الاثنين 23 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
عماد زيد
براءة للذمة أمام الوطن وليس أمام الساسة!!
الساعة 17:36
عماد زيد


المستقرئ للأحداث السياسية في الساحة الوطنية يرى اعتمالات توجب البحث عن إجابات لها .. 
و في عجالة أركز في كلامي على مرحلة سياسية تملمحت أو أكتسبت ملامحها فترة مابعد المبادرة الخليجية.. حيث نقلت اللقاء المشترك من موقع المعارضة إلى مواقع الشراكة للسلطة..

ذلك جعل الساحة السياسية شاغرة.. حيث كان المتوقع أن تفرز الساحات والميادين الثورية حالة شبابية مستقلة كطرف ثالث تتولى العملية الرقابية لسير إداء الحكومة بحيث تمثل أداة ضغط.. 
هذا الكيان الشبابي حورب من قبل المشترك وفي صدارتهم حزب الإصلاح أثناء الثورة وما بعد التوقيع على المبادرة الخليجية.. مما جعل الساحة مشاعة لجماعة الحوثي..

أيضاً لم تكن الثورة قائمة على استهداف منظومة الفساد وآلياته بقدر ما أستهدفت أشخاص مما يعني أن الحقد السياسي كان محرك رئيس فيها خصوصاً من قبل الأطراف السياسية التي انضمت إلى الثورة..
السابق هيأ الفرصة للمستهدفين بترتيب أوراقهم مع قواهم في الداخل وأصدقائهم في الخارج والذهاب نحو الثأر السياسي وقد صاحب ذلك أن تقاطع الثأر مع توجه دولي يستهدف محاربة الأخوان المسلمين مما جعل خارطة التحالفات تتغير في اليمن لينسلخ الحوثي عملياً من تحالف المشترك كفصيل ثوري إلى مصافحة المؤتمر في أتجاه أن يكون الحوثي الأداة التي تمثل مقصلة لقصقصة الأخوان المسلمين وأجنحتهم القبلية خصوصاً في خارطة أقليم آزال.. بالذات وأن هناك عدد لا بأس به يرى بأن أطماع الأخوان وسوء إدارتهم لثورة 11 فبراير مثل عاملاً حقيقياً في إجهاضها.

 

والشيء الملفت في صدد الورود العفوي لكلمة أقلمة أن المنظر الصهيوني جيبوتنسكي أشار قبل أحداث الربيع العربي إلى أن استراتيجية إسرائيل في المنطقة الفدرالية والكمفدرالية.. السابق يجعلنا نرى بأن مخرجات الحوار قسمت اليمن إلى ستة أقاليم.. ذاك يجعلنا نتخوف من أن التقسيم كان على أساس ديمغرافي مذهبي وليس (إداري- أقتصادي) فما نراه هو أن جماعة عمدت على إختلاق النزعة المذهبية عوضاً عن الانتماء السياسي كون الانتماء المذهبي أكثر متانةً من التحزب وبالتالي على الأشخاص الذين ينتمون للمذهب النكوص عن انتماءاتهم الحزبية والعودة إلى ما كان عليه الآباء والأجداد أو ما فرضه عليهم النطاق الجغرافي.. لهذا أُعدمت البيئة المواتية لوجود جماعة أخرى ضمن الخارطة الجغرافية للمذهب الزيدي.. سواء كانت جماعة دينية كجماعة الشيخ مقبل أم ديانة أخرى كالأقلية اليهودية.. أم كحزب آخر الأخوان المسلمين ( الإصلاح)، وما رأيناه من تحجيمهم من قبل جماعة الحوثي تحت مسمى محاربة التكفيريين وهكذا.. مع أحتفاظنا بوجهة نظر تتمثل بأن الجماعات الدينية ( حوثي- سلف- إصلاح) تحترف الكيد والشماتة فيما بينها.. لتمثل جميعها نقطة خلاف وليس نقطة وفاق..

 

عدم التعايش يجعلنا نقف على إشكالية خطيرة تهدد السلم المجتمعي تتمثل بأسقاط قداسة الدين على الأشخاص والكيانات وتأليه وجهات النظر؛ كما تجعلنا ندرك العجز الحقيقي لمؤسسات الدولة وغياب القراءات الاستراتيجية لديها.. لتذهب سبابة الأتهام جهة وزارة الثقافة ووزارة الإعلام ووزارة التربية والتعليم لعدم تذويبها الفوارق الأجتماعية والمذهبية بما يمثل حالة تعايش فكرية ومذهبية.. الخ
فالخطر الحقيقي الذي يهدد المنطقة ككل هي الطائفية والمذهبية والتي بدورها تحول الوحدة الداخلية لكل بلد إلى كانتونات قائمة على انتماءات ضيقة أساسها التشظي وهذا ما يحمله مشروع الشرق الأوسط الجديد..
والذي استطاع رواده أن يستغلوا طموح الشارع العربي بالتغيير إلى حالة جعلت دول الربيع العربي تذهب إلى مزالق الخراب والفوضى..
ليجعلنا نردد مقولة كتبتها سابقاً: عندما يقارن السيء بأسوأ فهناك حالة سوء لا فكاك منها.
مما يستلزم من الجميع أستقراء أهداف هذا المشروع والابتعاد عن أن يكونوا بأحقادهم أدوات تنفيذها وتحققها. 

 

الأمر الذي يتوجب الوقوف عليه هو أن حالة ذهاب البلدان إلى وضع أسوأ مما كانت عليه قبل الثورات يجعلنا نعود إلى تحليل أن بقاء واسئثار الحكام فترة طويلة على كرسي الحكم جعلت طرف المعارضة حينها في موقع المعارضة واليأس مع الأحتفاظ بخطاب المظلومية ولم يسعى خلال تلك الفترة الطويلة إلى أمتلاك استراتيجية تطويرية ومشاريع بناء في حالة وصلوا إلى السلطة.. وما أن أتى الربيع العربي ودفع بأحزاب المعارضة إلى السلطة حتى تبين عدم أمتلاكهم مشروع وطني خلاق بقدر ما لمسنا سعيهم إلى الوصول إلى السلطة وتحاصص مؤسساتها.. والمؤلم أن الوظيفة العامة عندما تكون قائمة على أساس الترضية الحزبية بعيداً عن المعيارية والكفاءة يجعل من الدولة ومؤسساتها عرضة للتقاسم وليس للتقدم والارتقاء بآليات عملها بما يمكن من استمرار عجلة البناء في البلد.

 

على كل.. نرى أن كل طرف من أطراف العمل السياسي في البلد يمتلك من الأدوات ما يفشل الآخر وأن أستمر ذلك فحالة تقهقر مؤكدة تنتظرها البلد على جميع المستويات ونخص فيها الأمنية والأقتصادية بما يؤثر سلباً على وضع المواطن البسيط الذي يقف عاجزاً عن أيقاف آلة الدمار التي تحركها أحقاد الساسة.
وعلى الرغم من أن هناك أوضاع سيئة تعيشها البلد فأن الحل لها يكمن في جعل الدولة سقف الجميع وتفعيل أدواتها الرقابية.. وإصلاح وعاء الدولة بحيث نتمكن من الحفاظ على المال العام وعدم تسربه وذاك لا يكون إلا من خلال نظام تقني متطور يضمن وصول موارد الدولة إلى خزينتها وليس إلى خزائن بعض المتنفذين.

 

إلى جانب ضرورة قيام ثورة ثقافية تستهدف البنية الفكرية لدى الفرد والمجتمع وتوجيهها نحو الانتماء إلى القيم الدينية والوطنية.. قيم الحق.. قيم التعايش.. قيم العدالة.. قيم الصدق والأمانة.. قيم الانتماء للوطن كحالة سامية تضمن للجميع الحصول على حقوقهم فيه كحق يوجبه دستور البلد وتنص عليه قوانينه.

 

إضافة إلى السابق فأن تجاوز الحوثي لخارطة آزال بتمدده بكل من الحديدة وإب ذلك يجعلنا نقف على استراتيجية تتجاوز الشأن الداخلي خصوصاً وأن اليمن تطل على مضيق عالمي يتمثل بباب المندب إلى جانب ميناء الحديدة فالسيطرة على إب يقترب من السيطرة على تعز والتي يقع باب المندب في نطاقها الجغرافي.. السابق يستدعي الخشية أن تشعر أمريكا بأهداف استراتيجية استطاعت إيران أن تحققها في حالة سيطرة على باب المندب.. وهو ما يجعلها تقوم بأحترازات إن لم يكن هناك اتفاق مسبق من قبل أمريكا مع إيران وجماعة الحوثي بعدم التعرض للمر الملاحي بحيث يكون السماح لتوسع نفوذ ليس إلا بحيث لا يمثل إخلالاً للسلم الملاحي أو تهديداً لممراته. 

 

أيضاً لا يمكننا أن ننسى بأن الحوثي يسوّق نفسه أمام أمريكا كحليف حقيقي لمحاربة الإرهاب وهذا يتبدى جلياً من خلال مواجهاته مع التنظيم في البيضاء.. فضلاً عن أن سيطرته أو استلامه الآمن لمدينة إب يجعل من ذلك تمهيداً لتوجهه إلى مديرية العدين للمواجهة هناك.. وهذا لا يغيب قيامه بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية..

 

من زاوية أخرى قد نجد أن الحوثي يستكمل ثورة فبراير بإزاحة بعض القوى التي يرى الشارع المجتمعي الغير مؤدلج بأنهم ممن يمثل نفوذهم داخل البلد نفوذ يتجاوز سلطة القانون وإن كان بعض رجال دولة..
المثير للقلق والداعي للتفاؤل أن تجاوز الحوثي لخارطة أقليم آزال بأتجاه الوسط قد يحمل قلق إذا ما توقف عند حدود خارطة المحافظات الشمالية والذي قد يجعل من المحافظات الجنوبية تذهب نحو الانفصال كخطوة ميدانية.. ولتجاوز ذلك القلق فإن تبعية الحوثي لإيران وتبعية فصائل حراك لروسيا يجعل من تبعية إيران لروسيا مرجعية سياسية لكل من الحوثي والحراك وذاك قد يجعل هناك تنسيق بين الحوثي والحراك وقد يمثل ذلك التقارب جانباً مهماً إذا ما ذهب إيجابياً نحو الحفاظ على الوحدة وخلق واقع جديد يكون لهم يد طولى لملامحه وقد يتجاوز مخرجات الحوار وما نصت عليه المبادرة الخليجية والتي من ضمن المخرجات الأقلمة خصوصاً وأن بعض الأطراف في الداخل تبدي قلقها إزاء الأقلمة.

 

استقراء لذلك التقارب فقد يكون أرضية مواتية لتمدد الحوثي في المحافظات الجنوبية.. وهذا بدوره يتجاوز وقوف الحوثي على حدود المحافظات الشمالية والتي تشي بالقلق من أتخاذ قوى في الجنوب موقف يضر بالوحدة الوطنية.. لكن أن تم تجاوز تلك الخارطة في أتجاه المحافظات الجنوبية وحصل على قبول هناك في ظل فشل حكومة الوفاق فأن ذاك يبعد إلى مستوى معين القلق على الوحدة الوطنية.. لكنه سيمثل حالة قلق لدى الشارع من غياب الدولة وحلوله بدلاً عنها.. غير أن البعض يرى بأن قيادة الدولة مشاركة في استراتيجية خارجية فرضت على الداخل.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً