الثلاثاء 01 اكتوبر 2024 آخر تحديث: الخميس 26 سبتمبر 2024
ما وراء زيارة وزير الخارجية الأردني إلى إيران؟
وزير خارجية الاردن والرئيس الايراني حسن روحاني
الساعة 01:07 (الرأي برس - محمود الطاهر)

جاءت الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية الأردني ناصر جودة، يوم الجمعة الماضي، إلى طهران ولقائه بالرئيس محمد حسن روحاني ونظيره الإيراني جواد ظريف، بحسب الإعلام الرسمي في البلدين للتباحث حول العلاقات الثنائية والحوار المأمول بين إيران وجوارها العربي.

وتظل تلك العناوين عامة لا تكشف قدر ما تشير إلى أن ثمة متغيرات طرأت وأملت على عمان وربما طهران التنسيق أو على الأقل تداول وجهات النظر في آفاق المتغير والمستجد بالمنطقة ومدى تأثيره على العلاقات بين دولها، حسبما يرى محللون سياسيون.

تأتي الزيارة بعد اجتماع مهم وقبيل مباحثات دولية يعتقد أنها ستكون حاسمة، أعقبت لقاء كيري في السعودية بنظرائه الخليجيين واستبقت مباحثات في جنيف بين طهران والقوة الست. قد تنتهي هذه المباحثات إلى اتفاق شامل أو تنتكس، فتعيد معها أجواء الحرب الباردة إلى هذه المنطقة من العالم، ما يثير تساؤلات حول زيارة جودة، وما إن كانت مبادرة من عمان لسباق متغيرات كبرى تحدث، وأخرى مقبلة توجب إعادة رسم للعلاقات والتحالفات فيها، أم انه كان جزء من سياق أعرض خليجي إلى حد كبير، يعاد فيه النظر في بعض سياسيات وكثير من التحالفات.

ووفقا لمراقبين سياسيين، فإن ثمة ما فاجأ المنظومة الخليجية وزلزلة يقينيتها الكبرى، حيث استيقظت فجأة على حوثيين يحتلون صنعاء الباحة الخلفية لدول مجلس التعاون ويعلنون “الانقلاب”، وثمة أيضا تنظيم الدولة الإسلامية ودخول إيران من الباب الواسع لمحاربته في العراق، وهي نفسها من يدعم الأسد في سوريا، والحوثيين في اليمن. كما أن إيران تقترب من صفقة تاريخية كبرى مع من يوصف في أدبياتها بـ”الشيطان الأكبر” حول برنامجها النووي لتصبح قوة نووية عظمى على أرض الواقع.

أمور مجتمعة تعني تقدم إيران إقليميا وتحولها إلى “رقم صعب” في معادلات المنطقة، مقابل انكماش دور “بقية اللاعبين وخصوصا العرب منهم”، أمر دفع ربما دول المنطقة إلى ذات موضوعات جديدة، ذاب فيها الجليد بين بعض دولها وتركيا.

زيارة غامضة

وعن أهداف الزيارة والنتائج التي يمكن أن تسفر عنها، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت عبد الله الشايجي في حديث أدلى به لقناة الجزيرة القطرية، إن الزيارة جاءت غامضة وفي توقيت غريب، وتثير العديد من الأسئلة عن أهدافها.

وأضاف أن العلاقة بين الأردن وإيران ظلت مضطربة منذ الحرب العراقية الإيرانية، رغم أن الواقع يشير إلى أن الأردن يظل حليفا إستراتيجيا لأميركا ودول الخليج.

وعبر الشايجي عن أمله في أن تكون الزيارة تمت بالتنسيق مع مجلس التعاون الخليجي حتى لا يصبح الأردن مغردا خارج السرب بالنظر للتنسيق والعلاقة المهمة جدا التي تربطه بهذه المجموعة، رغم ما وصفه الشايجي بالغزل الإيراني الذي وعد عمان بالغاز والدعم السياسي والاقتصادي.

تقييم حذر

ومن جهته، دعا مستشار التحرير في صحيفة الغد الأردنية فهد الخيطان في تصريحات للجزيرة إلى الحذر في تقييم الزيارة ونتائجها، وأكد أن الأردن يدرك أن الجماعات “المتطرفة والإرهابية” هي الخطر الذي يهدد المنطقة، وأن التجارب أثبتت أن سياسات العداء لإيران لا تخدم الاستقرار في المنطقة. وأضاف أن تماس الأردن المباشر مع سنة العراق بشكل مكثف جعله يدرك أن إيران تلعب دورا كبيرا في العراق.

وأوضح الخيطان أن الوزير الأردني قد يحاول استغلال النفوذ الإيراني لدى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لتحقيق بعض مطالب السنة الذين تعرضوا لسياسات الإقصاء والتهميش في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

ووصف الخيطان السياسة الخارجية الأردنية بأنها مستقرة وذات ثوابت، ودعا إلى النظر إلى الزيارة على اعتبارها خطوة تكتيكية وليست تحولا في المواقف، كما أكد على أن الأردن لا يستطيع أن يبقى ساكنا في ظل الأوضاع الملتهبة التي تحيط به.

أما الباحث في العلاقات الدولية علي باكير فرأى أن الزيارة يمكن أن تقرأ في إطار العديد من السياقات ذات العلاقة بالتطورات الدولية والإقليمية، وأشار إلى أن الجانب الإيراني ظل يحاول تحييد الأردن واستقطابه وعزله عن المجتمع الخليجي بتقديم إغراءات اقتصادية وسياسية ذات قيمة.

تحول استراتيجي

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الباري عطوان، إن زيارة وزير خارجية الأردن للمرة الأولى بعد انقطاع استمر ثماني سنوات، ودعا من هناك إلى فتح حوار عربي إيراني يهدف إلى حل مشاكل المنطقة، يعكس بشكل جلي قرب إقدام منطقة الشرق الأوسط على تحول استراتيجي غير مسبوق، بعد أن أصبح الاتفاق النووي الإيراني جاهزا للتوقيع. وفيما اعتبره عطوان دعوة عربية لفتح الحوار مع إيران بعد أن سخر العرب كل أجهزة إعلامهم لشن حروب شرسة ضدها، لاعبين على وتر التأجيج الطائفي، وأخرى عملت على استجلاب حاملات الطائرات الأمريكية وإنفاق أكثر من 150 مليار دولار على شراء صفقات أسلحة لطائرات حديثة.

واعتبر عطوان في مقال نشره على موقعه “رأي اليوم” أن ذلك التحول جاء نتيجة للخبر الصادم الذي زفه جون كيري وزير الخارجية الأمريكي يوم الخميس الماضي لوزراء الخارجية الخليجيين في قاعدة عسكرية، أن اتفاق الدول الست مع إيران بات ينتظر الرتوش الأخيرة، وانه جاء إليهم ليبلغهم به أولا، ثم لطمأنتهم بأن أمريكا لن تتخلى عنهم، وأن هذا الاتفاق لن يكون على حسابهم.

وأوضح أن حديث وزير الخارجية الأردني عن حوار تقوم به الجامعة العربية مع إيران، يثير العديد من علامات الاستفهام والشكوك في آن واحد، إن كانت هذه المبادرة من بنات أفكاره وحكومته، أم أنه مكلف بها من قبل حلفاء بلاده الخليجيين الذين يهيمنون على هذه الجامعة منذ انسحاب مصر من الساحة، وتدمير العراق، وإغراق سورية في الحرب الأهلية، وتحويل ليبيا إلى دولة فاشلة، وتفجير الحرب المذهبية في اليمن، فالأردن لا يمكن أن يقوم بمثل هذه المبادرة دون أن يوصى بها من هنا أو هناك، بحسب رأيه.

صانع الملوك

واعتبر أن الحوار مع طهران يعني مع الرئيس بشار الأسد في سورية، وإقامة جسور الود مع السيد حيدر العبادي رئيس وزراء العراق، ووقف مهاجمة “حزب الله”، والاعتراف بحركة “أنصار الله” الحوثية كحركة يمنية إصلاحية أصيلة، والاستماع إلى مطالب المعارضة الشيعية في البحرين التي تقدمت بها إلى الأسرة الحاكمة أثناء الحوار الذي رعاه ولي عهد البلاد، والإفراج عن الشيخ علي سلمان رئيس حركة الوفاق.

وقال إن المشروع الإيراني بدأ يعطي ثماره، وان أمريكا انحازت إليه، بل وعلى وشك أن تتبناه كحليف استراتيجي، وان حاكم طهران قد يصبح صانع “الملوك” في المنطقة العربية قريبا، ولا عزاء للعرب الضعفاء.

حوار ضروري وكان نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية ناصر جودة، دعا إلى حوار شامل بين الجامعة العربية والجمهورية الإيرانية.

نقلا عن محيط

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص