الجمعة 27 سبتمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 26 سبتمبر 2024
عُمان بين القيام بدور «الوسيط» والاتهام «بخرق» الإجماع الخليجي
مجلس التعاون الخليجي
الساعة 17:20 (الرأي برس - الأناضول)

في زيارة مثيرة للجدل، التقى وزير الشؤون الخارجية في سلطنة عُمان، يوسف بن علوي، رئيس النظام السوري، بشار الأسد، في دمشق، الإثنين الماضي، بحسب ما ذكرته وكالة أنباء النظام الرسمية "سانا".

وفيما يرى مراقبون أن الزيارة تنطلق من سياسة عُمان الرامية إلى لعب دور الوساطة في أزمات المنطقة، ينظر إليها آخرون على أنها جزءٌ من سياق المواقف الانعزالية التي تتخذها مسقط بمنأى عن التوافق الخليجي.

وفي حديث مع الأناضول، قال عضو الهيئة السياسية للائتلاف الوطني السوري (المعارض)، نصر الحريري، إن "زيارة وزير الخارجية العُماني إلى دمشق، تأتي انطلاقاً من السياسة العُمانية المعروفة باتخاذها مواقف منفتحة على كل الأطراف، ما يُمكِّنها من لعب دور الوسيط دون انحياز إلى طرف ضد آخر".

وسبق لرئيس الائتلاف، خالد خوجة، أن التقى الوزير العُماني نفسه، يوم 19 من الشهر الجاري، في مسقط.

وبخصوص هذا اللقاء، أوضح الحريري أنها  "جاءت وفق ترتيبات مسبقة خلال انعقاد الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة (أواخر سبتمبر/أيلول الماضي)، ولقاء الطرفين في نيويورك، واتفاقهما على إجراء لقاءات أخرى مستقبلاً"، مستطرداً " أي أن زيارة خوجة إلى سلطنة عُمان، لا علاقة لها بزيارة وزير خارجية الأخيرة إلى دمشق".

وحول ما إذا كانت مسقط قد خرجت فعلاً عن الإجماع الخليجي بالمقاطعة الدبلوماسية لنظام الأسد، رأى الحريري أن "سلطنة عُمان تفعل ما تراه"، متفقاً مع سياساتها الخارجية "المبنية على تهيئة الأجواء المناسبة لتواصل الأطراف المختلفة عبر قنوات عدة"، مشيراً إلى نجاحها "في لعب دور الوسيط في إنجاز الاتفاق النووي بين إيران ودول مجموعة 5+1 (في يوليو/تموز الماضي)".

وفيما إذا كانت التحركات الدبلوماسية الحاصلة ستؤثر على ثوابت الائتلاف، أكد الحريري "عدم تأثرها" بهذه التحركات، سواء تلك المتعلقة بزيارة الأسد إلى موسكو (يوم 20 من الشهر الجاري)، أو زيارة وزير الخارجية العُماني إلى دمشق"، مشدداً على "التزام الائتلاف بالحل السياسي وفق مقررات جنيف1، التي تقضي بتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات".

وحول زيارة "بن علوي"، تحدث أحمد الهوتي، الباحث العُماني والعضو في مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان، عن وجود "تنسيق قائم بالأصل".

وقال للأناضول: "هناك رسالة عُمانية شفوية إلى الجانب السوري تحثه على ضرورة القبول بأيّ طرح أمريكي روسي مشترك مقبول من السعودية ودول الخليج خلال الفترة القادمة، لأنه من الضروري أن تجلس كل الأطراف إلى طاولة المفاوضات".

وفي هذا الصدد، أشار الهوتي إلى وجود "تنسيق بين مسقط والولايات المتحدة الأمريكية في الملفين السوري واليمني، انطلاقاً من إيمان واشنطن بقدرات سلطنة عمان على الوصول إلى كل أطراف الصراع التي هي بحاجة إلى حلول ناجعة تُخرج المنطقة من مأزق حقيقي تمر به".

وبحسب الهوتي فإن هناك موافقة إيرانية على وساطة سلطنة عُمان في الأزمتين اليمنية والسورية، دون أن تعلن طهران عن ذلك رسمياً.

ويرى الباحث العماني نفسه "عدم إمكانية استثناء الحوثيين من الحل في اليمن، كما لا يمكن استثناء نظام الأسد"، قائلاً: "لذلك لابد من إشراك جميع الأطراف للوصول إلى حل ناجع"، نافياً أن تكون بلاده مع حلف أو محور ضد آخر.

وفيما إذا كانت بلاده قد خرجت بذلك عن الإجماع الخليجي، أجاب: "سلطنة عُمان هي جزء من مجلس التعاون الخليجي، وتتحرك ضمن إطاره، وهي أيضاً جزء من المنظومة التي تسعى للصلح بين كل الأطراف سواء في اليمن أو في سوريا".

وعن الرؤية العُمانية التي تتحرك في ضوئها لوضع حل للأزمة في سوريا، قال الهوتي في ختام حديثه: "مسقط تتحرك لوقف إطلاق النار من كل الأطراف كمرحلة أولى، ثم الدخول في مفاوضات تفضي إلى حكومة توافقية تتمثل فيها كل الأطراف المتناحرة بحيث تكون قادرة على إنقاذ سوريا من هذه الويلات، والعودة بها إلى سابق عهدها".

من جانبه، أعرب عضو مجلس الأمة الكويتي السابق، وليد الطبطبائي، عن عدم استغرابه "من المواقف العُمانية الخاصة بها"، والتي قال إنها "تخالف المسارات الطبيعية لعموم السياسات العربية والخليجية".

ورأى في حديثه مع الأناضول، أن سلطنة عُمان جعلت نفسها معبراً للاتصالات الإيرانية الأمريكية دون إشراك باقي دول الخليج. 

وفيما يتعلق بأهمية زيارة وزير الخارجية العُماني إلى دمشق، لا يعتقد الطبطبائي بأهميتها على أيّ صعيد كان، "لأن المهم في الشأن السوري هو الواقع القتالي الميداني، وليس الجدل السياسي أو الحراك الدبلوماسي"، حسب تعبيره.

وتأتي زيارة وزير خارجية مسقط، في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة الخلاف بين السعودية وحلفائها من جهة، وإيران وحلفائها من جهة أخرى، حول الملفين اليمني والسوري، كما أنها جاءت بالتزامن مع التدخل العسكري الروسي في سوريا الذي بدأ نهاية الشهر الماضي. 

ويسود التوتر العلاقات بين السعودية وإيران بسبب عدد من الملفات أبرزها الملف النووي الإيراني (الذي ترى الرياض إنه يهدد أمن المنطقة)، والملف اليمني (حيث تتهم المملكة طهران بدعم الحوثيين)، والملف السوري (حيث تدعم طهران النظام السوري، فيما تدعم الرياض المعارضة السورية)، كما تتهم السعودية، طهران بالتدخل في شؤون دول المنطقة ولا سيما البحرين، وزادت حدة التوتر، في أعقاب عملية "عاصفة الحزم"، التي تنفذها السعودية في اليمن منذ 26 مارس/ آذار الماضي.

ووفق الطبطبائي، فإن "هناك المزيد من الخيارات المتاحة أمام المملكة العربية السعودية وحلفائها لقلب الطاولة على خصومها، من خلال المبادرة بتقديم الدعم الفعال بالسلاح النوعي للفصائل المهمة في المعارضة السورية".

غير أنه استدرك قائلاً: "لكن السعودية، على ما يبدو، تتعرض لضغوط دولية ضد تلك الخيارات"، موجهاً اللوم إلى سلطنة عُمان على ما وصفه بـ "المواقف الانعزالية"، لكنه رأى أنّ "اللوم الأكبر يقع على مجلس التعاون الخليجي الذي فشل بعد 34 عاماً على إنشائه، في رسم سياسة خارجية موحدة، وقوة دفاعية فعالة، وكان من نتائج ذلك الفشل، الموقف العُماني من ملفي سوريا واليمن" على حد تعبيره. 

 ورداً على ما أوردته وكالة أنباء النظام السوري، من أن وزير الخارجية العُماني بحث مع الأسد الأفكار المطروحة إقليمياً، ودولياً في إيجاد حل للأزمة في بلاده، قال الطبطبائي إن "حل الأزمة في سوريا لا يمر عبر الحلول السياسية، إنما يمر من خلال دعم فصائل المعارضة السورية المسلحة لإسقاط النظام الطائفي البشع"، على حد وصفه.

 واعتبر أن "الدول الخليجية فوّتت، ولا تزال تفوّت، فرصة استراتيجية لإضعاف إيران، وضرب مشروعها من خلال دعم الفصائل السورية المسلحة".

 بدوره، شخّص الكاتب السعودي، إبراهيم العنزي، حالة "من عدم الارتياح الشعبي والرسمي العربي من الانسجام العُماني مع الدور الإيراني"، مقارناً بين الموقف العُماني الذي رفض المشاركة في عاصفة الحزم بقيادة السعودية، وموقف السودان التي "اختارت الانحياز إلى الرياض لاستعادة صنعاء من إيران التي كانت بَحَرِيَّتُها ترسو على شواطئ السودان متى شاءت".

ورأى العنزي في حديث مع الأناضول، وجود "محور المشروع الإيراني ومن يتحالف معه مثل حكومة بغداد، وحزب الله اللبناني، والنظام الإجرامي في سوريا، في مقابل المحور السعودي وحلفائه الذين يسعون لإيقاف النفوذ الأجنبي في الدول العربية، ومنه النفوذ الإيراني".

 وحول زيارة الوزير العُماني إلى دمشق، وما إذا جاءت انسجاماً مع استراتيجيات ما وُصف بمحور المشروع الإيراني، قال العنزي "لا يمكن إطلاق العنان للقول بانسجام سلطنة عُمان مع المشروع الإيراني في المنطقة، لكننا لا نعلم حقيقة دوافع المواقف العُمانية الغريبة في ملفي اليمن وسوريا".

 وأضاف أن "حل الأزمة السورية هو بيد العرب أنفسهم، وليس بيد روسيا أو أمريكا اللتين تعملان على إطالة عمر النظام الإجرامي في سوريا".

لمزيد من الأخبار يرجى الإعجاب بصفحتنا على الفيس بوك : إضغط هنا

لمتابعة أخبار الرأي برس عبر التليجرام إضغط هنا

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر