الاثنين 25 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
نبيهة محضور
الحل العادل
الساعة 14:59
نبيهة محضور

                                                      

 

شكلت القضية الجنوبية ولا تزال القضية الوطنية الأولى  وضلت هي الحدث الأبرز على مستوى الساحة حيث تسيدت المشهد السياسي بامتياز  واخذ الجدل فيها ولازال حيزاً واسع من حياة كل المراقبين والمهتمين بالشأن السياسي ليس هذا فحسب بل اصبح الحديث عنها محور جدل الشارع اليمني في شمال الوطن وجنوبه لان الحديث عن الجنوب هو الحديث عن مستقبل استراتيجي ليمن واحد تشكل الوحدة اليمنية هويته التي ينبغي الحفاظ عليها ورغم كل الجدل الذي طال القضية الجنوبية والحديث عن فك الارتباط من قبل البعض نتيجة اسباب عديدة سياسية وحقوقية واقتصادية شكلت بمجملها  القضية الجنوبية ستضل الوحدة اليمنية هي الخيار الأفضل لشعب واحد له تاريخه وحضارته وامتداده الجغرافي  لذلك فان حل القضية الجنوبية يحظى اليوم باهتمام دولي بالغ لما له من تأثير في استعادة الأمن والاستقرار والتوازن السياسي في اليمن والاقليم بشكل عام ولما يشكله عدم الحل من خطر داهم ليس على الاقليم فحسب ولكن على الاستقرار العالمي ،لذلك حظيت القضية الجنوبية باهتمام كبير محلياً واقليمياً وكانت حاضرة بقوة على طاولة الحوار الوطني الشامل الذي عُقد في الوطن ،لما لهذه القضية من اهمية كبرى في حاضر الوطن ومستقبله وبغض النظر عن  تلك الأسباب التي دعت الى ظهور هذه القضية وساهمت في تشكيلها وادت الى تعكير صفو العلاقات يبقى امام اليمنيون اليوم فرصة اعادة بناء الثقة و مد جسور المحبة  وتبني مبدأ العفو والصفح  استناداً لقوله تعالى " ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"... صدق الله العظيم.

 

إن المسئولية الوطنية  اليوم  تحتم  على كل المكونات السياسية و الاجتماعية وضع الحلول والمعالجات الناجعة القادرة على معالجة كافة الاختلالات التي نتجت عنها القضية الجنوبية ومعالجة الآثار الناجمة عنها، وتعمل على التأسيس ليمن جديد في ظل دولة مدنية تقوم على أسس الديمقراطية وتحكمها المؤسسات وتسودها قيم الحرية والعدالة والمساواة ، وكما تحتم على الجميع ضرورة تجاوز الماضي والتوجه نحو المستقبل، فهو وحده السبيل لمعالجة كافة الاختلالات، وتكفل تحقيق مبدأ الشراكة في السلطة والثروة لكافة أبناء اليمن ومن اجل تحقيق ذلك لا بد من الدعوة للتعايش السلمي بين ابناء الوطن الواحد ونبذ  التعصب ورفض الآخر وعلاقات التشنج الناتجة  عن إيديولوجيات مستحدثة، تفرغ غالبا الدين من محتواه الجوهري، الذي يهدف إلى إصلاح النفوس وإفراغها من الكراهية والعنصرية والتعصب، ويهدف إلى زرع بذور التسامح والإيثار والتعايش السلمي المبني على الاحترام والاحترام المتبادل، ونجد أرقى نماذج التعايش السلمي إبان العصور الوسطى في بلاد الأندلس، بين مختلف الأديان والطوائف والأعراق وخاصة بين المسلمين واليهود. مما أنتج حضارة متميزة لازالت قيمها الجمالية وإشعاعاتها في العديد من المجالات تقف شاهدة على بزوغها من ذلك العصر، وقد لمس العالم الغربي اهمية التعايش السلمي وسعى إلى تطبيقه بعد سنوات من التناحر لم تنتج الا الذمار فدعا إلى التعايش السلمي المعلن عنه في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفياتي يوم 14 فيفراير1956م والذي كان يهدف إلى تجنب حرب مدمرة بين الاتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لتمتين السلام في العالم بأسره.

 

فكيف بنا نحن ابناء الوطن الواحد والديانة واللغة الواحدة ؟؟ كيف  ينبغي ان تكون العلاقة بيننا ؟؟ مبنية على قيم التسامح والثقة بعيداً عن النزاع والحروب ، قال تعالى  ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾
حقيقة وانا اقرأ هذه الآية الكريمة اتذكر الحرب بين العراق وايران التي استمرت ثمان سنوات وذهب ضحيتها مليون إنسان حينها كان هناك مؤتمر للدول الصناعية في عاصمة بريطانيا، وتلاسن زعيم غربي مع رئيسة وزراء بريطانيا، فهددها الزعيم الغربي بماذا ؟ بإيقاف الحرب بين العرق وإيران، معنى إيقاف الحرب توقف بيع الأسلحة، فأعدائنا يعيشون على مآسينا، يعيشون على اقتتالنا، على خلافاتنا، يعيشون على العداوة فيما بيننا.

 

فهل نعي ذلك ؟ 
لذلك على اليمانيين السعي للمصالحة الوطنية واصلاح ما فسد في علاقتهم حتى يتسنى لهم اصلاح حياتهم و اصلاح الخلل القائم في الوطن فالحكمة تقول "الصالحون يبنون أنفسهم، والمصلحون يبنون الأُمم" 
فالحل العادل للقضية الجنوبية يكون بمعالجة المسببات التي أدت إلى نشؤ هذه القضية  والغاء الاقصاء والتهميش عن أبناء الجنوب واعادة المظالم واطلاق سراح المعتقلين على ذمة قضايا سياسية وتعويض الجنوبين عما لحق يهم من اضرار اجتماعية و اقتصادية و معنوية واستعادة أي ممتلكات أو منشآت حكومية تم السيطرة عليها من قبل متنفذين في المحافظات الجنوبية والشرقية . 

 

ومعالجة مشكلات من فقدوا وظائفهم أو سرحوا عسكريين أو مدنيين نتيجة الصراعات السياسية في المحافظات الجنوبية واعتماد تعويضات عادلة لهم. 

 

مع ضرورة الالتزام بوقف كل صور التكفير والتحريض الطائفي والمذهبي و المناطقي، وترشيد الخطاب الإعلامي بما يساهم في ردم فجوة الصراع والحقد .

 

ويتعين على جميع القوى السياسية الالتزام بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومن ضمنها وثيقة حل قضية الجنوب و الالتزام والتقيد بالمبادرة الخليجية وآليتها والتنفيذية من قبل جميع  الأطراف والقوى المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، مع التزام كافة القوى السياسية بنبذ ثقافة الكراهية والحروب والانتقام السياسي وتبني مفهوم المواطنة القائمة على قيم العدالة والمساوة من اجل تحقيق السلم الاجتماعي والنهوض بالوطن ورقيه وتقدمه وادراك ان صنعاء وعدن هما وجهان لعملة واحدة هي اليمن.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص