الأحد 24 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
درس في الوطنية.
الساعة 21:25
أحمد طارش خرصان


إثنان وثمانون عاماً عاشها متشحاً بوطنية جنديٍ ، عرف القيمة الحقيقية للشرف ، وبنزاهة مواطنٍ لم يبخل يوماً - كلما استدعى الأمر - بحياته ، كواجبٍ ، أدرك مبكراً ألَّا خيار أمامه سوى القبام به ، ولو كلفه ذلك حياته ، وبيقين من آمن أن خدمة الوطن شرف لا يفوقه شرف. 

لا أدري لماذ تمتنع الحياة عن منحك ، ما يمكن أن يصلح كرثاء لشخصيةٍ ورجلٍ ،  كل ما فعله في هذه الحياة يكاد يختزل في وفائه لمبادئه وقيمه السامية دون غلو أو تطرف. 

ربما تخذلك اللغة وتفلت من يديك الكلمات وأنت تحاول الغوص في سيرة مناضل ، ألِفَ البذل والتضحية ، مبتعداً وبقناعة زاهد ومؤمن عن كل مايخدش المروءة ويصادر الكرامة ، أوينال من شرف التضحية وصفائها. 

في الخامس من شهر أغسطس ٢٠١٥م غادر النقيب علي بن محمد أبو راس الحياة، تاركاً بين أيدينا ما يمكن أن نسترشد به ، في دروب الوطنية المكتظة بالخونة والمتزلفين ، ولعل ما قدمه المناضل الفقيد - رحمه الله ووالدي - لدليل بيّن أننا أمام شخصية ظلتْ متمسكة بمبادئها وما تشربته من قيم الوطنية والرجولة. 

من برط مروراً بصعدة وانتهاءً بصنعاء ، تكاد الجغرافيا أن تمنحك صورة حقيقية لمناضل ، لم يخرْ يوماً أمام فقْدِه المؤلم لرفاقه المناضلين من أصدقائه وأبناء عمومته ، وهم يقارعون الرجعية والإمامية كإلتزام دينيٍ ووطني ، كلفه ورفاق دربه الكثير والكثير. 

لقد قام الراحل العظيم النقيب علي بن محمد أبو راس بما كان يتوجب عليه ، وظل منحازاً لقيمه ومواقفه التي ناضل من أجلها،  ولطالما وقف في وجه منتقديه ، من أولئك الذين يحاولون إخراجه من يقينياته ، وتجريده من كل ما يعده شرفاً وتأريخاً ، قائلاً وبطمأنينة مضاعفة : ( 26 سبتمبر محكمة لم ينتصب ميزانها ) .

لا أعتقد أنني بصدد تدوين ما يشبه رثاءًا جيداً ومستحقاً ، لشخصية النقيب علي بن محمد أبو راس ، لكنني - وهذا ما أجزم به - ملزم بتتبع سيرة مناضل أدرك خطورة المذهبية والسلالية - كدعوات عصبوية - فعمل على مقاومتها والتحذير من مخاطرها، والإفراط في تجاهلها وانعكاساتها على النسيج المجتمعي ، وبما تمثله من إنقلاب على قيم الثورة والجمهورية ، ولعل أرشيف الرئاسة اليمنية ورسائله بهذا الخصوص ، شاهد على ذلك. إبان عمله الإداري في عديد مديريات صعدة كمديرعام لها. 

ربما تفصلنا عن أربعينيته أيام قلائل ، لكن ما يفصلنا- لا يمكن حسابه - عن جمهوريته وثورته السبتمبرية، التي ظل محتفظاً بها ، مبتعداً بها عن الزلل والوقوع فيما يجردها من فضيلتها، وكونها منفذاً تمكن اليمنيون - ومعهم النقيب علي بن محمد أبو راس - من ملامسة المجد المجد الذي - كما يبدو - أضعناه ، دون أن نلتفت ولو مرة واحدةً إلى هناك حيث يقف النقيب علي بن محمد أبو راس- رحمه الله - وهو يردد مع أيوب طارش ( أشرقي تحت سمائي يا سيوفي...) ذلكم النشيد الذي ظل ملازماً للراحل كرفيق وصديق وفي. 
رحم الله الفقيد ووالدي وجميع المسلمين.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص