السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
سمير رشاد اليوسفي
أبناء تعز ليسوا دواعش
الساعة 20:39
سمير رشاد اليوسفي

سبق أنْ قلتُ وكتبتُ غير مرة أنني مع تقرير المصيرإذا كان رغبة الأغلبية وبالطرق السلمية والديمقراطية ... 

لكنَّ الأمر تجاوز منطقيته واستحال إلى تمزيق شامل لليمن وتفكيك وتجزئة  تحت وطأة الحرب ودعوى الأقاليم ... 

حولوا فيه "تعز" إلى مصيدة لخصومهم من شمال الشمال وهاوية لابتلاع  المسلحين بالعنف المؤسلم لحماية مشروعهم التفتيتي الذي إن لم يتم تداركه سيذهب بالجنوب قبل الشمال نحو المزيد من التشظي والدمار .

ربما لو أنسحبت قوات صنعاء من تعز ، وتركوها لأهلها ومن استعانوا بهم ، سينكشف المخطط وتزول الغشاوة وتظهرالنواياوالخفايا... 
أمّا الآن فإنّ ذريعتهم لتثبيت التقسيم ، كأمرٍ واقع مُنحصرة في حماية تعز ..رُغم أنّ المدينة بعد قرابة عامين من الحرب قد صارت خراباً يباباً .

لو أراد الخليجيون السيطرة على تعز لفعلوها في أسابيع  ... 
ولعلكم تتذكرون العام الماضي عودة قواتهم أدراجها من "كٓرِش"وتخوم"الشريجة"بعدما سيطروا على عدن ولحج... وبرروا تراجعهم ذاك برفض حمود المخلافي  ملاقاتاهم في الراهدة ، وأنّ أبناء تعز من الكثرة لدرجة لو بصقوا فيها على الحوثيين لأغرقوهم كما قال "بحاح" ولم يشاءوا القول أنّ هادي وزُمرته حريصون أشد الحرص على ألاّ تتجاوز مقاومتهم جولة القصر .. 

هي حرب استنزاف .. وانتقام ... وتهيئة 
لتجزئة الجنوب ، إذا ما نجحت فمن المؤكد أنّ وبالها سيعود في المستقبل على السعودية في إطار إعادة رسم الخرائط ..

في مايو1994 شتم نائب الرئيس الأسبق "علي سالم البيض"أبناء "تعز" ونال منهم لأنهم"خذلوه ولَم يقفوا إلى صفه"وعندما تسلل إلى عدن - أثناء الحرب - مجموعات من أبناء تعز المنتمين للحزب الإشتراكي عبر جبال الحجرية لمساندته طُردوا مجللين بالاستهزاء والتحقير .. 

الْيَوْمَ ، تعز تقاتل لحماية مشروع انفصالي قسري مدعوم من الامارات والسعودية ، وترفع  شعار حماية تعز -وقبلها الاسلام -من الروافض والمجوس ووووو.... مع أنّ كثيرين ممن يزعمون حمايتها وتسببوا في وصفها بـ"الدعششة" هم مجلوبين لها من خارجها (لاحظوا ألقاب قيادات بعض الفصائل الإرهابية مثل الآنسي والصنعاني  والشهري والشبواني ولاتنسوا قائدهم الأكبر الريمي ).

الواقع يحكي أنّٓ تعز تتلقى الضربات والقذائف من الشمال ، ومن بدو التحالف .. والخيانات من الجنوب ، وسينتهي بها الحال مدينة مُدمرة حاربها الجميع..

هل السبب أنّٓه في 2011 تقاطر ابناءها بمئات الآلاف دعماً لمشروع الربيع العربي الذي تكشف بعد أشهر عن مُخطَّط تآمري دمر كل البلدان التي صفقت له ، ولَم يستفد منه سوى رُعاته ودعاته ... وأقتنعت السعودية أنّه كان ضدها أكثر من الرئيس صالح ... أم لأنها خرجت عن بكرة أبيها دعماً لانتخاب هادي ...وبعدها دفاعاً عنه ، فيما كان هو مُتفرغاً لتوجيه طعناته القاتلة إلى قلب اليمن ؟

الْيَوْمَ  نٓفٓذٓ دعاة وداعيات النضال السلمي بجلودهم وأموالهم نحو بلدان الخليج وتركيا والأردن لينعموا وأسرهم بما اكتنزوه من أموال على حساب دماء اليمنيين التي تُسفك بمنهجية مُنظمة في تعز ... نسيوا كل هتافاتهم عن السلمية والصدور العارية ، وركنوا على أمراء "دماج"ومقاتليهم ، الذين حرص النظام السابق بدعم من السعودية على رعايتهم في عُقر دار الزيدية ، وحذر اليدومي في رمضان قبل عامين ونصف من تحولهم الى دواعش إذا ما استمر الحوثيون في تمددهم ... ونفذ وعيده من داخل تعز !

نعم ، دماج التي يُعد الوزير"هاني بن بريك "أحد طلابها النابغين ، وصار مُفتياً للانفصال ومعه ثُلة من أصحابه المؤمنين بدعوته حتى العظم.

في نهاية أكتوبر2014 ، وبعد تسهيل  دخول الحوثيين إلى صنعاء بأسابيع قليلة أرسل سفير دولة الكويت في صنعاء مُذكرة لخارجية بلده ينصح فيها بتحويل "تعز" إلى عاصمة مؤقتة لحين عودة صنعاء إلى سابق عهدها ... وتبنت المقترح الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي بعد عرضه عليها .. ومن الطبيعي أنّ مثل هذا المقترح لم يكن ليعجب الحوثيين وصالح وحلفاءهم في صنعاء ... وسيحاربون تحقيقه بكل طاقتهم ... لأنه ضد نفوذهم .

لكن العجيب كما اتضح لاحقاًأنّه لم يلق ترحيباً من "محمد بن نائف" وأيضاً من هادي الذي هرب إلى عدن وعمل على التمكين فيها لدولة الإمارات .. واشتغل بحرص شديد على جعل الحرب مُستمرة ومستعرة في تعز دون تُقدم يُذكر... حتى اللحظة!

وأيضاً رفضه اليدومي والآنسي وعلي محسن وعملوا على نقل قضهم وقضيضهم إلى "مارب" ...التي صارت منذ عام ونيف مخزناً هائلاً لترسانة الأسلحة السعودية .

وهناك من دفع بالشيخ"عبدالمجيدالزنداني" ليستقر سبعة أشهر في تعز قبل أن ينتقل متنكراً بلحية غير مُحناة إلى السعودية ... نشط خلالها على تهيئة تعز لتكون مدينة جهادية تنتقم له وللشيخ حميد الأحمر وأخوانه واليدومي والآنسي من خصومهم  -الحوثيين وصالح - بعدما بذلوا وسعهم لتحويل   "تعز" إلى "مصيدة"!

الغريب أنّ الزنداني رُغم مايشكله من تأثير ونفوذ لم يلق أثناء هروبه من صنعاء مصير "محمد قحطان"الموصوف عندهم مجرد " مبقبق من تعز"..

كُلهم تآمروا على تعز ... الزنداني كما عبدالوهاب الآنسي ، ومحمد اليدومي وهم ينحدرون من أسر وقبائل أصولها من شمال الشمال ... أولهم عاش جزءاً من طفولته في عدن والأخير في جحملية تعز مع والده الذي كان أحد أعوان الامام أحمد قبل الثورة .. وانتقل للدراسة في مصرليعود منها بعد المصالحة مع الملكيين مسئولاً في الأمن السياسي ... أمّا عبد الوهاب الآنسي صاحب ذمار فقد بدأ حياته كادراً بعثياً لفترة ثُم انتقل لحركة الأخوان المسلمين مُسيطراً على مفاصلهابالشراكة مع اليدومي تاركين لمراقبها العام "ياسين عبدالعزيز" العيش الآمن في عزلته الشبيهة بخلوات المتصوفين ..

تعز ، لم تكن متطرفة ولا حاضنة للإرهاب ، هي مدينة العلم والثقافة ، وأهلها أهل كتاب من قبل أن يبعث الرسول مُعاذاً إلى الجند بمئات السنين ...
صحيح أنها الْيَوْمَ تُعاني وتواجه أحقاد السنين ... ولَم تعد حاضرة للثقافة والمدنية .. ولاعاصمة مؤقتة كما اقترح سفير الكويت ... 

إلاّ أنّ ذلك لن يستمر إلى الأبد.

ستخرج منها كل المليشيات ونفايات الإرهاب .. وستعود تعز كما كانت عبر العصور والدهور...

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً