالله صالح ينتظرها ، كما انتظر "هتلر" وفاة "روزفلت" ، إلا أن النظام العالمي الجديد كان مستعداً لتجاوز هتلر وطحنه ، كما هو اليوم مستعداً أيضاً لإبقاء "علي عبدالله صالح" مُلاحقاً بالعقوبات مدى الحياة .

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص