السبت 23 نوفمبر 2024 آخر تحديث: الخميس 21 نوفمبر 2024
أحمد طارش خرصان
إب مدينة محتلة
الساعة 00:47
أحمد طارش خرصان

إب لم تعد آمنةً البتّة ، وكل ما يحدث في إب يكاد يكون الحقيقة التي لطالما تجنبتها إب .
في إب وحدها يستعرض مدمنوا إمتهان إب وإذلالها عضلاتهم على مرأى ومسمع من الجميع ، وفي إب وحدها ولكي تنجو من بطش الحراك المناطقي الذي تقوده قوات الأمن الخاص ( المركزي سابقاً ) ، ليس أمامك سوى الرضوخ والإنحناء، وفي إب أيضاً تصبح الأجهزة الأمنية مصدر قلق وبؤرة موت ، لن تكترث لموت أحدنا على رصيفٍ ، يبدو أنه لم يعد هناك ما يربطه بنا سوى هذا الإذلال المفرط ، وفي إب وحدها نتجرع حماقات العقليات المفخخة وننزفها جثامين وأرواح بريئة ، وفي الحالتين إب وحدها منْ تدفع الثمن .

أمام منزله سقط الطفل مالك الشعيبي ( 14سنة ) قتيلاً ، برصاص السلطة الأمنية إثر اشتياكات منفلتة بين النقطة الأمنية القريبة من منزل مالك الشعيبي وبين مرافقي قيادات أمنية ، والذي دفع بأخ القتيل - كردة فعل مرتجلة - إلى توجيه رصاص بندقيته باتجاه قاتله في مستشفى المنار الذي أسعف إليه قاتل أخيه ليرديه قتيلاً ثأراً لأخيه الملقى أمام عيني أمه وجذوة فؤادها التي أطفأها الإهمال والعجز للأجهزة الأمنية بتفريعاتها المختلفة ، ويفر بعدها إلى جهة مجهولة - بحسب ما بلغني - ليبدأ مسلسل الإمتهان والإذلال لآل الشعيبي ، والذى بدا اليوم أكثر همجية كرسالةٍ ، ربما كان على إب أن تلتقطها منذ البداية ، لتواجه قدرها بشجاعة وتدرك أن السلام الذي تنشده ، لم يكن سوى هذا الذي يلف إب ويشطرها من الوريد إلى الوريد .
عليك أن تظل جاهزاً لأن يدخل جثمان أبيك - أخيك - إبنك - قريبك ) عليك ، وليس عليك سوى البكاء عليه ، والبحث عن مساحة كافية كي تدس فبها جثمانه ، دون أن تبدي تذمراً تجاه الرصاصة التي نالت منه ، كي تخرج من دائرة الإنتقام وتفلتَ من بعض الممارسات التي بدأها اليوم منتسبوا قوات الأمن الخاص تجاه آل الشعيبي ، حيث نصبوا النقاط الأمنية وتفتيش المارة ( بحسب البطاقة الشخصية ) بجانب محطة الجبري للنفط ( مدخل ميتم ) ، هدفها فقط اعتقال كل من ينتهي لقبه ب( الشعيبي ) ، وكأنهم عصابة صدر الأمر السامي الأعلى باعتقالهم والزج بهم في سجون الأجهزة الأمنية ، كإجراء إنتقامي قد يليق بالعصابات الخارجة عن القانون ، لا أجهزة أمنية منوط بها حفظ وحماية المواطن وممتلكاته .

لم يبدِ مدير عام شرطة إب أي موقف ، سوى موقفه المناصر والمتواطئ مع العبث والإنفلات ، وتخليه عن الضحية الضحية التي دفعت حياتها ثمناً لعجزه وفشله .
يرى أبناء إب أنفسهم غرباء في مدينتهم ، وكأنهم نزلاء في مدينة لم يمنحهم السلام سوى هذه الوضعية التي جعلت منهم رخيصي قيمة ، وبين يدي سلطة أمنية وتنفيذية ، يبدو أنها تخلت عنّا جميعاً ، وانضمتْ إلى الجهة المزدحمة بالنخيط والتفوق المناطقي والإنتقاص المتوارث .

يُعتقل آل الشعيبي في حين تراقب إب ما يحدث ، ودونما إدراك أن تلك الأيدي الموتورة والضاغطة على زناد بندقيتها ، ستهب كل منزل وأسرة في إب ما يلزمه من الإذلال والكرامة المنتقصة ، ناهيك عن استلاب حريته وحقه في أن يكون حاضراً كمواطنٍ بسيط جوار القيم الإنسانية والمواطنة المتساوية. 

على إب أن تنتصر لكل مظلوم ومضطهد ، وعليها أن تشعر آل الشعيبي بما يتوجب عليها ، تجاه ما يواجهونه من إمعان في الإذلال والإنتهاك ، وعلى إب أن تقول كلمتها في وجه هذه الممارسات الخرقاء تجاه مدينةٍ ربما عليها أن تعيد ترتيب أولوياتها من جديد ، كي لا تطالها أيدي الفتوات ورجال السوء ، وعليها أن تكون شجاعة بالقدر الذي يمنحها جهازاً أمنياً محترماً لا جهةً تهَبُهَا الموت وفي أقل الإحتمالات كرماً المطاردة والإعتقال بنَفَسٍ مناطقيٍ ، لكم حاولت إب تحاشي الوقوع في كونها ( مدينةً محتلة ) .

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص