الاربعاء 16 اكتوبر 2024 آخر تحديث: الاثنين 14 اكتوبر 2024
كيف تكون اليمن مرة أخرى" فيتنام مصر"؟
الساعة 14:30 (الرأي برس ـ ترجمة: عبدالله الساورة / الواشنطن بوست)

وصل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يوم الجمعة 27 مارس 2015 إلى المدينة الساحلية المصرية شرم الشيخ على متن طائرة من الرياض بالمملكة العربية السعودية.  كان هادي يبتسم وهو على وشك حضور جلسة للجامعة العربية، يستشعر و يفترض أنه  في آمان بالخارج بين نظرائه الإقليمين، على عكس مما كان الأمر عليه في اليمن.

في وقت سابق من الأسبوع، اضطر هادي إلى الفرار مع اقتراب قوات المتمردين الحوثيين، الذين اتخذوا بالفعل صنعاء عاصمة لهم، وكانوا يتطلعون إلى المدينة الساحلية  الجنوبية عدن ، حيث كان هادي و بقايا حكومته الممزقة يتخذونها ملاذا لهم.

وتصاعدت حملة القصف التي تقودها السعودية ضد الحوثيين من حرب أهلية إلى حرب اقليمية، وتكالب السعوديون ومجموعة من الدول العربية السنية ضد قوات المتمردين الحوتيين الحاصلين على الدعم الإيراني.  وأرسلت مصر بالفعل عددا من السفن الحربية باتجاه عدن. وتحدث مسؤولون مصريين عن ارسال قوات غزو بري.

وإن حدث ذلك، ستكون مصر تخطو على أرض مسكونة بالماضي. 
    دخلت مصر في سنة 1960 منذ فترة طويلة، مستنقعا مكلفا في اليمن.  اختار الرئيس المصري أنذاك، جمال عبد الناصر، وهو مستبد علماني وبطل العروبة، التدخل في اليمن لدعم الإنقلاب الجمهوري بقيادة ضباط الجيش وسعى للاطاحة بالحكم الملكي في البلاد في عام 1962. جاء جمال عبد الناصر نفسه إلى السلطة في العقد السابق على خلفية انقلاب الضباط الأحرار الذي أطاح بالنظام الملكي، وقال انه يريد أن يساعد دولا عربية مجاورة على بناء النموذج  المصري.

سعت المملكة العربية السعودية  كانت ضد هذا الوضع لعودة الإمام الحاكم في اليمن إلى العرش، وضخها  الأسلحة والأموال لميليشيات النظام الملكى. ومن المفارقات الغريبة، أن هذه الإعانات شملت العديد من رجال القبائل من الطائفة الزيدية الشيعية، التي تشكل الآن العمود الفقري للتمرد الحوثي، بينما السعودية تسعى جاهدة اليوم لسحقهم.

أرسلت  مصر عشرات الآلاف من الجنود  باعتبارهم  قوة للتدخل السريع في اليمن لكن  سرعان ما وجدت نفسها على خط المواجهة في حرب أهلية. وأخذت  زمام المبادرة للدفاع عن النظام الجمهوري اليمني، وما تبع ذلك طيلة فترة طويلة من الصراع الصعب على الأرض منذ ما يقرب من عقد من الزمن.

وفقا لسرد أحد المؤرخين ، أثبت اليمن أنها  "خلية الدبابير" بالنسبة للمصريين، الذين لم يتمكنوا  من هزيمة القوات الملكية التي  كانت مجهزة تجهيزا وممولة  بشكل جيد.  السعوديون والأردنيون والبريطانيون - الذين لا زالوا يقيمون محمية استعمارية حول عدن – ويقدمون كل المساعدة إلى الملكيين. بالمقابل تقلت مصر في الوقت ذاته ، دعما ضمنيا من الاتحاد السوفياتي.

 اعتبرت وسائل إعلام غربية أنذاك أن التدخل باعتباره خطأ استراتيجيا في أرض بعيدة. وأغدق جمال عبدالناصر الأموال التي كان يذخرها لمحاربة الرجال في الجمهورية القاحلة والمتخلفة في اليمن، كما كتب بنفسه في عام 1964.

"في هذه التضاريس"،  الجمهورية الجديدة  أوضحت باستمتاع المستشرقين  عام 1963  " أن الفلاح المصري البطئ الحركة أثبت أن أنه منافس فقير في مباراة  مع حفاة القدمين، رجال قبائل مسلحين بعيدو المنال، يحملون فقط البندقية والجنبية وخنجر حاد  يرتديه كل ذكر يمني في حزامه ".

  في ذروة الانتشار، أرسل عبد الناصر ما يقارب  70,000 من الجنود المصريين إلى اليمن. بعد انتهاء الحرب في عام 1970، ظلت اليمن جمهورية، ولكن كانت مصر قد دفعت ثمنا باهظا: قتل أكثر 10,000  من الجنود المصريين وتكبدت مصر ديونا ضخمة من وراء تلك الحرب. وقد أطلق على الصراع أنذاك "فيتنام مصر"، واعتبر واحدا من الأسباب التي  جعلت الجيش المصري يعاني من هزيمة مهلكة  في حرب الأيام الستة مع إسرائيل في 1967 .

الآن، فإنه بمثابة حكاية تحذيرية أكثر للسعوديين من المصريين، المشاركين في " عملية الحزم " وكتب المدون المصري محمود نرفين أن   " أكثر من ذلك هو الاعتراف بشكل  بسيط  أن القيادة في القاهرة لا تستطيع أن تقول لا إلى المملكة العربية السعودية ". وقد أنفقت المملكة مليارات الدولارات في صورة مساعدات لحكومة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو ضابط في الجيش رمى به الإسلاميون في انتخابات 2013.

عاصفة الحزم، ليست عملية لتحقيق الاستقرار في اليمن، "إنها عملية لاستعادة الكبرياء الذي تآكل لدى السعوديين في مواجهة هيمنة إيران المتنامية في المنطقة." كما كتب محمود.

ليس هناك ضمان، من أن الهجوم السعودي الحالي سيحقق الوضع المستقر للعائلة المالكة ولرغبتها . 
وكما كان الحال غالبا في تاريخ اليمن، فالمغامرات الخارجية نادرا ما تذهب كما هو مخطط لها.

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص