الأحد 13 اكتوبر 2024 آخر تحديث: الثلاثاء 8 اكتوبر 2024
كان مرافقاً للوزير السابق
ذمار تشيع أحد شهدا مجزرة كلية الشرطة ونجل وزير الداخلية الترب ينعيه بطريقة محزنة
الساعة 19:43 (الرأي برس ـ خاص)

بعد التشييع الرسمي شيعت الجماهير الشهيد عبدالكريم عاطف أحد شهداء مجزرة كلية الشرطة إلى مثواه الأخير في مقبرة ذمار العامة.

وقال لــــ"الرأي برس " مصدر محلي في المحافظة أن جماهير غفيرة شاركت في تشييع عاطف الذي كان مرافقاً للواء عبده حسين الترب وزير الداخلية السابق.

وأضاف المصدر أن الحزن أرتسم على وجوه المشيعين الذين أفتقدوا أحد الشجعان من أبناء محافظة ذمار كما كان يصفه رفاق دربه.

وقد نعاه نجل وزير الداخلية السابق مروان عبده حسين الترب في مقالة مغتسلة بالأسى يعيد "الرأي برس" نشرها لقراءه الكرام:

عاطف ورفاقه.. الجنة كانت لهم اقرب من اللجنة.

عبد الكريم محمد قائد عاطف من محافظة ذمار مواليد عام 1980م آنس – المنار – قرية متاع، متزوج وله خمسة أطفال، التحق في السلك العسكري عام 1997م ضمن قوات الأمن المركزي ثم انتقل الى مأرب ضمن كتيبته واستمر في مأرب حتى عام 2003م، انتقل بعد ذلك إلى صنعاء للعمل في قيادة الأمن المركزي وضمن الكتيبة الرابعة خاصة واستمر فيها حتى 10/12/2011م عمل في معية وزير الداخلية آنذاك اللواء عبدالقادر قحطان حتى 7/3/2013م ثم عمل في معية وزير الداخلية السابق اللواء عبده حسين الترب حتى تاريخ استشهاده.

كان رجلا يحمل مؤهلات تعليمية وأمنية منها ليسانس شريعة وقانون ودبلوم كمبيوتر ودورة الصاعقة وفرقة خاصة وفرقة مكافحة الشغب.

عبدالكريم عاطف له من اسمه الكثير فقد كان عبداً لله طائعاً لأوامره منتهياً لنواهيه، وكريماً لكل من يعرف بأخلاقه وأدبه وحبه للناس، و كان عطوفاً على الصغار موقراً للكبار.

لم يكن عبدالكريم مجرد جندي فقط بل كان ذلك الأخ والصديق، والزميل والشاعر والأستاذ المثالي.

أتذكر آخر شعر كتبه وقد كان لي الشرف بأن يكون لي بمناسبة إرتزاقي المولد البكر الذي اسميته "عبدالرحمن" وقد قال لي مباركاً :

 

ألف مبروك يا عريـق المكارم *** بقدوم الـــمولــود نــسل الأكــــارم

هنيــئاً لكم من أعمـاق قلبـــــي *** بــعثتها مشــاعري والعزائـــــــــم

بارك الله في وليـــدك دومـــــاً *** وحـمـاه الإلــــه من كــل غــاشـــم

يــتربى في ظـــل عـزك حتـى *** يــهنأ العــيش وهو بالخيــر ناعــم

سترى فيـه قـرة العيــــن حقــاً *** إن تربى على أصــول المكـــــارم

جُد في التربيــة وخذ بــيـديـــه ***يــــبلغ المجد غانماً غــــيـر نــــادم

وعندها سوف تستريـح يقيـــناً *** وترى الزرع وهو في الأرض قائم


قبل استشهاده بيومين أتصل بي متحدثاً اليّ: الأستاذ مروان الترب
انا : مرحبا
عاطف : معك العقيد عبدالكريم عاطف
أنا : أهلاً بك .. أي خدمات
عاطف : نود أن نستأذنك في الذهاب بالسيارة لاستلام الرواتب من اللجنة المتواجدة في نادي ضباط الشرطة لأن رواتبنا موقفة بسبب عملنا في معية اللواء عبده الترب
انا : عفواً .. من معي؟! – من باب المزاح-
عاطف : الصديق عبد الكريم عاطف
لم ارده في طلبه وذهب لاستلام الراتب ولكنه عاد من دونه.

أعتذر إليك يا صديقي على مزاحي لك في كلمة العقيد عبدالكريم عاطف، فلم أكن أعلم بأنك ستصبح عما قريب أعظم من رتبة عقيد، ليس لواء بدرجة وزير بل بطلاً بدرجة شهيد.

كان عبدالكريم في ليلة استشهاده مترددا قلقاً من الذهاب الى الكلية في الليلة التالية لسبب لا يعلمه وبسبب الشغب والفوضى اللذان حدثا في الليلة السابقة في الكلية، ولكن شجعه زملائه ورفعوا الهمة لديه للذهاب لمقابلة اللجنة.

انتظر حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وذهب الى زملائه قبل التوجه الى الكلية طالباً منهم عدم نسيان صلاة الفجر والدعاء له بالتوفيق في مقابلة اللجنة.

انطلق بعدها كي يكون في مقدمة طابور المتقدمين للالتحاق بكلية الشرطة وكله أمل في ان يوفقه الله في مقابلة اللجنة ولم يكن يعلم بما يخفيه القدر وان الأجل قد قرب.

انتظر الجندي الشجاع صاحب الهمة العالية مع بقية زملائه المتقدمين والراغبين في الالتحاق في كلية الشرطة منذ منتصف الليل متحملين عناء برد الشتاء القارص لكي يكونوا السباقين في مقابلة اللجنة لأنهم لا يملكون الوساطة للالتحاق في كلية الشرطة ببساطة.

ما ان بدأ ضوء الصباح بالظهور تجدد النشاط وبدأت احلامهم تعانق السماء لقرب وقت المقابلة وهم في مقدمة الطابور للوصول الى الحلم، ولكن كانت يد الغدر والخيانة تترقبهم وتنتظر القضاء على أحلامهم المشروعة، بأن يكون لهم الشرف في حماية وقيادة البلد وصنع مستقبل جديد.

لم يعلم عبدالكريم ورفاقه المغدور بهم ان الوصول الى الجنة أقرب لهم من الوصول لمقابلة اللجنة.. وبينما هم في قمة النشاط والاستعداد للمقابلة إذ بتفجير سمع صداه في جميع انحاء العاصمة يغتال أحلامهم الدنيوية ويوصلهم إلى أحلامهم الأخروية الى جنة الخلد انشاء الله.

لم يلتحق الشهيد عبدالكريم عاطف ورفاقه الشهداء بكلية الشرطة ولم يحصلوا على الرتبة التي كانوا يحلموا بها عند التخرج بسبب الخيانة والتخاذل بل التحقوا بالدار الآخرة وبجنة الخلد وحصلوا على أعظم الرتب وهي رتبة الشهيد بإذن الله.

للأسف فالشهداء الذين غُدر بهم لم يحققوا حلمهم بالتخرج من الكلية والحصول على رتبة الملازم وهم على قيد الحياة فحققوا حلمهم وهم أموات.

نعم أصدر فخامة رئيس الجمهورية ومعالي وزير داخليته -الذي لم يكلف نفسه بالنزول الى مكان الحادثة أو حتى قطع زيارته والعودة لزيارة الجرحى- قراراً يعتبر كل من توفي في هذا التفجير الإرهابي شهيداً وترقيته الى رتبة الملازم ثان وهي الرتبة التي تمنح لخريجي الكليات وترقية الجرحى الى رتبة مساعد حسب ما تناقلته الوسائل الإعلامية،
وكأن لسان حالهم يقول للجرحى لو شديتم حيلكم وجئتم منذ منصف الليل وكنتم في بداية الطابور لأصبحتم ملازمين تحت التراب ضمن قوة الجنود والضباط الذين انتقلوا الى الدار الآخرة، فنحن نحقق لكم أحلام الدنيا والآخرة في آن واحد.

أقول لسيادتكم وعلى لسان صديقي الشهيد عبدالكريم عاطف كيف لكم ان تعطونا حقوقنا ونحن تحت التراب ولم تعطونا إياها ونحن بينكم على قيد الحياة؟!.

لا يسعني إلا ان أقول لكم هذه الأبيات لأحد أصدقاء عاطف..

يا جنة الرحمن يا فوز الإنسان *** عبدالكريم عاطف نزيل في رحابك

شهيد كلية شرطة يمنا والإيمان *** وين اليمن من ديننا والمناسك

وين الحكومة وين ابن الرويشان *** وين ابن هادي وين حضرة جنابك

عبدالكريم واحد من جمع طنان *** وكل واحد ذاق مئاسي غيابك

قبل الشهادة كان تائه وحيران *** يتابع الراتب موقف ببابك

وبعد الشهادة تم صرفه ببرهان *** والترقية بتسعده في ترابك


نعزي الوطن وأسر جميع الشهداء وأنفسنا بهذا المصاب الجلل ونسأل الله ان يعصم قلوب أهليكم ومحبيكم بالصبر وأن يلهمهم والسلوان وأن يجمعنا بكم في جنه الخلد مع الصديقين والصالحين والأنبياء، انا لله وانا اليه راجعون.

لا نامت أعين الجبناء..
الخلود والمجد للشهداء.

المقال من صفحة الكاتب:

https://www.facebook.com/marwan.altareb/posts/780024915379597:0

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص