السبت 21 سبتمبر 2024 آخر تحديث: السبت 14 سبتمبر 2024
سمير رشاد اليوسفي
للمنشغلين عن اليمن بالسعودية وإيران
الساعة 15:02
سمير رشاد اليوسفي

غالب اليمنيين - إلاّ الأشقياء أوالمرتزقة - لم يكونوا مع إندلاع هذه الحرب .. وهم اليوم ضد استمرارها.

وحتى الذين اشعلوا فتائلها كانوا يظنونها ستستمر أياماً معدودات وستقتصر على الفتك بخصومهم أو ستسمح لهم بالتربع على كراسي الحكم بدلاً عنهم .

لم  يتوقعوا لوهلة أن تتحول أجواء بلدهم وآراضيها إلى ساحة لتجريب مختلف الأسلحة .. أو إلى مفرزة لمليشيات الاٍرهاب المصطنع ، بكافة صنوفه  ..

لم يعد في اليمن رُشْد وحكمة ، يتفق على مرجعيتها كل الخصوم  ... 

صرنا بلداً خال من الإيمان والأمان .. 
قفراً من الحكماء والحكام والحكومات... 

اخواننا يتقاتلون فيما بينهم ، في مناطق كان من المستحيل التنبوء بتحولها إلى ساحات للمعارك ، بسبب طبيعتهاالجيواجتماعية ، مايُؤكد أن اصطناع مناطق الحرب تم وفق مخطط كان يهدف إلى تقسيم اليمن عُنوة إلى فُسطاطين على أسس مذهبية يراد من ورائهما التاسيس لتناحر طائفي مشابه لما يحصل في العراق والشام .. 

نعم ؛ معسكران .. يُتهم الأول  بالتشيع  والتبعية لإيران ، والثاني بالتآمروالسير على سُنن الوهابية السعودية ؟!  

لا يتساءلون : ما الذي يجعل الرياض ،عند طرف منهم ،أحسن من طهران ؟

ولماذا تصير إيران ،عند الطرف الآخر ،أفضل من السعودية؟ 

ولماذا، من حيث المبدأ ، نتعصب  لتلك ،أو لهذه ؟ 

ما هي المعايير ، التي يفترض أن نحتكم اليها؟ 

إذا كان معيار المصلحة العامة ، هو المقياس .. فأيُ البلدين تسببت في انحدار اليمن الى هُوة الفقر،والجهل ، والاقتتال ؟

وفي حال كانت إحداهما أفضل لنا من الأخرى ... وفقاً لهذا المعيار ...هل يستدعي ذلك أن نخوض حرباً عالمية لنصرتها ؛ فنحظى بعد ذلك بشرف استعبادها لنا؟!

ومع ذلك ، فهذه المصلحة غير ملموسة من الطرفين، لدى شعبنا ، طيلة ما مضى من شهور الرعب والدم ...فلماذا نخوض حرباً لا "طهران" لنا فيها ، ولا"ظهران"؟

حربُ قوضت كل منجز، وأحالته إلى رُكام ، وما تبقى من مدارسنا ومستشفياتنا
الناجية من القصف ، تحولت إلى معسكرات .. أو ملاجئ للنازحين ...

لنتساءل أيضاًعن حروب الماضي القريب :

ما الذي استفاده حكام الخليج من دعم صدام ، لمحاربة ثورة الخميني ، على مدى ثمان سنوات ... 
ولماذا شنقته الرياض بحبال أعدائه ومشانق خصومها .. بعد محاصرته لثلاثة عشرعاماً .. 

وعقب إنتصارحلفاءهم الأمريكان، وفتحهم لبغداد : لماذا ذهبت العراق إلى ايران دون رجعة!

في بهو فندق وسط العاصمة بيروت ، قبل ست سنوات التقيت مصادفة صحافي سعودي ، كنت قد تعرفت عليه قبلها بأشهرفي الرياض ضمن لقاء موسع ضم قيادات المؤسسات الإعلامية في البلدين ، وصاريظهر منذ بداية الحرب متحدثاً عنها في قناتي العربية  والحدث .. 

تحادثنا يومها عن تورط بلاده في الحرب "السادسة "ضد الحوثيين .. وتفاجأت أنّ المذكور لايعرف عن اليمن سوى معلومات بسيطة استقاها من ذلك الملتقى أو من مغتربين يمنيين حكمت عليهم الظروف العمل في السعودية .. 

كان مستغرباً من صمود الحوثيين ، لكنه ختم نقاشنا بالقول : "إذا دخلنا حرباً حقيقية .. في الأخير ، ستنتصر السعودية ، لا تنس "إنّ أمريكا معنا" وانظر ماذا فعلنا في العراق" مشيراً بأصبعه لمشهد يبثه التلفازأمامنا لعراقيات يرقصن على أغنية شعبية!
 
هذا رأي الصحافي الذي جعلته الحرب متخصصاً في الشأن اليمني ... "سينتصرون بأمريكا" ، وسيجعلون اليمنيات "يرقصن في فضائيات مبتذلة" .!!

 بالمقابل ، فإنّ البروباجندا الدينية في إيران تختزل اليمن في المكان الذي يأتي منه "اليماني" السابق لظهور "المهدي ".. بعد مجازر ومذابح يُقتل فيها اليمانيون وتسيل دماءهم للركب ..وفي هذا الصدد أصدر المرجع الديني الجعفري "حسين كوراني "قبل سبعة أشهر كتاباً أسماه "اليمانيون" ذكر فيه أنه سبق له زيارة اليمن ، والتقى في مكتبة داخل صعدة بالشيخ السلفي مقبل الوادعي ،الذي بدا له شخصاً دون المستوى ،عكس الصورة النمطية التي كانت مرسومة عنه .. وأرجع مؤلف هذا الكتاب ، وهو قيادي في حزب الله اللبناني جذورأسرته إلى "مأرب " .

  إذن .. هاهي السعودية تقتلنا كل ساعة..لحمايتنا من "إيران"..التي لم  نر لها أثراً مادياً .. وأياً يكن خطرها ؛فلن يكون أسوأ مما نحن عليه بعد تدخل السعودية لإنقاذنا   ... 

لقد حولت هذه الحرب الملعونة  زغاريدالآعراس إلى مآتم زاعقة بالأحزان .. وقاعات العزاء إلى محارق شواء بجثث متفحمة.. قصفت دورالعبادة ، وأباحت قتل المصلين في الجماعات والجُمع... 
 
وفرضت تقسيماً للأقاليم في مخالفة للدستورالنافذ،وبمرجعية أمراء الحروب ، واستهانة بمسودة الدستورالتي اشعلواالحرب بذريعتها لأنها بحاجة إلى أغلبية في إستفتاء شعبي لم يتم بعد .

مؤسف أن يرضخ أعضاء مؤتمر الحوار لفرض إنفصالات جهوية وطائفية محتقنة بضغائن الحرب ، تحت دعوى الأقاليم ، وفقاً لمنطق " الأرض ، للباسط عليها "...

كل ذلك حدث في معظم اليمن التي كانت آمنة مطمئنة ،إلى أن ألقت الفتنة رحالها في نفوسنا وأرضنا..

لا يكفي الإقرار والاعتراف بهذه الجرائم المروعة .. وأي تجريم لفعل  ينبغي أن تتبعه عقوبات ومحاسبة.. 

 مذبحة عزاء الرويشان - وكل اليمن صارت قاعة عزاء - أتمنى أن تكون قد أشفت غليل أخواننا العربان ، فيرفعون عن اليمن حربهم العبثية ، مع أني أجزم أن مجزرة العزاء التي اعترفوا بها قسراً أضرت بهم أكثر مما نفعتهم ...

  أما( اليمانيون ) فلا طريق أمامهم للخروج من هذه المتاهة ، غير العودة  للحوار ، وصولاً للمصالحة ، والتوافق .

شارك برأيك
المشاركات والتعليقات المنشورة لاتمثل الرأي برس وانما تعبر عن رأي أصحابها
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
اختيارات القراء
  • اليوم
  • الأسبوع
  • الشهر
  • الأكثر قراءة
  • الأكثر تعليقاً