السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
د.عادل الشجاع
طلعت ريحتكم
الساعة 16:57
د.عادل الشجاع

يحكى أن علي بن الحسين سأل والده الحسين يوم كربلاء: ما لهؤلاء القوم لا يسمعون نداءنا؟ فأجابه الحسين: ملئت بطونهم من الحرام فأنساهم الشيطان ذكر الله. تملأ القمامة صنعاء منذ أسبوعين. قبل فترة دعت اللجنة الثورية أتباعها للتظاهر ضد ما أسمته الطابور الخامس.

ومنذ أسبوعين والناس تنتظر لدعوة مماثلة للخروج ضد المتورطين بعدم صرف مرتبات عمال النظافة. مسكين هذا الشعب الذي لا يتظاهر لأجل همومه المعيشية لكنه مستعد لتدمير بلده لأجل مطالب سياسية ينادي بها هذا الطرف أو ذاك . يجر بعنف منذ 2011 إلى بؤرة المناطقية والمذهبية البغيضة. تخيلوا بلدا بحجم اليمن كانت ميزانية مؤسسة الجيش كاملة 18 مليار ريال مرتبات واعتمادات وغيرها. واليوم ميزانية ما يسمى بالجيش الوطني في مأرب 13 مليار ريال ولم يتم الصرف للكل هناك.

وقد سمعنا عن ذلك الجندي الذي أحرق نفسه لأنه لم يستلم راتبه. وبالمقابل اللجنة الثورية تستلم 15 مليار ريال ولا تصرف إلا لمن ينضوي في إطارها. كل ذلك كان سيمر بسلام لولا روائح أكوام القمامة التي تغرق صنعاء بوصفها رمزا قويا لفساد سياسي. فساد تمارسه اللجان الثورية والمؤتمر الشعبي العام يوفر لها مظلة لهذا الفساد. تحالف المؤتمر مع الحوثيين يدل على هشاشة هذا التحالف حيث أصبح عاجزا عن تلبية أبسط احتياجات المواطنين في التخلص من القمامة وتقديم رعاية صحية بعد انتشار الكوليرا. أمواج القمامة المتلاطمة في الشوارع تشير إلى الفساد الذي ينخر قلب مؤسسات توقفت تقريبا عن أداء وظائفها فيما عدا وظائف المشرفين. أكوام القمامة تصيح بأعلى صوتها لتقول للمجلس السياسي وحكومة الإنقاذ إنكم فاسدون بل إن هذه الأكوام تؤكد أنها مظهرا من مظاهر النفايات السياسية التي نكب بها اليمن.

هذه الأكوام نتيجة طبيعية للفساد الذي ينخر في قلب المؤسسات التي يجري التنافس على الاستيلاء عليها. وهنا إما المجلس السياسي والحكومة ينسحبان للجنة الثورية، أو تنسحب اللجان الثورية لكي نكون أمام مؤسسات. اغتصبت مرتبات الناس وعطلت الخدمات العامة. ولم يتحرك ساكنا تجاه أنين الشعب ووجعه. إن اغتصاب السلطة وتآكل المؤسسات أخطر من الحرب الدائرة علينا منذ عامين. 

ولست بحاجة للقول إن القمامة عنوان لعدم الكفاءة لدى من يقودون صنعاء ربما يغالطون في كل شيء إلا في القمامة فروائحها تفوح بسرعة. العالم يستفيد من القمامة ويحصل على أموال طائلة منها، حيث يستفيد منها كسماد طبيعي مطابق لمعايير الزراعة العضوية بل يحولون أكياس البلاستيك إلى ألواح مضادة للماء ونحن نسبح على بحار من القمامة ونردد الصرخة.

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص