- الأكثر قراءة
- الأكثر تعليقاً
- اعتبروه أحد أفضل الأطباء.. يمنيون يشيدون بالدكتور المصري هشام إبراهيم (تفاصيل)
- عقوبات أمريكية على شركة سورية تموّل الحوثيين من إيرادات بيع النفط الإيراني
- دورات طائفية باشراف إيران للوكلاء الحوثيون الجدد!
- محلات عبدالغني علي الحروي تعزز تواجدها في السوق العالمي بالتعاون مع شركة هاير
- الحوثيون في إب يسجلون في مدارسهم طفل الصحفي القادري المخفي لديهم بإسم غير إسم أبوه
- علي سالم الصيفي ودورة في تمويل داخلية الحوثيين و الاستحواذ على 200 مليار ريال سنوياً
- إتحاد الإعلاميين اليمنيين يدين توعد قيادي حوثي بتصفية الصحفي فتحي بن لزرق
- بيان ترحيب من منصة (p.t.o.c) بفرض عقوبات امريكية على قيادات حوثية متورطة في جرائم منظمة وتهريب الاسلحة
- منصة تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال في اليمن (P.T.O.C) تصدر تقريرها الجديد «الكيانات المالية السرية للحوثيين»
- إسرائيل تدعو السفن التجارية المتجهة لميناء الحديدة بتحويل مسارها نحو ميناء عدن
عبدالله البردُّوني، أيها الضوء السّامق في مدارج المعرفة وأسفار الأدب وسموّ الإنسانيّة، واللهب المارد في دواخلنا، لا تخبو جذوته.
يا هرم اليمن الباذخ، ووجهها المحفور بأخاديد العصور، وشَهَقات الزمن، قبل ستة عشر عاماً رحلت عنّا، لكنّ روحك فينا ما تزال!
رحلت، وما نزال نحن عتمةً في قلبك، عشتَ تجلوها، وتهصر روحَك مطراً عليها، وبرقاً يشقّق أدَمَتها، فاستحلتَ قنديلاً معلّقاً على عيوننا المطفأة.
وبلدك ما تزال ترنو بشغفٍ وحميمية، إلى عينيك المضيئتين، المنبئتين كصبح، سقتاها الدّموعَ عشقاً وحنيناً ورحمةً ولوعة، مع كلّ سناً طالع، وأفقٍ غارب، وما نضبتا، حتى آخر رفّةٍ لهما في الحياة.
أيّها الرائي العظيم، كم كنت حانياً، وأنت تفرش الليل ببكاء روحك، وورود قلبك، وتعزف مواويل الأرض، وتغنّي الحبّ للعاشقين، المكتنّين بأسرار الغيب.
وكم كنت حانياً، وأنت تضرب بفأسك على جذوع أشجاره، لتنبت أخرى، وارفة الرحمة والظلال، على هذا الشعب المقهور.
كأنك تعيش بيننا اليوم، فالقصيدة لمْ تمتْ. وحروفها لم تمتْ، وحشرجاتها لم تمتْ. ما تزال تنسرب في أوردتنا المُجهَدة، ومفاصل حياتنا المريرة، عاجَّةً بالرؤى والحكمة والمعرفة والنّبل والابتسامة والآمال.
نحن بعدك، ما نزال ننزرع تحت أمطار الفناء، وما يبسنا.
تعب الموت وما تعبنا، أرهقت المهاوي وجوهنا وجلودنا وأعظمنا وما أُرهقنا. شربتْنا الأحزان، حتى نسيناها.
على قبرك المعروش بالضوء، تورق كل معاني الخلود. وعلى روحك في مثواها، يعرج وطنٌ مسيّجٌ بالدموع والقهر والآلام.
قال لي أستاذنا الناقد والمفكر حسين الواد ذات يوم: ما الشعر؟ ما القول الشعري؟ وقبل أن أقول، أخذ نظارته يدوّرها، مشيراً بها إلى أعلى، وقال: القرآن الكريم رأس الكلام، وقنطرة القول، والشعراء يدورون حول رأس القنطرة هذا، ويتسابقون نحوه. قالها مبتسماً، تاركها في ذهني.
أجدني أتمثّلها، كلما قرأتُ شعرك.
في ظني - وخارطة الإبداع بكل أبعادها وأشكالها تمور بالشعراء الكبار-، أنّك كنت أكثر الشعراء سموقاً وإصراراً، نحو رأس القنطرة البعيد المنال، لسمائية كلام الله، وأرضية ما سواه.
أيّة مقدرةٍ شعريّةٍ كنت تنفنفها على جنبات الكون!
قولبتَ اللغة وأزحتها، صببتَ فيها عصوراً وتواريخ وأمثولات ومقارنات، خلقتَ الجديد في الإيحاءات والاستعارات، واجتزْتَ المجاز، وحوى شعرك تفاعل الذات المنخرطة في الزمان والمكان والماوراءهما، القافزة عن الأسوار، بدهشة الفن وروعته، ووهج حضوره.
أثّلتَ لمدرسةٍ جديدةٍ في الشّعر العربيّ، تتربّى أجيالٌ في ردهاتها. أثّثتها بروحك قبل أشعارك. نتمثّلها، ونجدنا على أبوابها مشدوهين، بيقين أنّ الشعر في أعمق وجوده، هو تعبيرٌ عن الدّهشة الأولى للحياة.
تُبكينا روحك النبيلة العظيمة، وهي تنساب في قبر صديقك، كقطر الماء. كنتَ تحشرج ونحشرج معك " يا صديقي لبّني أو نادني .. لم يعد لي من ألبّي أو أنادي". نستجمع دمعتنا المكتظّة بالأسى والألم اليوم، في ذكرى رحيلك، ونتهيّب وضعها إكليلاُ على قبرك، تناديك، ككتاب اعتذارٍ، لا ينتهي.
سلامٌ عليك يا عبدالله البردّوني، في مثواك المودَع في أعماقنا، والرّحمات على روحك، ملء ما حملتْ من أوصاب الحياة وأوجاعها.
- نصوص
- اخبار أدبية
- آراء وأفكار
- اليوم
- الأسبوع
- الشهر